الشيعة العرب..هكذا استغلت وشوهت إيران قضايا الوطن العربي

الشيعة العرب

الشيعة العرب..هكذا استغلت وشوهت إيران قضايا الوطن العربي


26/04/2020

قادنا التاريخ الممتدّ للعلاقة بين إيران والشيعة العرب خلال القرن العشرين بالتحديد، للتركيز على جعل إيران خطابها الشيعي المرجعية الوحيدة للشيعة، ويتضح هذا الرأي، من خلال الأزمات التي سبّبتها التدخلات الإيرانية في العالم العربي والخليج على وجه التعيين، من خلال الجماعات التي تدين بالولاء لخطاب الولي الفقيه في طهران، خصوصاً حزب الله اللبناني، والحوثيين في اليمن، وربما يمكن الإطلالة على الآراء المتعلقة بهذا الشأن، من خلال تجارب علماء وأئمة الشيعة العرب أنفسهم.

هاني فحص، يحمل رؤية مختلفة عن رجال الدين والعلاقات الإيرانية العربية في إطارها الشيعي

هاني فحص: إيران والعرب الشيعة

يعد هاني فحص (1946 – 2014)، واحداً من أهم رجال الشيعة العرب في القرن العشرين، ذلك أنّه انخرط في العمل الديني والعمل الحزبي بعلانية، لكنه تعامل مع الجميع برحابة صدر؛ لأنّه دعا إلى الحوار المفتوح بين الأديان، واحترام البشر لبعضهم بعضاً، إضافة إلى نشاطه في المجتمع المدني اللبناني، وجهوده المتنوعة، في تقريب الإسلام والحداثة من بعضهما.

فحص، الرافض للرجعية والهيمنة السياسية باستخدام الدين، والمولود في النبطية بلبنان، يحمل رؤية مختلفة وغير تقليدية عن رجال الدين، وعن العلاقات الإيرانية العربية في إطارها الشيعي؛ إذ كان شاهداً على فترة الخميني منذ تولّيه الحكم بعد عام 1979، وزار إيران مرات عديدة، والتقى الخميني وخامنئي وغيرهم، منذ بداية صعودهم في إيران.

النظام الإيراني، مسكون بهاجس الإمبراطورية التي يريد استعادتها بمنطق القوة الفارسية أو الشيعية أو الإيرانية

ويرى فحص، الذي بدأ دراسته في حوزة النجف بالعراق منذ عام 1963 وحصل على إجازة في اللغة العربية والعلوم الإسلامية، أنّ "الدور الإيراني استيلائي، لا يُحب أن يكون له دور وإنما نفوذ"، وبينما يشترط الدور الاعتراف بالآخر واحترام خصوصياته، يختلف النفوذ كونه يطلب التبعية من الآخر ويهمل خصوصيته. ويضيف فحص، في الحوار الطويل الذي أعيد نشره في صحيفة "النهار" اللبنانية بعد وفاته عام 2014 أنّ "النظام الإيراني، مسكون بهاجس الإمبراطورية التي يريد استعادتها بمنطق القوة الفارسية أو الشيعية أو الإيرانية مقابل الكثرة العربية، وقد جاءت للإيراني فرصة ذهبية سنة 1982، عندما ترك بعض العرب فلسطين ولبنان، فاستغلّ غفلتهم، وذهب إلى قضية العرب الأولى، وإلى قضية السنّة الأولى، وأمسك بها، فجعل فلسطين هي الذريعة".

ويشير فحص، المطلع على الأدب العربي والأوروبي، والذي يهوى الموسيقى العربية أيضاً، والتراث الثقافي العربي، إلى أنّ التجربة الإيرانية بعد الثورة "إذا أمكن اعتبارها تجربة وطنية إيرانية، فأنا، والشيعة العرب، لنا أيضاً وطننا اللبناني وهويتنا العروبية الخاصة".

وبصورة عامة، يرى فحص أنّ للشيعة في لبنان، قوة مالية وعسكرية ومادية، يحاول "حزب الله" أن يكون الممثل الوحيد لها، لتجييرها لإيران، والإيرانيون، يرون في هذا أداة للسيطرة والقوة فقط، ويغفلون القيمة الدينية أو الاجتماعية أو الخصوصية العربية الثقافية، مستغلين الجانب الطائفي فقط. وهو ما ينعكس على حزب الله في لبنان، بتدخلاته في الحرب الحاصلة بسوريا، والخطابات الاحتفالية لأمين الحزب العام متدخلاً بالشؤون العربية، من باب ولائه الخارجي للولي الفقيه في إيران.

يرى علي الأمين أنّ حزب الله وحركة أمل أساءا إلى الطائفة الشيعية اللبنانية

علي الأمين: حزب الله ينفذ أجندة إيران

مرجع شيعي لبناني ولد في بلدة قلاوية العاملية في جنوب لبنان عام 1952، ويعرف كونه من أهم دعاة الشيعة العرب للتعايش بين الديانات، وكان تلقّى تعليمه في حوزة النجف.

ولعلّ الأمين، يعتبر هو أيضاً، واحداً من أهم الأصوات الشيعية بين العرب، الذي تحدث بموضوعية ووضوح، عن العلاقة الإيرانية الشيعية في لبنان، وعن دور حزب الله فيها، وكان من الجرأة بمكان قوله إنّ "مراجع الطائفة الشيعية أصبحت فاقدة لاستقلالية الرأي بسبب الهيمنة عليها من الأحزاب الدينية المرتبطة بسياسة النظام الإيراني ومؤسساته الدينية الرسمية"، بحسب حوارٍ معه، نشره موقع "المجلة" بتاريخ 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2012.

كما يرى الأمين، صاحب الندوات الفكرية والبحوث العلمية والدينية الكثيرة، التي نشرت في أنحاء مختلفة من العالم، أنّ "حزب الله وحركة أمل أساءا إلى الطائفة الشيعية اللبنانية في علاقاتها مع شركائها في الوطن ومحيطها العربي لاعتماد قياداتهما سياسة الاستقواء بالسلاح والاصطفاف الطائفي والارتباط بالسياسة الإيرانية في المنطقة".

تحاول إيران استغلال القضايا العربية للتدخل في العالم العربي وتحرف بوصلته نحو طهران

ويؤكد الأمين، من خلال هذا الحوار، ومن خلال قراءاتٍ عديدة أخرى له، أنّ "الاستقواء بإيران، في لبنان وسوريا والبحرين والعراق وليبيا واليمن، من خلال الحصول على الدعم الإيراني لجماعات كالحوثي وحزب الله وسواهما، مقابل تنفيذ وتسويق مصالح إيران، أدى إلى زعزعة الاستقرار في هذه الدول"، إضافة إلى التناقض الإيراني في المواقف السياسية، ودعم "الربيع العربي في بلاد" ورفضه في بلادٍ أخرى كسوريا.

ويشير الأمين، إلى أنّ إقصاء صوت الشيعة العرب المنتمين لعروبتهم من قِبلِ التابعين للتشيع السياسي الإيراني، لا يعني "أنّ إيران وقياداتها الدينية والسياسية، ولية على الشيعة خارج حدودها الجغرافية، وأنّ الشيعة: ليسوا خاضعين لمرجعية دينية أو سياسية محددة".

إنّ ما يتحدث عنه هاني فحص، أو علي الأمين، وغيرهما، كصبحي الطفيلي، الذي كان أميناً عاماً لحزب الله عام 1989، وتمت إقالته لأسباب تتعلق بخلافاته مع إيران، أو السيستاني في العراق، الذي يرفض أي مرجعية شيعية دينية سوى تلك الموجودة في العراق نفسه، وغيرهم، كعلي شريعتي، المفكر الإيراني الذي اغتيل عام 1977 لفكره التنويري، ونقده انحراف المرجعيات الشيعية عن مسارها، دون أن يظهر قتلته. هؤلاء، وغيرهم، عمد الإعلام الإيراني وإعلام أتباعه كحزب الله، إلى تشويه صورهم وشيطنتهم كشيعةٍ عرب، واتهامهم بالكفر أو الولاء للغرب أو أنّهم  "أعداء المقاومة".

وهو ما تنتهجه إيران اليوم، وينتهجه حزب الله، خصوصاً في الخليج العربي؛ حيث تحاول إيران التقرب من دولٍ بعينها من خلال قراءة خاصة للأزمة الخليجية تعتمد المصلحة والتخريب، كما تمد يدها للحوثيين في اليمن، وتدعمهم بالمال والسلاح، حتى يبقوا مهددين للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، والبحرين، والعالم العربي بالمحصلة. أيضاً، تقوم بتوظيف القضية الفلسطينية في الخطب الاستعراضية لحزب الله والحوثيين، متهمة العرب بالتقصير والخيانة، مكتفية بشعارها الفاقع "الموت لأمريكا وإسرائيل"، في محاولةٍ لجعل الطريق المزعوم إلى فلسطين ينحرف تجاه أطماعها، ويتحول إلى طهران.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية