الحوثيون يحفرون الخنادق ويبنون المتاريس استعداداً لجولة قادمة من الحرب

الحوثيون يحفرون الخنادق ويبنون المتاريس استعداداً لجولة قادمة من الحرب


21/07/2022

مع التعنت الحوثي برفض تمديد الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة والمدعومة من المجتمع الدولي، منذ نيسان (أبريل) الماضي وتنتهي في مطلع آب (أغسطس) المقبل، فإنّ الأوضاع السياسية والميدانية باليمن تراوح مكانها، بينما تظل محاولات التسوية والوصول إلى أفق سياسي وحل سلمي للأزمة بعيدة عن التحقق. وقد كشف الجيش اليمني، في بيان رسمي، عن وقوع 188 خرقاً للهدنة في مناطق الحديدة وتعز والضالع وحجة وصعدة والجوف ومأرب، وذلك بواسطة الميلشيات التابعة لإيران.

خروقات الحوثي للهدنة

ووفق بيان المركز الإعلامي للجيش اليمني، فقد تم قتل 8 جنود وإصابة 9 آخرين، السبت الماضي، إثر استهداف مباشر من عناصر الحوثي. وتراوحت انتهاكات التنظيم المسلح بين إطلاق النيران على الجنود، وكذا استهداف مواقع عسكرية للجيش من سلاح المدفعية والقناصة والطائرات المسيرة المفخخة.

وبينما التزم الجيش اليمني بوقف إطلاق النار، فإنّ الحوثي استغل ذلك باستحداث مواقع عسكرية جديدة له للتموضع فيها، عبر حفر خنادق وتدشين تحصينات أمنية لعناصره الميلشياوية، فضلاً عن نشر طيران استطلاعي مسيّر في مختلف الجبهات، حسبما أوضح بيان الجيش.

حسن الفقيه: الحوثي ذهب إلى الهدنة باعتبارها "عملية تكتيكية" و"مرواغة إيرانية" لإيجاد فرصة للتحشيد القتالي

واللافت أنّ الذراع العسكرية لإيران التي أعلنت، مؤخراً، رفضاً ضمنياً للهدنة، من خلال البيان الذي أصدره "المجلس السياسي الأعلى"، كشف في أجزاء منه عن ارتهان ذلك الموقف بإيران وأهدافها السياسية والإقليمية؛ إذ إنّ التصعيد الذي تزامن وزيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، للمنطقة، استبق أيّ مواقف أو مخرجات تجاه تخفيض النزاعات بالإقليم. وذكر البيان الصادر عن المجلس التابع للحوثي أنّ الهدنة "مثلت تجربة صادمة ومخيبة للآمال ولا يمكن تكرارها في المستقبل"، مؤكداً رفضه "لأيّ مخرجات تصدر عن زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة".

اللافت أنّ الذراع العسكرية لإيران التي أعلنت رفضاً ضمنياً للهدنة، من خلال البيان الذي أصدره "المجلس السياسي الأعلى"، كشف في أجزاء منه عن ارتهان ذلك الموقف بإيران وأهدافها السياسية

وعليه؛ دعا وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الحوثي بتنفيذ تعهداته المتعلقة بفتح الطرقات في تعز بموجب اتفاق الهدنة. وذكر بلينكن في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أنّه ناقش مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، في جدة، تمديد الهدنة التي تقودها الأمم المتحدة لتخفيف معاناة اليمنيين.

إطالة أمد الحرب

وثمّن وزير الخارجية الأمريكي الدور الذي تقوم به "قيادة الحكومة اليمنية الجريئة بشأن الهدنة التي كان لها تأثير ملموس على حياة اليمنيين في جميع أنحاء البلاد". وأضاف: "يجب أن نرى تحركاً هادفاً للحوثيين للسماح بالوصول إلى تعز".

إذاً، رفض ميليشيات الحوثي المدعومة من طهران تمديد الهدنة، لا يعدو كونه أمراً جديداً أو مستغرباً، وفق المحلل السياسي اليمني، حسن الفقيه، الذي أوضح لـ"حفريات" أنّ الهدنة "هشة" منذ يومها الأول، وباشرها الحوثيون بخروقات عدة. ويتابع:" فعلياً لم يمر يوم من أيام الهدنة دون ارتكاب الميليشيات الحوثية لعشرات الانتهاكات، بصورة متواصلة، على امتداد جبهات ومسارح قتالية عدة، الأمر الذي رصدته وقامت بتوثيقه القوات الحكومية".

وألمح الفقيه إلى أنّ الحوثي ذهب إلى الهدنة باعتبارها "عملية تكتيكية" و"مرواغة إيرانية" لإيجاد فرصة للتحشيد القتالي، ثم استعادة صفوف التنظيم بعدما تعرض لنزيف خسائر على مستوى عناصره المسلحة، وكذا التجهيزات اللوجيستية والعسكرية، الأمر الذي بلغ درجات قصوى خصوصاً في العامين الماضيين.

كما أنّ الهدنة جاءت برغبة دولية في محاولة للبناء على محاولات مماثلة سابقة، وكانت هي الأخرى ضعيفة. غير أنّ الواقع ومجريات الأمور، من خلال تحركات الميليشيات الإيرانية، أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنّ هذه الهدنة مثل غيرها، وفي حال تم التمديد لها، لن تصمد طويلاً، وذلك بسبب ارتهان هذه المجموعات الولائية بالقرار الإيراني، بحسب المحلل السياسي اليمني. وبالتالي، فالتصعيد العسكري بيد طهران، ونظام الملالي هو الذي يحرك عناصره باليمن لتنفيذ أجندة سياسية وإقليمية محددة.

إدانة أممية

ودان الاتحاد الأوروبي رفض الحوثي المقترح الأخير للمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، بشأن إعادة فتح الطرق، خاصة حول مدينة تعز المحاصرة منذ ثماني سنوات. وقال الاتحاد الأوروبي، في بيان له باسم الناطق الرسمي، منتصف الأسبوع، إنّه يأسف كثيراً لرفض الحوثيين مقترح المبعوث الأممي لإعادة فتح الطرق التي تمثل عنصراً إنسانياً جوهرياً للهدنة إلى جانب شحنات الوقود عبر ميناء الحديدة والرحلات التجارية من وإلى صنعاء.

أنتوني بلينكن: ناقشنا مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، في جدة، تمديد الهدنة التي تقودها الأمم المتحدة لتخفيف معاناة اليمنيين

وطالب الاتحاد الأوروبي الحوثيين بمراجعة مواقفهم بخصوص مقترح المبعوث الخاص للأمم المتحدة والقبول به، بينما حث الأطراف كافة على ضرورة القبول بتمديد آخر للهدنة لستة أشهر أخرى بعد انتهائها في الثاني من آب (أغسطس) المقبل.

وإلى ذلك، يوضح عضو مشاورات الرياض، الدكتور ثابت الأحمدي، أنّه عندما نطالب ميليشيات الحوثي الإيرانية بالسلام، فإنّنا "حتماً نضطرها للانخراط في سلوك وممارسات قسرية تخالف مواقفها الطبيعية؛ إذ إنّ تجربتنا مع هذه الجماعة طويلة ومؤلمة للغاية، فهي جماعة حرب وصراع وقتل ودمار، ولا علاقة لها مطلقاً بالسلام والحوار والتفاوض. وفي حال ظهرت بمظهر المتفاوض، فإنّها تسعى للحرب وإطالة أمد الصراع".

ويلفت الأحمدي في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ "ميليشيات الحوثي الإيرانية في صنعاء مستفيدة أساساً من بقاء الوضع على ما هو عليه، وقد حققت قيادة الجماعة ثراءً فاحشاً مما يعرف باقتصاد الحرب، وقد صادرت كل الموارد لصالحها الشخصي عبر مشرفيها التنفيذيين بالمدن والمديريات والمناطق المختلفة. وفي حال انتهت الحروب ونجحت السبل التي تقود إلى السلام وعادت الدولة، فإنّ العوائد غير المشروعة التي تحصل عليها سوف تجف بطبيعة الحال؛ لهذا، فهم (أي الحوثي) أكثر إصراراً على الحرب، وأكثر إصراراً على السيطرة الميدانية وعسكرة الملف وإطالة الأزمات الإنسانية".

الهدنة باعتبارها مراوغة إيرانية

وثمّة حقيقة ملحة يؤكد عليها عضو مشاورات الرياض، مفادها أنّ هذه الميليشيات "مرتهنة سياسياً بإيران، ولا يمكن أن تتجاوز الراعي الرسمي وهو المرشد الإيراني، علي خامنئي، في أي تصرف، بمعنى أنّها لا تملك في الأساس أي خيار بشأن قرار الحرب أو السلام من أساسه، والذي يأتيها من طهران. وطهران أساساً بسياستها المعروفة ضد استقرار الشعوب وضد السلام في أي قطر كان".

المحلل السياسي اليمني حسن الفقيه لـ"حفريات": الهدنة هشة منذ يومها الأول، وباشرها الحوثيون بخروقات عدة، إذ لم يمر يوم من أيام الهدنة دون ارتكاب المليشيات الحوثية لعشرات الانتهاكات

ومن جهته، يطرح المفكر اليمني، عبده سالم، زاوية مغايرة للأزمة، إذ ألمح إلى أنّ المشكلة ليست في رفض الحوثيين للهدنة، وإنّما في إصرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على ضرورة التمسك بالهدنة من قبل دول التحالف وحكومة الشرعية اليمنية رغم خرق الحوثيين لها، موضحاً لـ"حفريات" أنّ الرئيس بايدن قال إنّه اتفق مع السعودية على وقف الحرب في اليمن، وأنّ السعودية وافقت على تمديد الهدنة، لكن الرئيس بايدن لم يقل كيف سيتفق مع إيران ووكيلها المحلي على وقف هذه الحرب، وعلى استمرار الهدنة، لا سيما أنّ إيران ترى في الحوثي أهم حامل لردائها الإمبراطوري في عموم الجزيرة العربية ومنطقة القرن الأفريقي، فضلاً عن كونها خط الالتفاف العسكري الواصل إلى غزة عبر منطقة البحر الأحمر.

يبدو أن الحوثيين بانتظار متغيرات دولية وإقليمية تخدمهم

وبالنسبة للحوثي، فهم مجرد "أداة عسكرية في كتف إيران، وبالتالي، لا يبحثون عن حلول أو تسويات، إنّما تثبيت وضع أمني وعسكري على الأرض"، حسبما يوضح سالم، مع الوضع في الاعتبار أنّ خطابات الحوثي، هذه الأيام، في المساجد، تحمل لغة واضحة مفادها أنّ "ولاية آل البيت، وسلاح المجاهدين (الحوثيبن) خط أحمر ولا يمكن المساس بهما".

الحوثيون، على ما يبدو، بانتظار متغيرات دولية وإقليمية تخدمهم، وهم الآن في حال ترقب وكأنهم على موعد ما غامض لإعادة تعيين وضعهم السياسي والإقليمي. والهدنة بالنسبة لهم ليست سوى عملية لـ"كسب وقت". يقول سالم.

ويختتم: "وافق الحوثي على اتفاق الهدنة وفي الوقت نفسه حفروا الخنادق ودشنوا المتاريس والتحصينات استعداداً لجولة قادمة من الحرب. الحوثيون يعتقدون أنّهم قدموا تضحيات كثيرة في سبيل الاحتفاظ بالسلاح والسلطة، ولن يفرطوا بهذه التضحيات كلها من أجل زيارة بايدن وأي مطالب ذكرها".

مواضيع ذات صلة:

قبل أيام من انتهاء الهدنة في اليمن.. ارتباك الحوثي وتراجع نفوذ الإخوان

صحفي يمني يكشف لـ"حفريات": زملائي يواجهون الإعدام في سجون الحوثي

لماذا يرفض الحوثيون فك الحصار عن محافظة تعز؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية