باحثون يتحدثون لـ"حفريات" عن خفايا مقتل زعيم داعش وعلاقته تركيا

باحثون يتحدثون لـ"حفريات" عن خفايا مقتل زعيم داعش وعلاقته تركيا


14/07/2022

منذ إعلان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، ماهر العكال، تُطرح تساؤلات عديدة حول تكرار وجود عدد من قيادات التنظيم الإرهابي في مناطق نفوذ تركيا والميليشيات المدعومة منها في شمال غرب سوريا، مع الوضع في الاعتبار أنّ الكيانات المسلحة التابعة لأنقرة غالبيتها تنتمي للإسلام السياسي الراديكالي، كما التحقت بها عناصر متشددة من "داعش" بعد هزيمة الأخير في معركة الباغوز، عام 2019.

مقتل والي الشام

وفي ضربة نوعية، متكررة وتقليدية، لاستهداف عناصر إرهابية بسوريا، نفذ البنتاغون بواسطة طائرة مسيّرة أمريكية عملية مقتل العكال، والذي كان على متن دراجة نارية، خارج بلدة جندريس، شمال غربي سوريا، بحسب البيان الصادر عن القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، موضحاً أنّه قد "تم التخطيط بشكل مكثف لهذه العملية لضمان تنفيذها بنجاح. كما أنّ العكال كان مسؤولاً عن تطوير شبكات تنظيم داعش خارج العراق وسوريا".

ووفق الناطق بلسان القيادة المركزية الأمريكية، جو بوتشينو، فإنّ زعيم التنظيم الإرهابي بسوريا هو "واحد من أكبر خمسة قادة للتنظيم المتشدد". وقال الكولونيل جو بوتشينو: "تؤكد هذه الضربة، مجدداً، التزام القيادة المركزية الأمريكية الثابت تجاه المنطقة والهزيمة الدائمة لـداعش". وتابع: "إبعاد قادة (داعش) هؤلاء سيعطل قدرة التنظيم الإرهابي على مزيد من التآمر وتنفيذ هجمات عالمية. كما أنّ داعش لا يزال يمثل تهديداً للولايات المتحدة وشركائها في المنطقة، والقيادة المركزية الأمريكية تحتفظ بوجود كاف ومستدام في المنطقة، وستواصل مواجهة التهديدات ضد الأمن الإقليمي".

شيار خليل: المشاريع التي يروج لها أردوغان وحزبه ومؤيدوه فاشلة

تعتبر الضربة الأخيرة للتحالف في منطقة عفرين، الخاضعة لسيطرة القوات التركية، والميليشيات المحلية التابعة لها، ضربة نوعية لتنظيم داعش الإرهابي، وللقوى الراديكالية في المنطقة، لا سيما أنّ فصيل "فيلق الشام" الذي يتبع لتنظيم الإخوان المسلمين يسيطر على ناحية جنديرس التي استهدف فيها زعيم التنظيم الإرهابي في آذار (مارس) عام 2018، حسبما يوضح الكاتب السوري، مدير تحرير مؤسسة "ليفانت" اللندنية، شيار خليل.

ملاذات آمنة لداعش برعاية تركية

ويشير خليل، المقيم في فرنسا، في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ السماح بدخول زعيم التنظيم الإرهابي الى المناطق التابعة للاحتلال التركي في سوريا ينسف نظرية أردوغان، أو بالأحرى مزاعمه بأنّ المناطق الواقعة تحت سيطرة قواته تعتبر آمنة، ومن ثم، يمكن بناء مشاريع سياسية وعسكرية فيها.

ويردف: "من يعرف جغرافية المنطقة وهندستها العسكرية، يعلم تماماً أنّ أغلب عناصر التنظيم انتشروا في مناطق سيطرة تركيا وبحماية من الاستخبارات التركية، والفصائل المحلية المسلحة التابعة لها. كما أنّها ليست المرة الاولى التي يستهدف فيه التحالف الدولي عناصر التنظيم في شمال غرب سوريا".

وفي الطرف الآخر، لا يمكن تجاهل أنّ عناصر من تنظيم داعش شاركت بجانب الجيش التركي في اقتحام شرق الفرات تحت مسمى "الجيش السوري الحر"، وهم مبايعون لتنظيم داعش، منذ عام 2014، ومنهم أبو دجانة الكردي من حركة أحرار الشام، يقول خليل.

الضربة الأمريكية الأخيرة تأتي في غضون خمسة أشهر على عملية مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، أبو ابراهيم الهاشمي القرشي، والتي نفذتها قوات أمريكية خاصة في محافظة إدلب

وعليه؛ فالضربة الأمريكية الأخيرة تعتبر نوعية ومهمة، كما تؤكد على أنّ عناصر التنظيم وقادته مازالوا منتشرين في المنطقة وتحت الحماية التركية، وفق المصدر ذاته، كما أنّ المشاريع التي يروج لها أردوغان وحزبه ومؤيدوه من الإخوان لعودة السوريين إلى تلك المناطق هي "مشاريع فاشلة بامتياز بل وتعرض حياة اللاجئين للخطر".

وبالتزامن مع مقتل العكال الذي جاء بعد عمل "استخباري حازم ودقيق"، وفق تعبير الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الأمر الذي سيحد من قدرة داعش على التخطيط والوصول للموارد، ويخرج إرهابياً رئيسياً من الميدان، فإنّ مقاتلات حربية روسية نفذت سلسلة غارات بصواريخ شديدة الانفجار، في رابع أيام عيد الأضحى، جنوب إدلب، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقره لندن.

واعتبر الرئيس الأمريكي أنّ القضاء على العكال "يبعث برسالة قوية إلى جميع الإرهابيين الذين يهددون العالم". وشدد في بيان على أنّ "عملية اليوم توضح أنّ الولايات المتحدة لا يلزمها إرسال الآلاف من القوات في مهام قتالية، لتحديد التهديدات التي تواجهها والقضاء عليها". وتابع: "هذه الضربة الجوية تمثل تتويجاً لعمل استخباراتي حازم ودقيق وتقف كدليل على شجاعة ومهارة قواتنا المسلحة".

ورقة التنظيمات الإرهابية

واللافت أنّ الضربة الأمريكية الأخيرة تأتي في غضون خمسة أشهر على عملية مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، أبو ابراهيم الهاشمي القرشي، والتي نفذتها قوات أمريكية خاصة في أطمة بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا.

وعلى الرغم من أهمية تصفية زعيم داعش في سوريا بوساطة طائرة مسيّرة أمريكية، كونه كان الرجل الأول في التنظيم الإرهابي، وبخاصة في ما يتصل بالتمويل، وسيطرته على مصادر الدعم المالي الموجودة في تركيا، تحديداً الذهب، إلا أنّ الملفت في هذه العملية هو تكرار سيناريو قتل زعماء وقيادات التنظيم في المناطق التي تحتلها أنقرة، حسبما يوضح الدكتور زارا صالح الباحث السياسي في دراسات السلام وحل النزاعات الدولية في جامعة كوفنتري ببريطانيا، الأمر الذي يؤكد، بشكل مباشر، على وجود علاقة وشراكة بين تركيا وداعش، واستمرار التزاوج بين حزب العدالة والتنمية والتنظيم الإرهابي.

 قيادات داعش باتت ترى في مناطق النفوذ التركي في سوريا ملاذات آمنة لها

ويرى صالح في حديثه لـ"حفريات" أنّ ما يجري بين الطرفين (تركيا وداعش) يؤكد على أكثر من حقيقة: "التأكيد على حقيقة ارتباط أردوغان والتنظيمات الإرهابية، ومنها داعش، بالإضافة إلى أنّ معظم قيادات وعناصر داعش هم أعضاء ضمن الفصائل السورية التابعة لأنقرة. ولعل وجود بطاقة الهوية الشخصية، الصادرة عن الحكومة المؤقتة التابعة لتركيا، لزعيم التنظيم (ماهر العكال)، بالإضافة إلى كونه عضواً في تنظيم (أحرار الشرقية)، المصنف إرهابياّ على اللوائح الأمريكية، يثبت المظلة التركية التي توفر الحاضنة لداعش".

يضاف إلى ذلك، أنّ استخدام ورقة التنظيمات الإرهابية بيد تركيا له جملة أهداف، منها التغييرات الديمغرافية في المناطق الكردية كما يحصل في منطقة عفرين، يقول صالح.

الصحفي السوري الكردي، بدرخان علي لـ"حفريات": قيادات داعش باتت ترى في مناطق النفوذ التركي في سوريا ملاذات آمنة لها، بناء على تفاهمات مصلحية مع الاستخبارات التركية

يتفق والرأي ذاته، الكاتب والصحفي السوري الكردي، بدرخان علي، والذي يؤكد على أنّ قيادات داعش باتت ترى في مناطق النفوذ التركي في سوريا ملاذات آمنة لها، وذلك بناء على تفاهمات مصلحية مع استخبارات الدولة التركية، من جهة، ونظراً لصلاتها الاجتماعية مع أوساط مقاتلي الميليشيات السورية التي تطلق عليها تركيا مسمى "الجيش الوطني السوري"، من جهة أخرى، لا سيما التي تنحدر من المنطقة الشرقية، وعلى نحو خاص الفصيل الدموي الإجرامي "أحرار الشرقية".

ويضيف علي لـ"حفريات": "من المعروف أنّ العشرات من مقاتلي "داعش" وجدوا سهولة بالغة في تبديل مواقعهم إلى فصيل "أحرار الشرقية" بمباركة الراعي التركي؛ إذ إنّ القيادي المستهدف  في منطقة عفرين/ ناحية جنديرس كان يحمل بطاقة مدنية مزورة منحها له المجلس المحلي الذي شكله الاحتلال التركي، وجرى استهدافه في قرية "خالتا" التي تحتلها ميليشيا "أحرار الشرقية"".

ووفق معلومات لشبكة" عفرين بوست"، وهي شبكة محلية، مختصة بشمال وشرق سوريا، فإنّ القيادي المقتول كان "يتحرّك بصفته عضواً في الميليشيا الإجرامية (أحرار الشرقية)، أي أنه ليس مجرد ضيف على المنطقة أو مختبئ في مكان خفي، كما هو الحال بالنسبة لقيادات من "داعش" مثل  البغدادي والقرشي، المقتولين كذلك على مقربة من الحدود التركية. والعكال نفسه كان من بين المستهدفين في غارة أمريكية قبل ما يقارب الشهر في ريف جرابلس (الخاضع لتركيا أيضاً) لكنه نجا، وقتذاك، من القتل والاعتقال.

 

مواضيع ذات صلة:

خبيران أمريكيان يقدّران حجم تهديد الدولة الإسلامية في خراسان

داعش في "ولاية خراسان": معضلة أفغانستان الجديدة

أفغانستان و"داعش خراسان"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية