الموقف الأمريكي حيال ليبيا والسودان.. ما المختلف؟

ليبيا والسودان

الموقف الأمريكي حيال ليبيا والسودان.. ما المختلف؟


28/04/2019

شكّل الهجوم الذي بدأه قائد "الجيش الوطني الليبي"، خليفة حفتر، في 4 نيسان (أبريل) الجاري، علامة فارقة في الموقف الأمريكي حيال الأزمة الليبية، لا سيما تخلي إدارة ترامب عن ليبيا إلى حدّ كبير، وهو ما دفع وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إلى تصريح في 7 نيسان (أبريل) من الشهر نفسه، عارض فيه الهجوم.

اقرأ أيضاً: كيف تمطَّى "الإخوان" في ليبيا؟

لكن الموقف انقلب رأساً على عقب؛ مع قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالاتصال بحفتر والتأكيد على مهمة مكافحة الإرهاب، وهو ما عنى "تأييداً" ما للزعيم العسكري الليبي في حملته على حكومة الإخوان المسلمين وحلفائها من الجماعات المسلحة.

خليفة حفتر

موقف ترامب الأخير غيّر الدبلوماسية الأمريكية، فبدلاً من التحذير التقليدي من وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين في الصراع العسكري بين بنغازي وطرابلس واحتمال عودة تنظيم "داعش"،  وعدم استقرار إنتاج النفط، وكون روسيا هي الأقرب لسلطة حفتر والداعمة لها ما يقوّض الإستراتيجية الخاصة بإدارة ترامب بشأن إفريقيا، جاء تأكيد وزارة الخارجية الأمريكية على أنّ موقف واشنطن حيال ليبيا ينطلق من ضرورة مكافحة الإرهاب والمجموعات المتشددة المسلحة؛ أي التوافق مع حفتر حتى وإن بدا ذلك موقف ما بين السطور.

جاء تأكيد الخارجية الأمريكية على أن موقف واشنطن حيال ليبيا ينطلق من ضرورة مكافحة الإرهاب والمجموعات المتشددة

موقف إدارة ترامب المناهض علناً للحكومة المدعومة من "الإخوان المسلمين" انعكس على التحولات السريعة في السودان؛ حيث كان "نظام البشير يعتبر نظاماً إسلامياً. وإذا رغب أي شخص رؤية ما الذي سيحصل إذا نجحت حكومة من طراز "الإخوان المسلمين" في بسط قبضتها على قيادة دولة عربية على المدى الطويل، فإن السودان هو مثال أفضل من غزة الخاضعة لسيطرة "حماس" أو ولاية محمد مرسي القصيرة في مصر"، كما يؤكد ذلك السفير الأمريكي السابق لدى أكثر من عاصمة عربية، ألبرتو فرنانديز، فواشنطن أعلنت تأييدها للتحولات التدريجية التي يقودها الجيش نحو إقامة حكم مدني وانتخابات ديمقراطية، منهيةً بذلك الموقف الذي اتخذته إدارة أوباما، وكان جزءاً من نهجها المؤيد لـ "الربيع العربي" حتى لو جاء بسلطة الإسلاميين إلى الحكم.

اقرأ أيضاً: بعد هزيمتهم في طرابلس.. إخوان ليبيا يهرولون إلى تركيا طلباً للعون

ويرى مراقبون وباحثون أمريكيون أنه بغض النظر عمّا سيواجهه الحكام العسكريون الجدد في السودان على المدى القصير، فإنّ هناك بعض الأسباب التي تدعو إلى التفاؤل، "فخلافاً لبعض الدول العربية الأخرى التي شهدت انقلابات في السنوات الأخيرة (على سبيل المثال، عهد القذافي في ليبيا)، يتمتع السودان بمجتمع مدني نابض بالحياة ومعارضة سياسية حية، وبِحُرية تعبير وصحافة مصانة تقليدياً، ومغتربين موهوبين يضمّون أصحاب رؤية على غرار الملياردير السوداني-البريطاني مو (محمد) إبراهيم".

يتمتع السودان بمجتمع مدني نابض بالحياة ومعارضة سياسية حية

هذا الموقف الأمريكي "المتفهم" للتحولات في السودان انعكس بعزم وفد سوداني لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل بحث رفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وفقاً لوكالة الأنباء السودانية "سونا".

التظاهرات المستمرة التي انطلقت في السودان لم تكن بقيادة أحزاب سياسية أو جماعات مسلحة، بل بقيادة جماعات المجتمع المدني

ونقلت الوكالة السودانية، عن قائد المجلس العسكرى عبدالفتاح البرهان، أنّ الوفد قد يقوم بالزيارة خلال الأسبوعين القادمين للتفاوض حول إخراج السودان من قوائم الإرهاب الأمريكية.

ويأتي ذلك بعد أيام من تصريح مسؤول بالخارجية الأمريكية لـ"رويترز" يفيد عزم الولايات المتحدة رفع اسم السودان من قوائم الإرهاب تبعاً للتغيرات الإيجابية الراهنة بنظام الحكم حسب قول المصدر.

هذا وقد تم إدراج السودان بقوائم الدول الداعمة للإرهاب عام 1993 خلال عهد الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، الذي وجه ضربة صاروخية لمصنع في السودان قيل إنّه يصنع أسلحة كيمياوية، في وقت كانت فيه الخرطوم على علاقة حسنة بزعيم "القاعدة" أسامة بن لادن.

اقرأ أيضاً: مجلس سيادة مشترك.. هل ينهي احتجاجات السودان؟

لكن نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية، مكيلا جيمس، لفتت إلى عدم دعوة أي وفد سوداني للتباحث حول رفع قائمة السودان من الإرهاب في الوقت الراهن.

وقالت "ميكلا" في تصريحٍ صحافي لها "حتى الآن الأوضاع لم تنجل" لكنها استعجلت المجلس العسكري الانتقالي بنقل السلطة للمدنيين في أقرب وقت.

موقف واشنطن حيال ليبيا ينطلق من ضرورة مكافحة الإرهاب

وحول مشاركة المؤتمر الوطني في العملية السياسية قالت ميكلا إن "السودانيين تجاوزوا الماضي وكل الذين تلطخت أيديهم بالدماء والفساد وتجاوزات حقوق الإنسان".

وكشفت ميكلا عن كونها حثت المجلس العسكري على مواصلة التفاوض مع المعارضة السياسية وقادة الاحتجاج وتشكيل حكومة انتقالية مع المدنيين.

اقرأ أيضاً: السودان.. ماذا حدث؟

ومن هنا ثمة تعويلٌ في واشنطن التي تعتقد أوساطها السياسية المؤثرة  أنّ "التظاهرات المستمرة التي انطلقت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لم تكن بقيادة أحزاب سياسية أو جماعات مسلحة، بل بقيادة جماعات المجتمع المدني على غرار "تجمّع المهنيين السودانيين" وسط تعاون حماسي من الشباب والنساء والفقراء في المدن. وقد جاءت الضغوط الرامية إلى الإطاحة بالبشير من الجهات الفاعلة المحلية وليس من بعض "الأيادي الخفية" الأجنبية، وبالتالي من المحتمل أن يؤدّي التحرك العسكري الأخير إلى نتيجة جيدة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية