العراق: ما موقف التكتلات السياسية من مبادرة عمار الحكيم؟ وما أهدافها الحقيقية؟

العراق: ما موقف التكتلات السياسية من مبادرة عمار الحكيم؟ وما أهدافها الحقيقية؟


18/11/2021

أثارت المبادرة التي أطلقها رئيس تيار الحكمة في العراق عمار الحكيم الكثير من ردود الفعل داخل الأوساط الشعبية والسياسية، وقد اعتبر البعض أنها طوق النجاة للأحزاب الشيعية الموالية لإيران، التي منيت بهزيمة مدوّية في الانتخابات الأخيرة.

وما زالت الخلافات "مشتعلة" حيال نتائج الانتخابات التي أجراها العراق في 10 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، خاصة من قبل الأجنحة السياسية للفصائل المسلحة، حيث يعتصم أنصارها قرب المنطقة الخضراء منذ أسابيع.

اقرأ أيضاً: أزمة جفاف تضرب العراق.. ما علاقة إيران وتركيا؟

وأطلق الحكيم، خلال مشاركته أول من أمس في "منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط"، الذي أقيم في محافظة دهوك في إقليم كردستان، مبادرة سياسية لجمع الفائزين والخاسرين حول طاولة واحدة.

ودعا عمار الحكيم في بيان نشرته قناة السومرية العراق إلى "مبادرة وطنية سياسية موسعة، تجمع القوى الفائزة على مستوى المقاعد أو الأصوات، مع القوى المتقبلة للنتائج أو المعترضة عليها".

وتنصّ المبادرة على "اعتبار الدم العراقي خطًّاً أحمر لا يجوز تجاوزه من قبل الجميع، فضلاً عن الالتزام بالحوار الوطني المستقل بعيداً عن التدخلات الخارجية بأنواعها وأطرافها كافة".

 

عمار الحكيم يطلق مبادرة سياسية لجمع الفائزين والخاسرين على طاولة واحدة لتشكيل الحكومة

 

وحثّ رئيس تيار الحكمة في مبادرته على "إبداء أعلى درجات المرونة والاحتواء والتطمين للأطراف المشاركة في التفاوض، واحترام خيارات الأطراف التي ترغب بالمشاركة أو المعارضة أو الممانعة حكومياً أو برلمانياً".

ونصّت المبادرة أيضاً على "رفع الفيتوهات المسبقة، وعقلنة سقوف التفاوض من قبل جميع الأطراف، وتقسيم الأدوار بين الحكومة والبرلمان المقبل، من حيث تمكين الفائزين في الحكومة والمعارضين والممتنعين أيضاً في البرلمان لإيجاد حالة من التوازن السياسي".

اقرأ أيضاً: العراق: معلومات جديدة حول محاولة اغتيال الكاظمي

هذا، وبدأ رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية الترويج لمبادرته السياسية انطلاقاً من إقليم كردستان، حيث اجتمع الحكيم أمس بكلٍّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.

وفي حين بدت مبادرة الحكيم تحمل حالة اطمئنان للخاسرين الذين يمثلهم "الإطار التنسيقي" الشيعي، الذي يضم "تحالف الفتح" بزعامة هادي العامري، و"دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، و"عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، و"ائتلاف النصر" بزعامة حيدر العبادي، و"العقد الوطني" بزعامة فالح الفياض، فإنها من جانب آخر أحدثت حالة قلق للفائزين بالانتخابات، لا سيّما الـ3 الأوائل؛ وهم: "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر (74 مقعداً)، و"حزب تقدّم" بزعامة محمد الحلبوسي (43 مقعداً)، و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني (32 مقعداً).

 

مبادرة الحكيم تحمل حالة اطمئنان للخاسرين في الانتخابات، ومن جانب آخر أحدثت حالة قلق للفائزين

 

وقد واجه الحكيم انتقادات واسعة بسبب تبنّيه تلك الخطوة، باعتبارها تمنح الجهات الخاسرة حق المشاركة في الحكومة المقبلة.

وعبّرت أوساط عراقية عن استغرابها من طرح مبادرة تجمع الفائزين والخاسرين، وإرضاء الأحزاب المعترضة على النتائج، وقد رفضت كتل سياسية فائزة هذا المسار، وأكدت أحقيتها بتشكيل الحكومة.

من جهته، أعلن التيار الصدري رفضه لهذه المبادرة، في موقف يعكس إصرار التيار على ترجمة نتائج الاستحقاق على أرض الواقع، وعدم الانجرار مجدداً إلى لعبة المحاصصة، وما أنتجته من مفاهيم هجينة من قبيل "الكلّ يحكم، والكلّ يعارض".

واعتبر التيار الصدري أنّ مبادرة الحكيم من قبيل الدعوات التي مضى عليها العديد من الأعوام، مشدداً على أنه لا حاجة إلى إرضاء الآخرين خوفاً من حرب أهلية، في إشارة إلى تصعيد الميليشيات الموالية لإيران، وفق صحيفة العرب اللندنية.

 

أوساط عراقية عبّرت عن استغرابها من طرح مبادرة تجمع الفائزين والخاسرين، لإرضاء الأحزاب المعترضة على نتائج الانتخابات

 

وأوضح القيادي في التيار عصام حسين أنّ "الانتخابات انتهت، ومن الطبيعي أن يكون هناك فائز وخاسر؛ لذا لا حاجة إلى إرضاء الآخرين خوفاً من حدوث حرب أهلية، فمصطفى الكاظمي ترأس الحكومة ولا تدعمه أيّ كتلة سياسية، ولكننا لم نشاهد حرباً أهلية، فلماذا هذا الإصرار على التوافق والطاولة المستديرة؟".

وأضاف: "على رئيس تيار الحكمة أن يعلن إعلاناً مباشراً أنه هو من يتحمّل حكومة التوافق، والمسؤول عنها وعن اتفاقات الطاولة المستديرة".

اقرأ أيضاً: هل يعيد قائد فيلق القدس الإيراني ترتيب البيت الشيعي في العراق؟

وأوضح: "لا يمكن أن تُجرى الاتفاقيات ويحصل على وزارة، وبعد ذلك يقول: أنا لست مسؤولاً عمّا حدث على الطاولة المستديرة، فالقضية ليست مجرّد اختيار رئيس وزراء، بل يجب أن تكون أعمق من ذلك، وعلى الكتل تحمل المسؤولية والابتعاد عن التراشق الإعلامي".

 

التيار الصدري يعلن رفضه لهذه المبادرة، ويشدد على أنه لا حاجة إلى إرضاء الآخرين خوفاً من حرب أهلية، في إشارة إلى تصعيد الميليشيات الموالية لإيران

 

ولفت إلى أنّ "رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والإطار التنسيقي، يرغبون في الذهاب إلى الماضي، وفق التوافقية السياسية التي فشلت فشلاً ذريعاً".

وأكد حسين أنّ "التيار الصدري متوجه إلى حكومة أغلبية فقط"، مشدداً "إذا كان لديهم الاستعداد ليتقبلوا هذه الحكومة، فلا مانع لدينا، وإن لم يكن لديهم الاستعداد، فليذهبوا إلى المعارضة".

ورغم اللقاءات التي عقدها الحكيم مع زعامات إقليم كردستان، مثل مسعود بارزاني زعيم "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، ونيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان، ومسرور بارزاني رئيس حكومة الإقليم، فإنّ "الحزب الديمقراطي" لم يصدر موقفاً واضحاً من هذه المبادرة، رغم التمنيات الطيبة التي أبداها المسؤولون الكرد في إنجاح أيّ مسعى لرأب الصدع، مثلما عبّروا في كلماتهم التي ألقوها في مؤتمر "منتدى الأمن والسلام في الشرق الأوسط"، أو عبر البيانات الثنائية مع الحكيم وعبر اللقاءات الخاصة التي عقدت معهم، وفق موقع "روداوو نت" الكردي.

 

الحزب الديمقراطي الكردي لم يصدر موقفاً واضحاً من مبادرة الحكيم، والجبهة السنّية أيضاً لم يصدر عنها موقف إيجابي أو سلبي حيالها

 

في الجبهة السنّية، لم يصدر موقف إيجابي أو سلبي حيال مبادرة الحكيم، ممّا يعكس الرفض الضمني لها؛ لأنها غير منصفة، ولصالح طرف على حساب طرف أخر.

من جهته، قال الصحفي العراقي حسام الحاج في تغريدة عبر "تويتر": إنّ "مبادرة عمار الحكيم هي عبارة عن التفاف واضح على المخرجات الديمقراطية لصناديق الاقتراع، تؤدي بدورها إلى المزيد من ازدراء الدستور والقوانين النافذة، والتشبث بمبدأ التقاسم السلبي للخاسرين المستحوذين".

 

حسام الحاج: مبادرة الحكيم هي عبارة عن التفاف واضح على المخرجات الديمقراطية لصناديق الاقتراع، تؤدي إلى المزيد من ازدراء الدستور والقوانين النافذة

 

وقالت الكاتبة رشا العزاوي على "تويتر": إنّ "المشكلة في ورقة عمار الحكيم -التي لا أدري لماذا أُطلق عليها مبادرة- أنها لا تراعي بأيّ شكل حظوظ الفائزين، وتعتقد أنّ محاولة هؤلاء تشكيل حكومة دون مشاركة الإطار التنسيقي خطأ سيؤدّي إلى خلل في التوازن السياسي، لو كان لكم ثقل سياسي، ما خسرتم الانتخابات... الصناديق قالت كلمتها".

وتأتي هذه التطورات في وقت تقترب فيه مفوضية الانتخابات من إعلان نتائج الطعون المقدمة ضد بعض المحطات؛ ممّا يعني الانتقال إلى المرحلة الأخرى، ألا وهي تشكيل الحكومة.

هذا، وجدّد مجلس الأمن الدولي ترحيبه بالتقرير الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن الإجراءات الانتخابية في العراق.

وقال المجلس في بيان نقلته وكالة "رويترز" قبل يومين: إنّ "أعضاء مجلس الأمن رحبوا بتقرير الأمين العام حول العملية الانتخابية في العراق ومساعدة (بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق - يونامي) لهذه العملية".

 

رشا العزاوي: المشكلة في ورقة الحكيم أنها لا تراعي بأيّ شكل حظوظ الفائزين، لو كان لكم ثقل سياسي، ما خسرتم الانتخابات

 

وهنّأ أعضاء مجلس الأمن حكومة العراق والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات على أنّ إجراءات الانتخابات "تمّت إدارتها بشكل جيد تقنياً، وسلمية بشكل عام، في  تشرين الأول (أكتوبر)".

وقد رحّب مجلس الأمن بالنتائج التي توصلت إليها "بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق"، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، التي أفادت بأنّ "عمليات إعادة الفرز اليدوية الجزئية لمراكز الاقتراع تتطابق مع نظام نقل النتائج الإلكتروني للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات". 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية