القصر الملكي يكشف لعب "إخوان المغرب" على الحبال

القصر الملكي يكشف لعب "إخوان المغرب" على الحبال

القصر الملكي يكشف لعب "إخوان المغرب" على الحبال


18/03/2023

تلقى حزب العدالة والتنمية المغربي صفعةً سياسية من المؤسسة الملكية، حيث وبَّخ بيان الديوان الملكي بشدة، الحزب الذي يرفع شعار المرجعية الإسلامية، بسبب ما صرح به حول موضوع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، وربطها بآخر التطورات التي تعرفها الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وانهالت الانتقادات على حزب العدالة والتنمية بعد صدور البيان الملكي الذي رفض بشدة “استغلال السياسة الخارجية للمملكة في أجندة حزبية داخلية”، معتبراً ذلك بأنه “سابقة خطيرة ومرفوضة”، في إشارة إلى محاولة الحزب “الإخواني” ترميم أعطابه الداخلية عقب الهزيمة الانتخابية عام 2021 برفع شعار مناهضة إسرائيل ودعم فلسطين، هذا في الوقت الذي لزم فيه قياديو الحزب الصمت المطبق حيال بلاغ الديوان الملكي.

بلاغات ومواقف

في صبيحة الاثنين 13 مارس، نزل بيان الديوان الملكي المغربي على صدر “إخوان العدالة والتنمية” مثل قطعة ثلج باردة، فالبلاغ حمل عباراتٍ حازمة حيال بيان سابق للحزب الإسلامي، أكد فيه أن “موقف المغرب من القضية الفلسطينية لا رجعة فيه، وأنها من أولويات السياسة الخارجية للملك، أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، الذي وضعها في مرتبة قضية الوحدة الترابية للمملكة، وهو موقف مبدئي ثابت للمغرب، لا يخضع للمزايدات السياسية أو للحملات الانتخابية الضيقة”.

وتابع البيان أن “السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص الملك بحكم الدستور، ويدبرها بناء على الثوابت الوطنية، والمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية”، وأن “العلاقات الدولية للمملكة لا يمكن أن تكون موضوع ابتزاز من أي كان ولأي اعتبار، لا سيَّما في هذه الظرفية الدولية المعقدة، ومن هنا، فإن استغلال السياسة الخارجية للمملكة في أجندة حزبية داخلية يشكل سابقة خطيرة ومرفوضة”.

ردة فعل الديوان الملكي جاءت على بيان للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الذي أبدى “استهجانه للمواقف الأخيرة لوزير الخارجية الذي يبدو فيها وكأنه يدافع عن الكيان الصهيوني في بعض اللقاءات الإفريقية والأوروبية، في وقتٍ يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الإجرامي على الفلسطينيين”.

ملاحظات

ولعل قراءة البيان الملكي تحيل إلى عددٍ من الملاحظات الشكلية والجوهرية، كالتالي:

الملاحظة الأولى، أن بيان الديوان الملكي المغربي نُشر على غير عادة البيانات الملكية التي تأتي في الفترة المسائية، لكنه هذه المرة ورد في الساعات الأولى للصباح، ما يمنحه أهمية سياسية استثنائية.

أما الملاحظة الثانية، فهي أن البيان يعد سابقة من نوعها في المشهد السياسي والدستوري بالبلاد، بعد بيان سابق للديوان الملكي سنة 2016 انتقد فيه تصريحات محمد نبيل بن عبد الله وزير الإسكان، والأمين العام لحزب “التقدم والاشتراكية”، ونعتها بكونها “وسيلة للتضليل السياسي في فترة انتخابية تقتضي الإحجام عن إطلاق تصريحاتٍ لا أساس لها من الصحة”.

الملاحظة الثالثة، تتلخص في اللغة التي كُتب بها البيان، فكانت لغة مباشرة وواضحة وصريحة، تطرق فيها إلى حيثية محددة بعينها تعلَّق بتصريحٍ حزبي، واضعاً أصبعه على ما اعتبره مزايداتٍ سياسية في هذا الملف من طرف “إخوان العدالة والتنمية”.

رسائل قوية

بيان الديوان الملكي جاء مفاجئاً للكثيرين باعتبار أن القصر لا يتدخل عادة في الخلافات والتجاذبات السياسية الداخلية، وبذلك حمل عدة رسائل قوية، الرسالة الأولى تذكير العدالة والتنمية، ومعها أيضاً بعض الهيئات الحقوقية ذات التوجهات القومية المساندة لفلسطين، بأن هذه القضية تعد من أولويات السياسة الخارجية للعاهل المغربي، فهو رئيس لجنة القدس، ويتلقى إشادات من أصحاب القضية وهم “الفلسطينيون” للدعم المادي والمعنوي الذي يصلهم من المملكة بمبادراتٍ شخصية من الملك نفسه.

وبالتالي، فإن المؤسسة الملكية كانت واضحة في هذه المسألة بالتحديد، واعتبرت الانتقادات التي يوجهها عدد من قيادات وكوادر حزب العدالة والتنمية إلى الدبلوماسية المغربية بأنها ترجح كفة إسرائيل على فلسطين منذ الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة، إنما هي مزايدات سياسوية وحملات انتخابية ضيقة.

والرسالة الثانية، والتي وجهت إلى باقي الفاعلين السياسيين، أن السياسة الخارجية مجال محفوظ للملك، لا يتعين منازعته عليه.

اللعب على الحبال

والرسالة الثالثة تتضمن انتقادات إلى قصور فهم “الإخوان” للواقع السياسي، والسياقات المرتبطة بالعلاقات الدولية، عندما تحدث القصر عن “ظروف معروفة، وفي سياقٍ يعلمه الجميع”، وهي إشارة إلى اعتراف إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بمغربية الصحراء، والتي جاءت متزامنة مع توقيع الاتفاق الذي بموجبه تم استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل.

الرسالة الرابعة أن حزب العدالة والتنمية يحاول استغلال الدفاع عن القضية الفلسطينية من أجل كسب أصوات انتخابية مهدرة، ومن أجل عودة الشعبية المفقودة لهذا الحزب، بدليل هزيمته في الانتخابات البرلمانية، ثم الانتخابات الجزئية التي جرت مؤخراً.

والرسالة الخامسة تتمثل في كون حزب العدالة والتنمية يحاول اللعب على الحبلين، فعندما كان على رأس الحكومة وقع رئيسها آنذاك سعد الدين العثماني، الأمين العام السابق لحزب “الإخوان” على هذا الاتفاق المغربي الإسرائيلي على مرأى الجميع، غير أن الحزب غيَّر لغته ومواقفه سريعاً عندما تحول إلى المعارضة ليبكي على أطلال فلسطين، وينتقد العلاقات مع إسرائيل.

عن "كيوبوست"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية