التقى رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي، أمس الإثنين، حافظ السبسي، رئيس الهيئة السياسية لحزب نداء تونس، بعد نحو 6 أشهر من القطيعة بين الحزبين.
وقال المتحدث الرسمي باسم النهضة عماد الخميري إن الغنوشي وحافظ اتفقا خلال اللقاء الذي جمعهما على مواصلة الحوار بين الحزبين. وأوضح أن الموضوع الأساسي للقاء الغنوشي بحافظ، والأخير نجل الرئيس التونسي، هو بحث "القضايا السياسية الراهنة في تونس"، دون تقديم تفاصيل أخرى.
ويأتي اللقاء بين الغنوشي والسبسي الابن في تونس، بعد لقاء سابق جمعهما في الدوحة، سعت من خلاله الوساطة القطرية إلى إصلاح العلاقة بين حزب نداء تونس وحركة النهضة بعد انتهاء التوافق بينهما في محاولة لإنقاذ الحركة الإخوانية من ورطة انكشاف ملفاتها السرية.
ويدفع فتح ملف الاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس بعد ثورة يناير 2011، النهضة بقوة للإسراع في إعادة التوافق مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الذي أعلن في سبتمبر الماضي فك تحالفه معها، احتجاجا على دعمها لرئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد الذي طالب حزب نداء تونس بإقالته.
وأعلن الغنوشي عبر صفحته الرسمية على فيسبوك لقاءه بنجل السبسي قائلا إنه كان لـ"تباحث الوضع السياسي بالبلاد".
ومنذ الربيع الماضي، شهدت العلاقات بين حزبي نداء تونس الذي أطلقه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي (41 نائبا من أصل 217)، والنهضة (68 نائبا) قطيعة، على خلفية رفض الحزب الأخير إقالة حكومة الشاهد.
وقالت مصادر أن الغنوشي عرض فعلا تخلي حركته عن التحالف مع الشاهد على الرئيس السبسي في يناير الماضي، لكن الأخير رفض الأمر بشكل قاطع.
واتهمت قيادات من نداء تونس الذي يشهد انشقاقات عديدة منذ أشهر، النهضة بأنها تقف وراء عملية تفتيت الحزب وتشجيع الشاهد في مساعيه لتأسيس حزب منافس يستقطب جمهور النداء.
وتعمل النهضة على الاستفادة من أزمة النداء والمجموعات المنشقة عنه بشكل يجعلها تحافظ على وضع الحزب الأقوى والأكثر قدرة على المنافسة، لكن فتح ملفات الاغتيالات وتسفير شباب تونس إلى سوريا للقتال مع المتشددين جعل الحركة تعاود البحث عن تمتين العلاقة مع الرئيس التونسي.
لكن قائد السبسي لم يتردد في التأكيد على دور النهضة في بروز الحزب الجديد "تحيا تونس" المحسوب على الشاهد، ووصولا إلى تحميلها مسؤولية تشويه العملية السياسية وإفراغها من الاستحقاقات التي يستوجبها الاستقرار العام، الذي بات مُهددا نتيجة ملف الجهاز السري.
وتواجه النهضة خلافات كبيرة داخلها من قبل القياديين بسبب الموقف من الرئيس السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد وهي خلافات تعمقت أكثر فأكثر باقتراب دائرة الضوء من الجوانب المُظلمة لبعض الملفات التي تؤرق الحركة الإسلامية.
وزادت مؤخرا شكوك قياديين في النهضة حول مدى قدرة وجدية الشاهد والحزب المحسوب عليه "تحيا تونس"، في الحفاظ على مصالح الحركة والدفاع عنها وهو ما دفع رئيس الحركة للعودة إلى دائرة نداء تونس.
ويقول مراقبون للشأن السياسي التونسي أن الغنوشي يحاول استمالة الرئيس السبسي عبر بوابة ابنه، بسبب الضغط السياسي الشديد الذي تعرضت له الحركة ومحاصرتها مؤخرا.
وأعلنت هيئة الدفاع عن القياديين اليساريين المغتالين شكري بالعيد ومحمد البراهمي، السبت، أنها لجأت إلى القضاء مجددا بعد أن اتضح وجود مخالفات قانونية تمت داخل وزارة الداخلية في ما يخص وثائق للجهاز السري التابع للنهضة، مشيرة إلى أن المتهم بقتل بالعيد على علاقة مباشرة بها.
وكشف إنهاء التوافق بين النهضة ونداء تونس الذي استمر 5 سنوات، عن حجم الهواجس التي تؤرق الحركة الإخوانية من الملفات الحارقة في صورة واصل ملف الجهاز السري مجراه القانوني بعيدا عن الضغوطات.
كما شكل قرار البنك المركزي بإخضاع حسابات النهضة وقادتها للتدقيق المالي هاجسا كبيرا للحركة، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات وما يمثله ذلك من قطع للطريق أمام تخطيطها لتلقي تمويلات خارجية لتأمين حملتها الانتخابية.
يذكر أن الهيئة العليا المُستقلة للانتخابات في تونس، أعلنت في وقت سابق أن الانتخابات التشريعية القادمة ستجري في شهر أكتوبر القادم، بينما ستنظم الانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر.
عن "ميدل إيست أونلاين"