الحرية إذ تخلق عبيداً

الحرية إذ تخلق عبيداً

الحرية إذ تخلق عبيداً


16/07/2023

البلاد التي تجاهر بنبذ العنصرية وتجريمها تدفع سكانها من الفئة البيضاء نحو العنصرية بطريقة غير مباشرة. 

تجعلك هذه البلاد تفكر في الثمن الذي تدفعه مقابل الحرية مقابل تقليل الرقابة.. تؤكد هذه البلاد لك بأن هناك ثمناً ما ستدفعه كفرد مقابل تلك الحريات التي تتبناها البلاد، وتحاول جاهدة استخدامها حجة للتدخل في شؤون غيرها.

ثمن الحريات في هذه البلاد هي الحرية نفسها، حرية التنقل في ساعات متأخرة من الليل، حرية التحرك دون التلفت من حولك، حرية الانشغال عن أغراضك لبضع ثوان دون إمساكها وأنت جالس على طاولتك في الباحة الخارجية لمقهى، أو حتى داخل المقهى نفسه.

الحريات في هذه البلاد أنّ اكثرية المارة لن يتكاتفوا لصد مكروه عن أحدهم، فالحرية هنا تجعل منك عبداً لها في التغاضي عن أفعال غيرك للحفاظ على حرية وجودك.

تحرمك الحريات في هذه البلاد من إمكانية التفاعل مع موقف غير عادل في الشارع، خوفاً على نفسك من سكين أو لكمة.

تؤكد لك الحريات في هذه البلاد أنّ اكثرية المارة لن يتكاتفوا لصد مكروه عن أحدهم، فالحرية هنا تجعل منك عبداً لها في التغاضي عن أفعال غيرك للحفاظ على حرية وجودك.

الحرية هنا تمنع الشرطة من امتلاك مسدس خوفاً من استخدامه بشكل طائش أو عنصري، فيكتفي الشرطي بعصا وجهاز صاعق لا يُخيف حاملي الأسلحة البيضاء من العصابات والخارجين عن القانون.

تلك العصابات مؤلفة من مخلفات إرث العنصرية المستمرة.  يجوب أولئك الضحايا الطرق والزوايا لإنتاج ضحايا أخرى، غير مكترثين بأية شعارات تدّعي فيها حكوماتهم التصدي للعنصرية، فبالنسبة لهم يبقى التقسيم الجغرافي لأوضاعهم الاقتصادية موروثاً عن نهج حكومي يمنح الفرص للجميع بالوصول معتبراً أنّ في ذلك تساوياً عادلاً، بينما يغضّون الطرف عن الاختلاف الشاسع بين الطبقات الاجتماعية.

نقطة البداية للشاب صاحب البنطال الواسع والبشرة السمراء ليست ذاتها التي يبدأ منها الشاب الأشقر صاحب الشعر القصير والمسرّح.

الحريات في تلك البلاد يا سادة تخلق عبيداً للبقاء أحياء في الداخل، وعبيداً لصورة وهمية للأحرار الحقيقيين في الخارج.

وداعاً أيتها الحرية

مواضيع ذات صلة:

ما علاقة الحرية الفردية بالحريات العامة؟

في الحرية تزهر وردة الأمل والعقل

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية