بعد تحالفها مع "النهضة".. هل تنجح "جبهة الخلاص" في التحريض على الرئيس التونسي؟

بعد تحالفها مع "النهضة".. هل تنجح "جبهة الخلاص" في التحريض على الرئيس التونسي؟


05/06/2022

في تطور لافت، أُعلِن بشكل رسمي يوم الثلاثاء 31 أيار (مايو) الماضي عن تشكيل الهيئة السياسية لما يُسمّى بجبهة الخلاص الوطني في تونس، وتكونت الهيئة التنفيذية من: أحمد نجيب الشابي، سميرة الشواشي، جوهر بن مبارك، رضا بالحاج، سمير ديلو، رضا الشعيبي، محمد أمين سعيداني، يسري الدالي، سامي الشابي.

الجبهة أعلنت أيضاً عن تشكيل لجنة للحريات، برئاسة سمير ديلو، ولجنة قانونية برئاسة رضا بلحاج، ولجنة اتصالية برئاسة جوهر بن مبارك، بالإضافة إلى منتدى ''لنفكر معاً'' برئاسة صلاح الدين الجورشي.

نجيب الشابي أعلن فور تدشين الجبهة بشكل رسمي، وأنّ الهدف هو التصدي للرئيس قيس سعيّد، وادّعى أنّ الجبهة نجحت في توحيد القوى "التي أقسمت على أنّها ستواصل وتضحي بالنفس والنفيس؛ حتى توقف هذه المؤامرة"، بحسب مزاعمه.

تحالف انتهازي

المحامي التونسي المختص بالقانون الدولي، الناشط السياسي، حازم القصوري، خصّ "حفريات" بتصريحات قال فيها: إنّ جبهة الخلاص هي جبهة تمثل استنساخاً لتجربة 18 تشرين الأول (أكتوبر)، التي تشكلت من أجل تكوين جبهة معارضة للرئيس زين العابدين بن علي، لكن فشلت هذه الأطراف في أن يكون لها موقع قدم في تونس، وفي نهاية الأمر سيطر الإخوان على الحياة السياسية، بينما لعب الآخرون أدواراً هامشية، بعد أن أدارت حركة النهضة ظهرها لهذه الجبهة، وبالتالي يمكن القول إنّ تحالف 18 تشرين الأول (أكتوبر) كان تحالفاً ظرفياً، خدم في النهاية أجندة الإخوان المسلمين، وذلك على مدار العشرية التي هيمنت فيها حركة النهضة على الحكم.

القصوري: جبهة الخلاص "ولدت ميتة"، فلا سند لها من الناحية الواقعية أو القانونية

ويرى القصوري أنّ جبهة الخلاص "ولدت ميتة"، فلا سند لها من الناحية الواقعية أو القانونية، فهي تلعب بورقة الحريات والحقوق، مثلما فعلت جبهة 18 تشرين الأول (أكتوبر)، التي لم تحرك ساكناً أمام الانتهاكات التي قامت بها حركة النهضة بحق المدونين والصحافيين، ونشطاء المجتمع المدني، ووصف القصوري المنخرطين في الجبهة بأنّهم "مجموعة من السياسيين الانتهازيين، سوف تتساقط أقنعتهم تباعاً أمام الشعب التونسي".

تحريض ممنهج واستقواء بالخارج

من جهتها، باشرت الجبهة نشاطها المناوئ للرئيس قيس سعيّد، وفق تحركات ممنهجة بالتنسيق مع حركة النهضة لخلق حالة من التحريض والارتباك في المشهد السياسي، ففي 28 أيار (مايو‏) الماضي، أصدرت الجبهة بياناً حول استفتاء 25 تمّوز (يوليو) الماضي، زعمت فيه أنّ مختلف القوى الديمقراطية تصدت "للتمشي الانقلابي الذي سلكه قيس سعيّد منذ 25 تموز (يوليو) 2021، والذي كانت آخر حلقاته، وضع يده على الهيئة المستقلة للانتخابات، بإصداره بصفة أحادية المرسوم عدد (22) المؤرخ في 22 نيسان (أبريل) 2022، محاولة المرور بقوة لتنفيذ خريطة طريقه"، بحسب مزاعم البيان.

جبهة الخلاص انتهجت في البيان نوعاً من الاستقواء بالغرب، حيث لوحت برأي اللجنة الأوروبية للديمقراطية، الذي زعمت أنّه نزع كلّ شرعية عن هذا المسار الإصلاحي الوطني، الذي أعلن عنه الرئيس قيس سعيّد، دون أن توضح حيثيات هذه اللجنة، وصلاحياتها القانونية في تونس.

 

نزار الجليدي: الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لعب دوراً كبيراً في تكريس هيمنة حركة النهضة، حيث يترأسه قيادي إخواني دأب على إنكار انتمائه لحركة النهضة

 

وادّعت الجبهة أنّها تتبنّى موقف مجلس نواب الشعب (المنحل)، وأمعنت في التحدي بمحاولتها منح الشرعية لجلسته المنعقدة يوم 30 آذار (مارس) الماضي، واصفة المراسيم الاستثنائية بأنّها "غير شرعية"؛ لأنّها صدرت عمّا سمّتها "سلطة الانقلاب"، زاعمة أنّ الأمر الداعي للاستفتاء "غير شرعي، ولاغٍ، وليس له أثر قانوني".

ودعت الجبهة "كافة القوى السياسية والمدنية إلى التصدي له وإسقاطه، والعمل على انعقاد حوار وطني ناجز وشامل لبحث سبل إنقاذ تونس من أزمتها السياسية والاجتماعية المتفاقمة".

بالتوازي مع ذلك، أعلنت جبهة الخلاص أنّها سترفع طعوناً في المراسيم عدد (22)، وعدد (30)، والأمر عدد (506) المتعلق بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء؛ باعتبارها أعمالاً غير محصّنة دستورياً وتشريعياً من الطعن بالإلغاء، بحسب مزاعم الجبهة.

دعم الأذرع الإخوانية

في 31 أيار (مايو) الماضي، وكدلالة على هيمنة حركة النهضة على جبهة الخلاص، أصدرت الجبهة بياناً دعمت فيه الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، الذي تهيمن عليه حركة النهضة، زاعمة أنّ مؤيدي الرئيس، الذين وصفتهم بالانقلابيين، يستهدفون الاتحاد ورئيسه عبد المجيد الزار، مؤكدة شجبها لهذه الأعمال، التي زعمت أنّها تستهدف استقلالية منظمات المجتمع المدني، داعية "كافة القوى السياسية والمدنية إلى الذود عن استقلاليتها، والتضامن مع الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد والبحري".

الكاتب الصحفي التونسي نزار الجليدي خصّ "حفريات" بتصريحات قال فيها: إنّ الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لعب دوراً كبيراً في تكريس هيمنة حركة النهضة، حيث يترأسه قيادي إخواني دأب على إنكار انتمائه لحركة النهضة، واتهم الاتحاد بالتسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق وغير مبرّر، وتمّ تجفيف الأسواق من عدد من المواد الحيوية بقصد إرباك الشارع التونسي.

 باشرت الجبهة نشاطها المناوئ للرئيس قيس سعيّد، وفق تحركات ممنهجة بالتنسيق مع حركة النهضة لخلق حالة من التحريض والارتباك في المشهد السياسي

الجليدي قال: إنّ رئيس الجمهورية حين فطن إلى ذلك، كان لزاماً عليه تحرير هذا الاتحاد العريق من قبضة الإخوان، وهو ما تكفّل به أكثر من ثلثي المكتب التنفيذي، الذي سحبوا الثقة من رئيس الاتحاد الإخواني، بدعم من رئيس الجمهورية، الذي كان صريحاً برفضه الحوار مع اتحاد يُعتبر رئيسه رمزاً للفساد في القطاع الفلاحي، وهذا ما أكّده الرئيس الجديد المنتخب للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري نور الدين بن عياد، خلال لقائه برئيس الجمهورية، وترفض النهضة وكذلك جبهة الخلاص الاعتراف بهذه التغييرات الثورية، وتصرّ على بقاء رئيس الاتحاد المعزول.

معركة جديدة حول القضاء

أصدر الرئيس قيس سعيّد ليلة الأربعاء، الأول من حزيران (يونيو) الجاري، أمراً يقضي بعزل (57) قاضياً، من بينهم قُضاة عُرفوا بانتمائهم لحركة النهضة، والتلاعب في الملفات الحيوية، وأبرزها ملف الجهاز السرّي، مع تعمّد عرقلة عمل المرفق القضائي، من أجل هيمنة الحركة، ومنح قراراتها الشرعية القانونية.

جبهة الخلاص تحركت فور قرارات الرئيس الرامية إلى تطهير القضاء، زاعمة أنّ مرسوم الرئيس مخالف لمبدأ الفصل بين السلطات، وأنّ قيس سعيّد أعطى لنفسه "حقّ عزل القُضاة بناءً على مجرّد الشبهة، دون حقّ الاعتراض، وقبل أن يقول القضاء الجزائي رأيه النهائي في تلك الشبهات".

 

جبهة الخلاص اتهمت الرئيس التونسي بهدم ما تبقى من صرح الديمقراطية، وتقويض مبدأ الفصل بين السلطات، من أجل تطويع القضاء وتسخيره لخدمة السلطة السياسية في خصوماتها مع معارضيها

 

جبهة الخلاص زعمت في بيانها الذي أصدرته للتعريض بقرار الرئيس، أنّ تدخل الأخير في سير المرفق القضائي "ينزع عنه ما تبقى له من قرينة الاستقلالية، بعد حلّ المجلس الأعلى للقضاء". وأضافت: "هذا الإجراء الخطير، الذي أقدم عليه رئيس الجمهورية، يؤذن بدفع البلاد إلى المواجهة بين الدولة وبين الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية الوطنية وأصحاب الرأي الحر من إعلاميين ومدونين وأكاديميين، ولن يزيد الأزمة السياسية إلا استفحالاً"، في محاولة واضحة للتحريض والحشد إمعاناً في صنع حالة من الاضطراب السياسي.

جبهة الخلاص اتهمت الرئيس التونسي بهدم ما تبقى من صرح الديمقراطية، وتقويض مبدأ الفصل بين السلطات، من أجل تطويع القضاء وتسخيره لخدمة السلطة السياسية في خصوماتها مع معارضيها، داعية كافة القوى السياسية والاجتماعية لتوحيد كلمتها والوقوف صفاً واحداً في وجه الرئيس.

مواضيع ذات صلة:

هل يجر اتحاد الشغل تونس إلى فوضى جديدة؟

الهجرة غير الشرعية في تونس تواصل حصد الأرواح.. أما من حلول؟

لماذا يعارض اتحاد الشغل التونسي مسار قيس سعيّد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية