اهتز الشارع في مدينة برج بوعريريج بشرق العاصمة الجزائر على وقع حادثة العثور على إمام أحد المساجد مشنوقاً، فيما يبدو أنّه فعل انتحاري غير مسبوق في أوساط الكوادر الدينية.
وأظهرت رسالة كان قد وجهها الإمام المنتحر للمسؤولين عن تعرّضه للضغوطات والتحرشات من محيط المسجد، وهي الظاهرة التي باتت تتكرر في بعض المساجد الجزائرية نتيجة الخلافات والصراعات الصامتة حول التوجهات والمرجعيات الدينية والمذهبية، في ظل محاولة الجمعيات الدينية فرض توجهاتها، وفق ما نقل موقع (تليكسبريس).
وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي قد تداولوا شكوى وجهها الإمام المنتحر إلى السلطات الدينية المحلية، طلب فيها التدخل لحمايته من تحرشات ومضايقات يتعرّض لها من طرف بعض أفراد الجمعية الدينية، الأمر الذي يعزز فرضية الخلافات المتصاعدة داخل المؤسسات الدينية، نتيجة رغبة بعض الأطراف في الاستئثار وفرض خط ديني معيّن على المؤسسة الدينية.
وفي أول ردّ فعل على انتحار إمام برج بوعريريج، نظمت نقابة الأئمة وقفة تضامنية، تم خلالها مناشدة السلطات العليا للبلاد من أجل التدخل لحماية الإمام من كل الأخطار والتدخلات التي تحيط به، فضلاً عن المطالبة بالتحقيق وكشف ظروف وملابسات الانتحار، وتجميد الجمعيات الدينية إلى غاية إعادة النظر في تداخل صلاحياتها مع عمل الإمام.
نقابة الأئمة تناشد السلطات العليا للبلاد من أجل التدخل لحماية الإمام من كل الأخطار والتدخلات التي تحيط به.
وأكد رئيس نقابة الأئمة جلول حجيمي، في تصريح لوسائل إعلام محلية، على أنّ "ما وقع لإمام ولاية برج بوعريريج أمر مؤسف وغير طبيعي، وأنّ هناك العشرات من الحالات المشابهة في عدة ولايات، على غرار أدرار والأغواط والمسيلة وغيرها، والتي تعبّر عن المشاكل الواقعة بين الجمعيات الدينية والأئمة بسبب تغول بعض الجمعيات على الإمام".
ولفت حجيمي إلى أنّ "الحادثة تركت تذمراً واسعاً وسط موظفي القطاع الذي نريده أن يكون رمزاً للاعتدال والوسطية، وهي نتاج (4) أعوام من الضغط على الإمام، ولذلك فإنّ الحسم في القضية متروك بكل ثقة للجهات القضائية والأمنية المختصة للكشف عن ظروف وملابسات الحادثة".
وخلال الوقفة التضامنية مع الضحية، ناشد المتحدث السلطات العليا للبلاد من أجل التدخل لحماية المرجعية وأبناء المرجعية المعتدلة من جميع الأخطار والاعتداءات الحاصلة، عبر تفعيل حقيقي لقانون الإمام، كما ألحّ على تجميد نشاط الجمعيات الدينية حتى يتم إعادة النظر في قانونها الجائر والمجحف في حق الإمام وموظفي القطاع بالكامل، ولذلك لا بدّ من الفصل بين دور الجمعيات الدينية وصلاحياتها وبين عمل الإمام.
وقد انضافت حادثة انتحار إمام مسجد بلدة زمورة بمحافظة برج بوعريريج إلى مسلسل حوادث العنف التي باتت تسجل في بعض المساجد والمؤسسات الدينية في الجزائر خلال الأعوام الأخيرة، نتيجة لاندلاع خلافات صامتة بين المؤطرين من أئمة ولجان دينية ومسؤولين في القطاع، تكون خلفيتها في الغالب التباين في رؤى دينية، أو الضغوط لفرض توجه معيّن في تركيبة الفريق العامل أو الخطاب الموجه للمصلين.