بعد إدانته رسمياً... طارق رمضان يعيد صياغة التاريخ "السيّئ" لجماعة الإخوان

بعد إدانته رسمياً... طارق رمضان يعيد صياغة التاريخ "السيّئ" لجماعة الإخوان

بعد إدانته رسمياً... طارق رمضان يعيد صياغة التاريخ "السيّئ" لجماعة الإخوان


26/09/2024

أشعل قرار محكمة سويسرية مؤخراً بإدانة طارق رمضان، القيادي البارز بالتنظيم الدولي للإخوان، وحفيد مؤسس التنظيم حسن البنا، أشعل الجدل مجدداً حول ازدواجية الخطاب الإخواني، بين الادعاءات الأخلاقية التي تروج لها الجماعة كجزء أصيل من إيديولوجيتها، والسلوك المنحرف لقادة التنظيم على مدار تاريخ الجماعة الزاخر بالانحرافات الفكرية والسلوكية. 

وقضت محكمة استئناف سويسرية في 10 أيلول (سبتمبر) الجاري بإدانة حفيد مؤسس تنظيم الإخوان طارق رمضان، بتهمة الاغتصاب والإكراه الجنسي في أحد فنادق جنيف قبل (15) عاماً، وقالت الحكومة المحلية في جنيف: إنّ محكمة استئناف سويسرية ألغت حكم تبرئة طارق رمضان من تهمتي الاغتصاب وإكراه امرأة على ممارسة الجنس، وقالت الحكومة المحلية في جنيف في بيان: "توصل قسم الاستئناف والمراجعة الجنائية إلى أنّ عدداً من شهادات الشهود ووثائق الشهادات والمذكرات الطبية وآراء خبراء خاصين تتوافق مع ما جاء في أقوال صاحبة الشكوى".

طارق رمضان كمرآة لازدواجية الإخوان

يُعدّ طارق رمضان أحد أبرز قيادات تنظيم الإخوان الدولي، وله دور كبير في نشر فكر التنظيم بالمجتمع الغربي، مع ذلك اتهم في عدة قضايا أخلاقية خلال الأعوام الماضية، شكلت بحسب مراقبين ضربة قاصمة للتنظيم داخل المجتمع الأوروبي، ففي تشرين الأول (أكتوبر) 2017، انفجرت أولى القضايا ضد طارق رمضان حينما اتهمته الكاتبة الفرنسية هند عياري بالاعتداء الجنسي. وقد فتحت هذه الاتهامات الباب أمام ضحايا أخريات للكشف عن تجاربهن. ووجهت لاحقاً عدة نساء أخريات اتهامات مشابهة ضد رمضان تتعلق بوقائع حدثت في فنادق باريسية. ووفقاً للشهادات، فقد مارس رمضان ضغوطاً نفسية وعاطفية على الضحايا، مستخدماً سمعته كأستاذ ومفكر إسلامي للتلاعب بهن.

القيادي في تنظيم الإخوان: طارق رمضان

في تطور لاحق للقضايا التي طالت رمضان، تم الكشف عن فضيحة أخرى في مسقط رأسه، سويسرا، فقد اتهمته نساء أخريات بالاعتداء الجنسي عليهن في أعوام سابقة، وتضمنت الشهادات روايات تفصيلية تشير إلى استغلال رمضان لنفوذه الديني والأكاديمي لإقامة علاقات جنسية مع النساء دون رضاهن.

الفضائح الجنسية التي طالت طارق رمضان أثارت جدلاً كبيراً داخل جماعة الإخوان المسلمين وخارجها، فقد كان رمضان دائماً يُعتبر رمزاً للفكر الإسلامي المعتدل في أوروبا، ووجهاً مقبولاً لدى الكثيرين من مؤيدي الجماعة في الغرب، ومع انتشار الفضائح، كان ردّ فعل الجماعة متذبذباً، فبينما اختارت بعض القيادات الابتعاد عن دعم رمضان علناً، فضّل آخرون الدفاع عنه واعتبار الاتهامات جزءاً من مؤامرة تهدف إلى تشويه سمعة الجماعة والإسلام بوجه عام.

واعتبر مراقبون ردّ فعل الجماعة دليلاً آخر على نفاق قياداتها، حيث يتحدثون علناً عن الأخلاق والقيم الإسلامية، بينما يتجاهلون أو يتسترون على الفضائح التي تطال كبار أعضائهم، ورغم أنّ الجماعة كانت دائماً تدعو إلى الالتزام بالشريعة الإسلامية والقيم المحافظة، إلا أنّ عدم وجود موقف واضح وصريح من هذه الفضائح قد أظهر أنّ تلك القيم ليست سوى غطاء للأنشطة السياسية التي تهدف إلى تعزيز نفوذهم وسلطتهم.

كذلك أشارت تقارير إلى أنّ هذه الفضائح قد أثرت بشكل عميق على صورة الجماعة، خصوصاً في الغرب، حيث كانت الجماعة تسعى لتقديم صورة "الإسلام المعتدل" الذي يمكن أن يتعايش مع الديمقراطية والحداثة، فبدلاً من أن تكون الجماعة حاملة للواء الأخلاق والقيم الإسلامية، كشفت تلك الفضائح عن تنظيم يسعى وراء السلطة بأيّ ثمن، حتى لو كان ذلك يعني التستر على الانتهاكات الأخلاقية والجنسية داخل صفوفه، وقد أدى ذلك إلى تقويض ثقة الكثيرين في الجماعة وقياداتها، خصوصاً أولئك الذين كانوا يرون فيها نموذجاً للإسلام السياسي القائم على الأخلاق.

سجل الإخوان السيّئ

على مدار تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، طالت التنظيم قضايا وفضائح أخلاقية عديدة، وتورطت بعض القيادات البارزة في مواقف تتعلق بالسلوك غير الأخلاقي والجنسي. وعلى الرغم من أنّ الجماعة حاولت التستر دائماً على هذه الفضائح، فإنّ بعضها خرج إلى العلن وكشف عن ازدواجية صارخة بين خطابها الأخلاقي وسلوكها العملي.

تورط عبد الحكيم عابدين، أحد القيادات البارزة في جماعة الإخوان المسلمين، زوج أخت حسن البنا، وهو من تولى منصب الأمين العام للإخوان في بداية أربعينيات القرن الماضي، وكان أحد أقرب القيادات لمؤسس الإخوان وتولى منصب رئاسة لجنة التزاور بين الأسر الإخوانية، وقد وُجهت إليه اتهامات بالتحرش الجنسي. 

مؤسس جماعة الإخوان المسلمين: حسن البنا

وكانت مساءلة عابدين أول محاكمة داخلية في تاريخ الجماعة حينما حاول حسن البنا مرشد الإخوان المسلمين تبرئة زوج شقيقته من واقعة التحرش بنساء الإخوان، وحاول حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين أن يظهر في عرضه لمجموعة من القصاصات الصغيرة الصادرة عن مكتب إرشاد الإخوان في القرن الماضي توضح أنّ عبد الحكيم عابدين زوج شقيقته بريء من تهمه التحرش بنساء الإخوان، بل إنّه حاول إلقاء اللوم علي شخص آخر كان من المحكّمين في هذه القضية، وهو الدكتور إبراهيم حسن أحد قادة الإخوان الكبار في ذلك الوقت، واتهم البنا حسن بإشعال الفتنة داخل الإخوان وعدم الرضوخ لرأي الأغلبية، وفق دراسة تناولت القضية نشرتها بوابة الحركات الإسلامية. 

وتشير مصادر تاريخية إلى أنّ أكبر خلاف داخل الجماعة بدأ بين أحمد السكري والبنا على إثر إصرار الأول على اتخاذ موقف محدد من فضائح عبد الحكيم عابدين، والتي على إثرها شكّل البنا لجنة مكونة من كل من أحمد السكري، وصالح عشماوي، وحسين بدر، والدكتور إبراهيم حسن، ومحمود لبيب، وحسين عبد الرازق، وأمين إسماعيل، للتحقيق فيما نسب إلى عبد الحكيم عابدين.

 وقدمت اللجنة تقريراً بتاريخ 1946/1/9، وجاء في التقرير بحسب ما نشرته (العربية): "فضيلة الأستاذ المرشد العام: السلام عليكم ورحمة الله، وبعد... هذه اللجنة التي كلفت بالنظر في مسألة الأستاذ عابدين وحضرات حسن سليمان، فهمي السيد، محمد عمار، زكي هلال، لم توفق في إيجاد التفاهم بين الطرفين - كذا لا تستطيع تحديد المسؤولية بصفة قاطعة بالنسبة إلى إفشاء هذه الفتنة...، وكان لا بدّ لها في مهمتها أن تستوضح الطرفين، فجمعت لهذا الغرض البيانات والاستدلالات في المحاضر المرفقة ملخصة بعض الوقائع، أو كثيراً منها، ولم تشأ أن تخرج عن مهمتها إلى التحقيق الشامل، ولكنّها خرجت من هذه البيانات برأي قاطع - رأت أن تنصح بعدم إجراء تحقيق آخر وتكوين لجنة تحكيم أو غير ذلك، ورأت - حسماً للموضوع - أن يُكتفى بما توفر للّجنة أساساً.

وتابعت: "لتكوين فكرة صحيحة جاء فيها: أوّلاً موقف هؤلاء الإخوة الـ (4) يكون سليماً من كل وجه، ثانياً: اقتنعت اللجنة اقتناعاً كاملاً بما تجمع لديها من بيانات، سواء من طريق الـ (4) المذكورين أو من طريق غيرهم ممّن تقدم إليها من الإخوان - بأنّ الأستاذ "عابدين" مذنب، خصوصاً إذا أضفنا إلى ذلك اعترافه إلى بعض أعضاء اللجنة - وأنّ الذنب بالنسبة إليه - وهو من قادة الدعوة - كبير في حق الدعوة، وفي حق الأشخاص الذين جرحوا في أعراضهم - ويحتم عليها واجبها نحو الدعوة توقيع أقصى العقوبة، لهذا ترى اللجنة بالإجماع فصل الأستاذ عابدين من عضوية الجماعة، ونشر هذا القرار والعمل على مداواة الجروح التي حدثت.


 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية