انتخابات تونس.. هل يكرر سعيد سيناريو 2019 برغم الأجواء السياسية المشحونة؟

انتخابات تونس.. هل يكرر سعيد سيناريو 2019 برغم الأجواء السياسية المشحونة؟

انتخابات تونس.. هل يكرر سعيد سيناريو 2019 برغم الأجواء السياسية المشحونة؟


06/08/2024

وسط أجواء سياسية مشحونة واحتقان متصاعد، انطلق السباق نحو الرئاسة التونسية برغم الانتقادات الواسعة بعد أن شددت الهيئة المشرفة على الانتخابات شروط الترشح التي صارت تتطلب التزكية من خلال جمع تواقيع 10 نواب في البرلمان، أو 40 رئيسا للسلطات المحلية، أو 10 آلاف ناخب (500 توقيع على الأقل في كل دائرة انتخابية).

وتحاول جماعة الإخوان منذ إجراءات 25 تموز/يوليو 2021، التي خرجت بموجبها من دوائر الحكم وأسوار البرلمان، تأليب الرأي العام ضد الرئيس التونسي قيس سعيد، وافتعال أزمات مست أغلبها قوت التونسيين، إلى جانب تأزيم الأوضاع السياسية، عبر أذرعت غرستها داخل الإدارات التونسية، خلال سنوات حكمها.

يُذكر أنه في انتخابات رئاسية، جرت عام 2019، فاجأ المرشح المستقل أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد، الجميع، بعد أن منحه التونسيون انتصارا باهرا واختاروه في الجولة الأولى من بين 26 مرشحا للرئاسة، وعادوا لتثبيته في الدور الثاني.

حينها فسّر المراقبون هزيمة 25 مرشحا دخلوا السباق الرئاسي إلى جانبه، بينهم رؤساء حكومات ووزراء ورئيس دولة سابق، بردّ فعل التونسيين تجاه أحزاب وحكومات متعاقبة لم تتمكن من إيجاد حلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي المأزوم في البلاد.

سعيد يترشح رسميا لولاية ثانية

تقدّم الرئيس التونسي قيس سعيّد، صباح الاثنين، رسميا بملف ترشحه للرئاسة لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المشرفة على الاستحقاق الرئاسي، لينضم بذلك إلى أربعة مرشحين آخرين ممن تقدموا رسميا بملفات ترشحهم، وهم من الشخصيات التي لا وزن سياسيا لها.

ونقلت إذاعة "موزاييك" التونسية الخاصة تأكيد سعيد بأن المتطوعين جمعوا أكثر من 240 ألف تزكية، مشيرا إلى أنهم قاموا بحملة توقيعات بمواردهم الخاصة.

 

الرئيس التونسي يتمتع بحظوظ وافرة للفوز بولاية جديدة فيما تظهر المعارضة في موقع الطرف الضعيف العاجز عن اتخاذ خطوات عملية 

 

وكان بإمكان الرئيس التونسي جمع أكثر من ثلاثة ملايين تزكية وفق ما أكد القيادي بحزب مسار 25 يوليو عبدالرزاق الخليوي في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك، لكن قيس سعيد لم يجند أحدا لجمع التأييدات بل تطوع البعض ممن يثقون فيه قيادة تونس نحو الإصلاح والازدهار.

وقال سعيّد (66 عاما) من أمام مقرّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حيث قدم ملفه إنها "حرب تحرير وتقرير مصير وثورة حتى النصر في إطار المشروعية الشعبية وسننتصر من أجل تأسيس جمهورية جديدة"، متابعا: "لن نقبل بأن تدخل أي جهة أجنبية في اختيارات شعبنا"، مضيفا أن الشعب هو صاحب السيادة وحده''.

وبحسب تقديرات صحيفة "العرب" اللندنية، فإن الرئيس التونسي يتمتع بحظوظ وافرة للفوز بولاية جديدة، فيما تظهر المعارضة في موقع الطرف الضعيف العاجز عن اتخاذ خطوات عملية يمكن أن تحد من فرص نجاح سعيد، خاصة مع استحالة الاتفاق على مرشح واحد في ظل الخلافات التي ورثتها الأحزاب والمجموعات المختلفة من مرحلة ما قبل 25 يوليو 2021.

كما لفتت الصحيفة إلى أن بعض المعارضين التونسيين يسعون إلى تحويل تفاصيل صغيرة تتعلق ببطء الإجراءات الإدارية الخاصة بالسجل العدلي والتأييدات (التزكيات) الشعبية إلى حملة شخصية ضد الرئيس قيس سعيد بدلا من تقديم برامج وأفكار واضحة تقنع الناس وتغير مزاجهم الذي يتجه بشكل كبير نحو التجديد للرئيس الحالي ومنحه ولاية ثانية لاستكمال خطط التغيير التي بدأها قبل ثلاث سنوات.

ووفق لتقرير لمجلة "جون أفريك"، ينحو الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى اعتماد نهج "براغماتي" في إدارة الحكم قبل أشهر من انتخابات رئاسية يُرجح أن يفوز فيها بولاية رئاسية ثانية. 

ولم تترشح لسباق الرئاسة شخصيات سياسية وازنة، حيث تقدم 4 مرشحين منذ فتح باب الترشحات بمطالب الترشح للانتخابات الرئاسية وهم على التوالي فتحي خميس كريمي، وليلى الهمامي، ويسري سليمان، كما تقدمت هيئة الدفاع عن رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، الموقوفة على ذمة قضايا منذ تشرين/الأول أكتوبر، بملف ترشحها.

حظوظ سعيد وفيرة

وعلى عكس كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة التي نظمت بعد 2011، لم تعلن في تونس عن نتائج لعمليات سبر آراء بخصوص الاستحقاق الانتخابي، التي قد تعطي فكرة عن نوايا تصويت التونسيين ونسب المشاركة المتوقعة فيها.

 

بعض المعارضين يسعون إلى تحويل تفاصيل صغيرة تتعلق ببطء الإجراءات الإدارية الخاصة بالسجل العدلي والتأييدات الشعبية إلى حملة شخصية ضد سعيد

 

في السياق، قالت المحللة السياسية أحالم العبدلي في تصريح لموقع "المشهد العربي"، إن قراءة في المزاج العام للشارع التونسي تؤكد أن الرئيس سعيد تبدو لديه حظوظ وافرة للفوز في هذه الانتخابات، مشيرة إلى أنها تتم في ظل معركة سياسية واضحة بين منظومة 24 يوليو التي يمثلها أكثر من مرشح ومنظومة 25 يوليو التي يمثلها الرئيس سعيد.

وقالت إن سعيد يمثل منظومة 25 يوليو التي قامت على تفكيك منظومة الحكم السابقة بقيادة الإسلاميين طيلة أكثر من 10 سنوات أو ما صار يعرف بالعشرية السوداء، لافتة إلى أن سعيد طرح مشروًعا سياسًيا جديًدا ينوي استكماله بالترشح لعهدة ثانية وله أنصار ُكثر يؤمنون به ويساندونه وهو ما كان واضًحا في أغلب المحطات السابقة بداية من الاستفتاء على الدستور إلى الانتخابات التشريعية.

وبّينت العبدلي أن التونسيين أو جزء مهم منهم أعطى تفويًضا لسعيد للمضّي في هذا المسار وسيحرصون على تجديده، على حد تعبيرها.

تزوير تزكيات

والخميس، فتح القضاء التونسي تحقيقا ضد 3 أشخاص مشتبه بهم في تزوير تزكيات الناخبين لصالح مرشحين للانتخابات الرئاسية، في وقت دعا فيه الرئيس قيس سعيد إلى محاربة التجاوزات وضمان شفافية العملية الانتخابية.

وقد تحرّك القضاء، بحسب "العربية نت"، بعد حجز آلاف التزكيات المزورة لفائدة مرشحين للرئاسيات المرتقبة مقابل مبالغ مالية متفاوتة، وبعدما أثبتت الأبحاث تحوّز أحد الناشطين في الحملات الانتخابية على قاعدة بيانات تحتوي على 19887 هوية.

وبحسب القانون الانتخابي، يشترط على كل مترشح للانتخابات الرئاسية، تجميع 10 آلاف تزكية على الأقل من الناخبين موزعة على 10 دوائر انتخابية تشريعية على الأقل، على ألا تقل عن 500 تزكية في الدائرة الانتخابية التشريعية الواحدة، أو الحصول على تزكية 10 نواب من البرلمان أو من المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أو 40 من رؤساء الجماعات المحلية.

وينص الفصل 158 من القانون الانتخابي في تونس، على أنه "يعاقب بالسجن 6 أشهر وبغرامة قدرها ألف دينار، كل شخص ينتحل اسما أو صفة أو يدلي بتصريحات أو شهادات مدلّسة أو يخفي حالة حرمان نص عليها القانون، أو يتقدّم للاقتراع بأكثر من مكتب اقتراع، وكل من أورد عمدا بيانات كاذبة في مطلب الاعتراض على القائمات الانتخابية أو في مطلب ترشحه".

الإخوان يواصلون حملات التشويه

واستبقت المعارضة التي يقودها ائتلاف من الأحزاب بينها حركة النهضة الإخوانية الاستحقاق الرئاسي بالتشكيك في نزاهة الانتخابات، والزعم بعدم وجود حرية، والعمل على مساندة مرشح مستقل، أملاً في العودة إلى المشهد السياسي بعد أن لفظها الشارع التونسي.

 

استبقت المعارضة التي يقودها ائتلاف من الأحزاب بينها حركة النهضة الإخوانية الاستحقاق الرئاسي بالتشكيك في نزاهة الانتخابات

 

وكان الرئيس قيس سعيّد قد حذر خلال لقائه، مؤخرا، بوزير الداخلية خالد النوري، من وجود "لوبيات" تسعى للمشاركة في الانتخابات الرئاسية من وراء الستار، داعيا إلى مضاعفة الجهود لفرض احترام القانون، خاصة في هذه الفترة.

كما تسعى الجماعة إلى تأجيج الأوضاع في البلاد وتفكيك الدولة من الداخل من أجل العودة إلى المشهد السياسي، إذ أكد سعيد، مؤخرا، أن "هناك من يتآمر على أمن الدولة حتى من وراء القضبان، وما زالت الأموال تتدفق عليهم (الإخوان) من الخارج".

إلى ذلك، أجمع مراقبون على أن جماعة الإخوان تريد إفشال مسار الانتخابات الرئاسية من أجل مصلحتها، كما أنها تحاول من خلال أذرعها السياسية، كجبهة الخلاص الإخوانية، تأجيج الوضع الداخلي وحشد المظاهرات قبيل الانتخابات.

كما يرى محللون أن الجماعة تدرك جيدا حجم اللفظ الشعبي لها، فعندما رشحت نائب رئيس حركة النهضة عبد الفتاح مورو في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، خسرت بشكل كبير".

وفي انتخابات عام 2019، فاز أستاذ القانون الدستوري، الذي حظي بتأييد كبير بين الشباب، برئاسة تونس بنسبة 71.72 بالمئة من الأصوات، حسب النتائج الرسمية التي الهيئة المستقلة للانتخابات.
 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية