"الحوثيون".. والبرمجة المذهبية

"الحوثيون".. والبرمجة المذهبية


01/02/2022

سالم سالمين النعيمي

في الحرب المذهبية الناعمة إن صح التعبير، يتم العمل على تجييش الشعوب وقلب موازين القوى الروحية في العالم، وذلك من خلال وسطاء يتم تجنيدهم وزرعهم في الدول المستهدفة، إلى جانب برمجة السرد الروائي العاطفي تحت مظلة الأخوة في المظلوميات الكبرى للنشوء والترقّي المذهبي الثوري، ونسخ تجربة الإسلام السياسي الشيعي في العالم الإسلامي، حيث تم تدريب العديد من الشيعة في العالم العربي في الحوزات العلمية في مدينة «قم» كمرجعيات كبرى عند الرجوع لأوطانهم، وهي حرب باردة نتائجها تصل لدرجة الغليان، وتأجير أرحام طائفية ومقاربة منفعية كما هو الحال بالنسبة لـ «حسن علي العماد» القيادي «الحوثي» على سبيل المثال، والذي قبضت عليه السلطات اليمينة الشرعية مؤخراً، وهو يعدّ أحد أبرز مرجعيات الفكر الطائفي في اليمن والمعروف بـ«خميني صنعاء»، وهناك خميني محلي بين السكان الشيعة في كل قطر عربي، ومسلم ينتظر ظهوره في أية لحظة.
وتنتشر الزيدية حالياً في شمال اليمن، ويشكل أتباع المذهب الزيدي ثلث تعداد المواطنين في محافظات صعدة وصنعاء وعمران وذمار والجوف وحجة، وبعض المصادر تشير إلى أنهم يشكلون حوالي 30- 35% من سكان اليمن، كما أن للزيدية حضوراً في مناطق طبرستان -مازندران حالياً - ومنطقة جيلان (الديلم) وهي مناطق إيرانية بالقرب من بحر قزوين، وعقب إسقاط حكم الإمامية في اليمن تراجع النفوذ السياسي لأتباع المذهب الزيدي، ولكن مع قيام الثورة الإيرانية سنة 1979 تشكلت بارقة أمل لقادة العمل الزيدي في اليمن، ضمن تصدير الثورة ونشر التشيّع في العالم ومنه اليمن، على الرغم من أن علماء المذهب الزيدي حتى وقت قريب كانوا يحاربون المذهب الإمامي الإثني عشري ويصفونهم بالرافضة. 
وتعدّ أبرز الأوجه السياسية للزيدية في اليمن وصعدة «أنصار الله»، وهي الذراع السياسي لجماعة الحوثيين إحدى طوائف الزيدية في اليمن والأقرب إلى المذهب الاثني عشري، ويلعب «أنصار الله» دوراً كبيراً في اليمن وخاصةً بعد أحداث 21 سبتمبر 2014، وسماح الرئيس اليمني السابق «علي عبد الله صالح» بعودة الأب الروحي للحركة «بدر الدين الحوثي» والد حسين إلى اليمن، بعد أن كان شبه منفي، ورجع حسين الحوثي قبل أبيه، وكان تغيير اسم تنظيم «الشباب المؤمن» إلى «أنصار الله» أولى خطواته بعد العودة لتعقد صفقة بين عموم الزيديين والحكومة اليمينة.
ومن خلال برمجة طويلة الأمد امتدت قرابة 22 عاماً نجحت الماكينة الترويجية المذهبية في جعل الزيدية تشكل إحدى فرق الشيعة، إلاّ أن الزيدية كان لها نصيب وافر من كره وحقد الإمامية والإفتاء بكفرهم واعتبارهم نواصب، وخاصةً أن نسبة كبيرة من الشيعة يؤمنون بكفر كل من لا يؤمن بالأئمة الاثني عشر، وقد أدى امتزاج الزيدية بالاثني عشرية لدى «الحوثيين» إلى ما يمكن أن نعده «مذهباً حوثياً»، تتمثل مرجعيته الأساسية في خطابات سياسية لحسين الحوثي تم تفريغها في مجموعة من المذكرات من قبل أنصاره، وأصبحت المرجع الأول والأساسي للتنظيم وأنصاره على عكس المذهب الزيدي.
من جهة أخرى، لا يعد الدعم المذهبي سراً في إطار تصدير الثورة لليمن وأخذ هذا الدعم أشكالاً متعددة، وتحول «الحوثيون» إلى وحدات قوات خاصة يمنية بنكهة وتقنية خارجية، إلى جانب التمكن التربوي الأيديولوجي الذي زرعه «حسين الحوثي» في الجماعة للموت دون تردد من أجل الوعد المقدس والنصر الأكيد، فهم يقاتلون بعقيدة راسخة لديهم تحاكي العقيدة المذهبية الحركية ولا يتحركون خطوة دون مباركة ودعم من الجهة الرسمية الراعية لهم.

عن "الاتحاد" الإماراتية

الصفحة الرئيسية