الهجمات الكيميائية بسوريا.. أمريكا تواصل اتهام روسيا بتضليل العالم

الهجمات الكيميائية بسوريا.. أمريكا تواصل اتهام روسيا بتضليل العالم


30/09/2020

 نظرياً؛ إنّ استخدام أي دولة للأسلحة الكيميائية يمثل تهديداً غير مقبول لجميع الدول، وهذه المسألة ما زالت تشكل أحد أهم ملفات الصراع بين النظام الأمريكي، والنظام الروسي الداعم القوي للنظام السوري، وتمثل أحد أهم عقبات التسوية النهائية للملف السوري على مستوى الصراع الحقيقي بين الأطراف الدولية الفاعلة حقاً في هذه الأزمة.

ولا يخفى على أي متابع سياسي للملف السوري والصراع بين أمريكا وروسيا أنّ هذا الأمر يعتبر أهم أدوات أوراق اللعب والضغط من قبل الدبلوماسية الأمريكية على الجانب الروسي وحصار النظام السوري.

 نظرياً استخدام أي دولة للأسلحة الكيميائية يمثل تهديداً غير مقبول لجميع الدول

للتدليل على ذلك؛ يمكن الإشارة إلى التصريحات الأخيرة للسفيرة كيلي كرافت/ الممثل الدائم لبعثة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة في اجتماعات مجلس الأمن الدولي بصيغة اجتماع (آريا) حول الأسلحة الكيميائية في سوريا (عبر دائرة تلفزيونية مغلقة) بتاريخ (28 أيلول/ سبتمبر 2020) كما نُشر على الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكية المتاحة للجميع.

اجتماع مجلس الأمن الأخير لمناقشة الأسلحة الكيميائية السورية غير رسمي أو ملزم لأي طرف

قبل استعراض حديث السفيرة كرافت، يجدر الإشارة إلى أنّ المقصود بصيغة اجتماع (آريا) Arria formula" meeting هو أنّ الاجتماع "غير رسمي" بين أعضاء مجلس الأمن للتشاور، ولا يلزم أي طرف حتى وإن تم عقده باتفاق أعضاء المجلس، وتعود صيغة هذا الاجتماع الى (دييغو آريا) السفير الفنزويلي ورئيس مجلس الأمن في العام 1992 عندما استخدمه بشكل غير رسمي أول مرة لسماع شهادة رجل الدين الكرواتي فارا جوكو زركو (شاهد عيان) لمجازر الحرب في البوسنة والهرسك.

هذا يعني أنّ اجتماع مجلس الأمن لمناقشة الأسلحة الكيميائية السورية، غير رسمي ولا يلزم أي طرف.

اقرأ أيضاً: مخلوف يشن هجوماً جديداً على نظام الأسد... ماذا قال؟

في الاجتماع قالت السفيرة كيلي إنّ روسيا في وقت سابق من شهر أيلول (سبتمبر) 2020 دعت إلى عقد مؤتمر لمجلس الأمن الشهري عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بشأن الأسلحة الكيميائية لسوريا في صيغة مفتوحة، وإنّ "أمريكا ترحب بهذه الفرص لكشف النفاق والتضليل، الذي تواصل روسيا نشره، للعالم في محاولاتها لحماية نظام الأسد من المساءلة عن هجماته المستمرة بالأسلحة الكيميائية". 

اقرأ أيضاً: لماذا يفرض نظام الأسد 100 دولار على العائدين إلى سوريا؟

وقالت: اعتمد هذا المجلس في العام 2013 القرار رقم 2118 الذي يرحب بإطار القضاء على الأسلحة الكيميائية السورية، وقد سعى هذا الإطار، الذي توسطت فيه روسيا والولايات المتحدة، إلى "ضمان تدمير برنامج الأسلحة الكيميائية السوري بأسرع وقت طريقة وأكثرها أماناً"، وكما حدّد الإطار النصف الأول من العام 2014 موعداً مستهدفاً لاستكمال القضاء على جميع فئات مواد ومعدات الأسلحة الكيميائية.

 أعادت أمريكا اتهام روسيا بتضليل العالم لحماية نظام الأسد من المساءلة عن هجماته المستمرة بالأسلحة الكيميائية

وأضافت أنّ "روسيا وعلى عكس الحقائق المعروضة أمام أعيننا، ستجعلنا نعتقد أنّ نظام الأسد قد امتثل للقوانين، لكنه في العالم الحقيقي ومنذ اعتماد القرار رقم 2118 استخدم الأسلحة الكيميائية بشكل متكرر لقتل وترهيب الشعب السوري، كما أنّ استخدام النظام للأسلحة الكيميائية موثق توثيقاً جيداً وأكدته آلية التحقيق المشتركة السابقة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، وكذلك مؤخراً فريق التحقيق والتحديد التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وإنّ النظام وفقاً لتقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد رفض التعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وكذلك رفض الإجابة عن العديد من التناقضات، فضلاً عن رفض الكشف عن برنامج أسلحته الكيميائية وتدميره". 

 

أكدت كيلي أنّ تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تعد دليلاً على عدم امتثال سوريا لاتفاقية الأسلحة الكيميائية

وأضافت كيلي أنّ تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تعتبر مجتمعة دليلاً آخر على عدم امتثال سوريا لاتفاقية الأسلحة الكيميائية (CWC) والقرار رقم 2118، وكذلك تجاهلها التام للحياة البشرية وكذلك الأعراف والمعايير الدولية، وقد فشل نظام الأسد في الامتثال لالتزاماته الدولية باستخدام الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك تلك التي أخذها عندما أصبح طواعية طرفاً في اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز العمليات التي سعت لاغتيال بشار الأسد؟

وشدّدت على أنّ الالتزامات بموجب القرار رقم 2118 ملزمة أيضاً للنظام السوري، وأنّ عدم امتثاله لها يشكل تهديداً مباشراً للشعب السوري، وهذا يجب أن يتغير، وطالما أنّ نظام الأسد يرفض تغيير سلوكه، فإنّ الشعب السوري سيبقى في خطر، وسيكون احتمال التوصل إلى حل سياسي سلمي لهذا الصراع يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 بعيد المنال، وكذلك ستبقى سوريا تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة.

اقرأ أيضاً: لماذا تسعى إيران وحزب الله وقوات الأسد للسيطرة على دير الزور؟

وقالت كيلي إن السؤال الذي يجب أن نطرحه على المجتمع الدولي هو "لماذا تسعى روسيا إلى هذا الحد لحماية استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية مراراً وتكراراً ضد شعبه؟ ما نراه هنا هذا اليوم هو محاولة يائسة وفاشلة أخرى من روسيا لنشر المعلومات المضللة، وكذلك لمهاجمة العمل المهني لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وصرف الانتباه عن الجهد المستمر للدول المسؤولة من أجل محاسبة نظام الأسد على استخدامه للأسلحة الكيميائية والعديد من الفظائع الأخرى".

طالما أنّ نظام الأسد يرفض تغيير سلوكه، فإنّ الشعب السوري سيبقى في خطر

ثم تحدثت كيلي عمّا وصفته حملة التشهير الروسية مع نظام الأسد ضد جماعات الدفاع المدني السوري المعارضة "الخوذ البيضاء"، مع أنّهم، على حد وصفها، "أول المستجيبين البواسل الذين تفخر أمريكا بدعمهم"، وأنّها تشرفت شخصياً بلقاء الخوذ البيضاء في آذار (مارس) 2020 على الحدود التركية-السورية، و"هؤلاء الأبطال الإنسانيون الشجعان الذين يضعون أنفسهم عن قصد في طريق الأذى كل يوم من أجل إنقاذ الناس من الهجمات الوحشية السورية لنظام الأسد وحلفائه على المدنيين"، وأنّهم أخبروها كيف "أنهم يقبّلون أطفالهم كل يوم قبل أن يخرجوا من الباب وهم لا يعرفون ما إذا كانوا سيعودون إلى المنزل، ولذلك ينبغي أن نحتفي جميعاً بتضحية "الخوذ البيضاء" لأنّ هؤلاء الرجال والنساء هم على خط المواجهة كل يوم سواء كان ذلك يساعد في حماية المجتمعات من كوفيد-19 أو الغوص في أنقاض مدرسة أو مبنى سكني بعد غارة جوية، وإنّ أي قول ينكر بطولتهم يُعد أمراً غير مقبول"، على حد قول كيلي.

اقرأ أيضاً: غضب في قلب الطائفة العلوية ضد الأسد

في نهاية الاجتماع؛ عادت السفيرة كيلي للتأكيد على موقف أمريكا وإدانتها الثابتة لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا أو في أي مكان آخر، ودعوة روسيا إلى التوقف عن تمكين نظام الأسد والدفاع عنه، بحجة أنّه منتهك متسلسل للالتزامات الدولية وحقوق الإنسان، ويجب على مجلس الأمن أن يعمل على إنفاذ القرار رقم 2118، وكذلك التمسك بالمعيار ضد استخدام الأسلحة الكيميائية من أجل ضمان محاسبة من استخدموها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية