العدوان الإسرائيلي على غزة يخيم على الأوضاع الأمنية في فرنسا.. كيف؟

العدوان الإسرائيلي على غزة يخيم على الأوضاع الأمنية في فرنسا

العدوان الإسرائيلي على غزة يخيم على الأوضاع الأمنية في فرنسا.. كيف؟


23/11/2023

بحث (المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات) المخاطر التي تحيط بالجمهورية الفرنسية بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، خاصة أنّه يقطن فيها أكبر جاليتين إسلامية ويهودية في أوروبا.

وتكمن مخاوف السلطات الفرنسية في التداعيات الناتجة عن التصعيد المستمر وطول أمد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكذلك تنامي القلق حول ردود الفعل في الضواحي والأحياء الفرنسية التي قد تتحول إلى أعمال عنف، ساعية لاتخاذ تدابير وإجراءات أمنية لتعزيز التعايش السلمي والمجتمعي وعدم نقل تداعيات الصراع إلى داخل فرنسا.

وتطرق المركز في تقرير له للتهديدات الإرهابية المحتملة في فرنسا، حيث صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 أنّ "أوروبا تشهد تصاعداً في الإرهاب الإسلاموي، وأنّ جميع الدول مهددة". 

وتابع التقرير: "تلقت المطارات الفرنسية منذ 18 من الشهر الماضي 2023 ما مجموعه (100) إنذار بوجود قنابل، وتضاعفت تقريباً البلاغات المتعلقة بوجود حقائب مهجورة في المحطات والقطارات، وشهدت مدرسة في (أراس) شمال فرنسا عملية طعن بالسكين قتل خلالها أستاذ وأصيب شخصان بجروح بالغة، وهددت امرأة ركاب قطار قرب محطة مكتبة (فرنسوا ميتران) بتفجير نفسها في 31 من الشهر ذاته، وأكد وزير الداخلية الفرنسي (جيرالد دارمانان) أنّ الهجوم في (أراس) على صلة بأحداث الشرق الأوسط ، في إشارة إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

يقطن في فرنسا أكبر جاليتين إسلامية ويهودية في أوروبا

هذا، وكشف استطلاع للرأي في 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 أنّ (90%) من الفرنسيين يعتبرون أنّ احتمالية حدوث "هجمات إرهابية" في بلادهم "مرتفعة جداً"؛ بسبب تأثير تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بينما يعتقد (10%) أنّ هذه الاحتمالية "ضعيفة أو ضعيفة جداً". مكافحة الإرهاب ـ ماعلاقة حرب غزة بزيادة التطرف والإرهاب في ألمانيا؟

أمّا عن الإسلاموفوبيا في فرنسا، وتهديدات داخل المؤسسات التعليمية، فقد قدّم أحد مساجد مدينة (ليون) الفرنسية شكوى بعد العثور على عبارات "معادية للإسلام" على جدار مدخل المسجد في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، كما تعرضت متاجر فرنسية في مدينة (ليون) الفرنسية لوضع عبارات معادية للإسلام على المتاجر، وحاول نشطاء يمينيون متطرفون اقتحام مؤتمر حول فلسطين في 11 من الشهر ذاته.

تهديدات إرهابية محتملة في فرنسا، فقد تلقت المطارات (100) إنذار بوجود قنابل، وبلاغات متعلقة بوجود حقائب مهجورة في المحطات والقطارات، وحادثة الطعن في مدرسة بمدينة (أراس)

ووفق تقرير المركز الأوروبي، فقد شددت فرنسا الإجراءات الأمنية في المدارس الفرنسية، بعد هجوم مدينة (أراس)، فهناك حوالي (1000) من أفراد الأمن، يتمركزون في المدارس الفرنسية بعد الهجوم، كما تسير دوريات إضافية للشرطة عند مداخل المؤسسات التعليمية لضمان الأمن هناك بالتنسيق مع مدراء المدارس.

وأكد المركز أنّ اليمين المتطرف في فرنسا يستغل الصراع، ويسعى لتصوير نفسه كأنّه يدافع عن اليهود في فرنسا، لكسب أصوات الناخبين، كما أنّ الجماعات اليسارية المتطرفة تساعد الجماعات اليمينية المتطرفة على الظهور بمظهر أقلّ تطرفاً. ويشعر أنصار حزب (التجمع الوطني) اليميني المتطرف بالقلق تجاه التهديدات بنسبة (97%)، يليهم حزب (الجمهوريين)، بنسبة (93%)، ثم أنصار حزب الرئيس ماكرون بـ (87%).

وقد شهدت فرنسا (1159) عملاً معادياً للسامية منذ السابع من الشهر الماضي، أي أكثر من (3) أمثال العدد المسجل في عام 2022، وتشمل رسم الصليب المعقوف، أو نجمة داود على الجدران، واعتداءات، وفي منطقة باريس سجل (257) حادثاً معادياً للسامية. 

وفي سياق منفصل، قررت وزارة الداخلية الفرنسية في 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 حظر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، لأنّها من المحتمل أن تؤدي إلى اضطرابات في النظام العام. 

مخاوف السلطات الفرنسية تكمن في التداعيات الناتجة عن التصعيد المستمر وطول أمد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

وفي حال خرق هذا الحظر، يتم توقيف "منظمي المظاهرات". وأبطل مجلس الدولة الفرنسي  قرار الحكومة الفرنسية بحظر المظاهرات المؤيدة لفلسطين في باريس في 18 من الشهر ذاته، حيث يرى مجلس الدولة الفرنسي أنّ الأمر متروك لـ "المحافظين وحدهم لاتخاذ القرار على أساس كل حالة على حدة"، كما لم يوافق البرلمان الفرنسي على قرار الحكومة بمنع المظاهرات الداعمة للفلسطينيين في المدن الفرنسية.

وتطرق المركز للانقسام بين الأحزاب السياسية في فرنسا، إذ تشهد أحزاب الحكومة واليمين واليسار سجالاً وجدلاً حول توصيف هجمات حركة حماس، والدعم المطلق للحكومة الإسرائيلية. 

وأثارت دعوة لتظاهرة ضد معاداة السامية في باريس خلافات حادة بين الأحزاب السياسية، فقد أعلن حزب (فرنسا الأبيّة) اليساري أنّه سيقاطع "المسيرة الكبرى"، وأكد الحزب الشيوعي أنّه "لن يسير إلى جانب حزب الجبهة الوطنية، وخاصة (مارين لوبان)، بينما أعلنت رئيسة البرلمان (يائيل براون بيفيه)، ورئيس مجلس الشيوخ (جيرارد لارشر)، عن تعبئة عامة". 

وكان دبلوماسيون فرنسيون يعملون في الشرق الأوسط والمغرب العربي قد أعربوا عن انتقادهم لموقف باريس المؤيد لإسرائيل في حرب غزة.

أمّا عن الإسلاموفوبيا في فرنسا، فقد وضعت عبارات معادية للإسلام على جدران المساجد والمتاجر، كما حاول نشطاء متطرفون اقتحام مؤتمر حول فلسطين

وعن التدابير وإلاجراءات الأمنية التي اتخذتها فرنسا، قال المركز إنّ الحكومة رفعت خطة "فيجيبيرات" إلى مستوى "الهجوم الطارئ" على كامل مساحة البلاد، ويعني مستوى "الهجوم الطارئ" درجة التأهب القصوى في إطار خطة "فيجيبيرات"، التي تنص على فرض تدابير لمكافحة الإرهاب فور وقوع اعتداء، لفترة زمنية محددة، إلى أن تتم معالجة الأزمة.

واعتقلت الأجهزة الأمنية الفرنسية (486) شخصاً لارتكابهم جرائم معاداة السامية، بينهم (102) من الأجانب، منذ تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي منطقة باريس اعتقل (90) شخصاً، وتلقى (1487) شخصاً غرامات بسبب المشاركة في مسيرة غير مصرح بها في 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

ونشرت فرنسا (7) آلاف جندي من قوات (سانتينل) "حتى إشعار آخر"، ويحمي (10) آلاف شرطي وجندي (900) معبد يهودي ومدرسة في جميع أنحاء البلاد.

وأكدت وزارة الداخلية الفرنسية على ضرورة "سحب تصاريح إقامة" الأجانب المدانين بارتكاب أيّ جريمة معادية للسامية، أو بالتحريض على الإرهاب، وطردهم "دون تأخير" من فرنسا. 

مواضيع ذات صلة:

تمرد دبلوماسي ضد انحياز ماكرون لإسرائيل... سفراء فرنسا يُحذرون

رجل دين يدعو لإنصاف المسلمين في فرنسا.. ما علاقة معاداة السامية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية