الحوثيون يتلاعبون بحياة اليمنيين... أزمات مفتعلة ومجاعة تلوح بالأفق

الحوثيون يتلاعبون بحياة اليمنيين... أزمات مفتعلة ومجاعة تلوح بالأفق


22/03/2021

يقف اليمن على بعد خطوة واحدة من المجاعة بسبب جرائم الحوثيين وانتهاكاتهم الإنسانية غير المسبوقة، وتلاعبهم بالمساعدات التي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء، بالإضافة إلى آلاف القابعين على شفا الموت من الجوع.

وتشهد المدن اليمنية، لا سيّما الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، أزمة غذائية حادة نتيجة ارتفاع الأسعار، في وقت يعاني فيه اليمنيون من تراجع ملحوظ في القدرة الشرائية، وانخفاض مستوى الدخل وتوقف صرف رواتب الموظفين.

اقرأ أيضاً: "الحوثي" بين جرائم الحرب ولغة القوة

وما زاد من معاناة اليمنيين خلال الفترة الأخيرة هو الارتفاع الحاد بأسعار الدقيق ومستلزمات صناعة الخبز؛ ما ضاعف من قيمته ودفع نسبة كبيرة من أصحاب المخابز لإقفالها، لتدخل البلاد في أزمة خبز، وتبدو ملامح مجاعة قادمة تسهم في صناعتها الميليشيات الحوثية، حسبما كشفت مصادر لـ"مرصد مينا".

وأفادت مصادر محلية بأنّ سعر كيس الدقيق "50 كيلوغراماً" في صنعاء ومناطق شمال اليمن ارتفع إلى نحو 16 ألف ريال مقابل 12 ألفاً سابقاً، في ظلّ انهيار متواصل للعملة الوطنية التي سجلت أرقاماً قياسية بتجاوزها حاجز603 ريالات للدولار.

واستغلت المخابز ارتفاع أسعار الدقيق والمحروقات، ليس فقط من أجل رفع قيمة الخبز، بل أيضاً تقليص وزنه مقارنة بالأوزان المحددة، ما تسبب في زيادة الأزمة، خاصة أنّ الكثير من المخابز أغلقت أبوابها، ليتجاوز سعر الرغيف الواحد 35 ريالاً بعد أن كان 20 ريالاً سابقاً.

 

اليمنيون يعانون خلال الفترة الأخيرة من الارتفاع الحاد بأسعار الدقيق ومستلزمات صناعة الخبز

 

يشار إلى أنّ الميليشيات الحوثية في صنعاء أصدرت مطلع شهر آذار (مارس) الجاري، قراراً يقضي برفع سعر رغيف الخبز "الروتي" 5 ريالات يمنية، ليصل إلى 25 ريالاً بعد أن كان 20 ريالاً، وتؤكد مصادر محلية أنّ سعر الرغيف الواحد يباع بـ35 ريالاً.

وتقدّر جمعية المخابز والأفران حجم الاستهلاك اليومي للخبز في اليمن بنحو 80 مليون رغيف، وتعتمد 80% من الأسر على المخابز في توفير احتياجاتها من الخبز وأقراص "الروتي المسطحة"، وتعمل حوالي 20% من الأسر على إعداد الخبز في منازلها.

اقرأ أيضاً: في ملف اليمن.. كيف استثمر الحوثيون رفعهم عن قوائم الإرهاب؟

بيانات جمعية المخابز والأفران أوضحت ارتفاع واردات اليمن من القمح والدقيق، بما فيها المساعدات الإغاثية، من حوالي مليوني طن متري قبل الحرب إلى حوالي 2.9 مليون طن متري العام الماضي، بمعدل زيادة أكثر من 11%، إذ تعتبر من أهمّ السلع غير النفطية المستوردة التي تستنفد النقد الأجنبي.

من جهة أخرى، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قبل أسبوعين من "حكم بالإعدام" على اليمنيين، بعدما جمع مؤتمر للمانحين الدوليين أقلّ من نصف ما يحتاجه البلد الغارق بالحرب لتجنب حدوث مجاعة.

وكانت المنظمة الأممية قد ناشدت الدول المانحة التبرع بسخاء لجمع مبلغ 3,85 مليار دولار لتمويل عمليات الإغاثة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، لكنّ مجموع التعهدات بلغ في النهاية نحو 1,7 مليار دولار.

 

ديفيد جريسلي يحذّر من الوضع المعيشي للسكان في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي بسبب جرائمها الإنسانية

 

وقال الأمين العام للمنظمة الأممية أنطونيو غوتيريش في بيان: "يحتاج ملايين الأطفال والنساء والرجال في اليمن بشدة إلى المساعدات للبقاء على قيد الحياة، قطع المساعدات هو حكم بالإعدام، وفق ما نقلت "بي بي سي".

وأعرب غوتيريش عن خيبته قائلاً: إنّ التعهدات تشكّل تراجعاً عن العام الماضي، فقد بلغ مجموع المساعدات التي تلقّتها الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية العاملة في اليمن 1,9 مليار دولار في ظل أزمة فيروس كورونا، وأقل بنحو مليار عن العام 2019.

وجدد منسق الشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد جريسلي تحذيره من الوضع المعيشي للسكان في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، وقال: "إنّ الخسائر التي خلفتها أكثر من 6 أعوام من الصراع مدمرة"، وإنّ الناس تحتاج إلى مساعدات عاجلة لدرء الجوع، وللحصول على الخدمات الصحية الأساسية، وللحفاظ على كرامتهم وقدرتهم على الصمود وإعادة بناء مجتمعاتهم.

في حين أنّ حوالي 5 ملايين شخص على وشك المجاعة، وفق بيانات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، والذي يقدر أنّ 7.6 ملايين شخص يحتاجون إلى خدمات العلاج أو منع سوء التغذية عن أكثر من 2.25 مليون طفل دون سن الـ5.

وحسب مدير برنامج الغذاء العالمي، فإنّ اليمن سيشهد أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود "إذا اتخذنا الخيار الخاطئ الآن"، محذراً من أنّ ملايين اليمنيين الذين يتضوّرون جوعاً ويعانون من المرض ويتحملون وطأة الصراع المطول لا يمكنهم الانتظار.

 

برنامج الغذاء العالمي: اليمن سيشهد أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود، والملايين بحاجة للرعاية الغذائية والصحية

 

وتتوقع المنظمة الدولية أن يعاني أكثر من مليون امرأة حامل ومرضع من سوء التغذية الحاد في هذا العام، مع وفاة طفل واحد على الأقل كل 10 دقائق بسبب الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وقدّرت أنّ 20.1 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة الصحية، لافتة إلى أنّ أكثر من 16.2 مليون شخص يواجهون الجوع في العام 2021، بما في ذلك ما يقرب من 50000 شخص يعانون بالفعل من ظروف شبيهة بالمجاعة.

اقرأ أيضاً: عن أي تفاوض يتحدث الحوثيون؟!

وفي سياق متصل بالمجاعة في اليمن، حذّرت دوائر تابعة للأمم المتحدة في شباط (فبراير) الماضي من أنّ ما لا يقل عن 400 ألف طفل يمني دون سن الـ5 قد يموتون جوعاً هذا العام إذا لم يحدث تدخل عاجل، وسط ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد الناجم عن الحرب وجائحة فيروس كورونا.

ومع تحذير الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة إذا ما استمرّ القتال واقتراحها جملة من التدابير الاقتصادية والإنسانية للتخفيف من الآثار المترتبة على الأوضاع المعيشية للسكان، اختارت ميليشيا الحوثي الإرهابية التصعيد الميداني، ورفض كلّ المقترحات، ووضع نحو 30 مليون يمني رهائن يواجهون خطر المجاعة إذا لم يقبل اليمنيون والعالم أن يحكم هذا البلد جماعة مغامرة ضمن أجندة إقليمية معلومة الأهداف.

 

ميليشيا الحوثي الإرهابية اتخذت قرار التصعيد الميداني، ورفضت كلّ المقترحات الدولية، ووضعت نحو 30 مليون يمني رهائن

 

وعادت ميليشيا الحوثيين من جديد للرهان على التصعيد العسكري، فدفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى أطراف محافظة مأرب في محاولة جديدة لإحراز أي تقدم في شمال وغرب المحافظة مستهدفة القوات الحكومية في جبهات المشجح والكسارة وجبهات هيلان لكن دون أن تحقق أيّ تقدّم في الأرض مقارنة بالخسائر التي دفعتها الميليشيا، وفق ما أوردت صحيفة البيان.

اقرأ أيضاً: ما يسجله التاريخ على الحوثي

وعن علاقة ميليشيات الحوثي الإرهابية بالمنظمات الإغاثية واستغلالها، اتهم تحقيق لوكالة "أسوشييتد برس"، في عام 2019 الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في اليمن بفساد مؤسساتها، فقد كشفت الوكالة تفاصيل بعض جوانب التحقيقات في منظمتي الصحة العالمية و"يونيسف"، بينها اتهامات توظيف غير مؤهلين، وتسخير عربات نقل أممية لحماية قيادات حوثية، وحصول موظفين على أموال طائلة من مخصصات الإغاثة.

وفي الإطار ذاته، قالت الأمم المتحدة: إنّ اليمن على بُعد خطوة واحدة من المجاعة، بسبب الحرب، وبسبب تلاعب الحوثيين بالمساعدات التي يفترض وصولها إلى المدنيين.

وكان عدد من المسؤولين في الأمم المتحدة قد لوّح، في تقرير أوردته "سي إن إن" قبل أشهر، بالانسحاب في حال عدم السماح لهم من قبل ميليشيات الحوثي الإرهابية "بالقيام بعملهم كما يجب"، مؤكدين أنّ التلاعب بالمساعدات سيطيل من أمد الصراع.

ووفقاً لتقارير برنامج الغذاء العالمي، فإنّ 16 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدة للحصول على الطعام يومياً، بينهم 11 مليوناً يعانون من انعدام غذائي شديد، و5 ملايين يمني وصلوا إلى مستوى الطوارئ الغذائية، و50 ألفاً يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية