الحدود الإيرانية التركية... من يدير عمليات تهريب السوريين؟

الحدود الإيرانية التركية... من يدير عمليات تهريب السوريين؟


08/08/2022

تعرّضت مجموعة من الشبان السوريين لتعذيب وحشي من قبل عصابات إيرانية على الحدود الإيرانية التركية، كانوا قد دخلوا إيران من شمال العراق بهدف دخول تركيا، ومن ثم الوصول إلى الدول الأوروبية.

ونشرت شبكة "فرات بوست" تسجيلاً مصوراً لمجموعة شبان غالبيتهم من محافظة دير الزور أثناء احتجازهم من قبل عصابة إيرانية متخصصة بالخطف بالقرب من الحدود التركية، مع تعرّضهم لتعذيب وحشي من قبل الخاطفين.

وذكرت الشبكة نقلاً عن مصادرها أنّ الخاطفين قاموا بتعذيب الشبان وسرّبوا الشريط المصوّر للضغط على ذويهم من أجل دفع فدية مالية "قدرها (10) آلاف دولار عن الشخص الواحد"، خاصة أنّ الشبان الذين ظهروا في التسجيل كانوا يتعرضون للتعذيب وتكبيل اليدين والضرب بأدوات حادة من خلال رميهم بالحجارة الكبيرة، إضافة لقطع أذن أحدهم بالسكين.

ووفقاً للموقع ذاته، فبعد ساعات على تسريب التسجيل، أُطلق سراحُ الشبان المختطفين “بعد دفع ذووهم الفدية، وعادوا إلى شمال العراق، وغالبيتهم أُصيبوا بكسور مختلفة باستثناء قطع أذن أحد الأشخاص"، وانتهت رحلة لجوئهم بالفشل بسبب اختطافهم وتعذيبهم.

الخاطفون قاموا بتعذيب الشبان، وسرّبوا الشريط المصوّر للضغط على ذويهم من أجل دفع فدية مالية قدرها (10) آلاف دولار

وحول طرق التهريب نقلت شبكة الأورينت بعض التفاصيل المتعلقة بتعاقد الشباب مع مهرب سوري في أربيل العراقية، بهدف إيصالهم إلى تركيا عبر الأراضي الإيرانية انطلاقاً من العراق بطريق "التهريب"، ويسلّمهم المهرب السوري لشبكة مهربين من جنسيات إيرانية وعراقية وسورية على الحدود الإيرانية العراقية.

بعد ذلك تساعدهم تلك العصابات بالدخول بالتعاون مع مهربين أتراك، وفي بعض الأحيان يقعون في براثن عصابات الخطف الذين يهدفون للحصول على فدية من أهالي الهاربين، على الأراضي الايرانية.

 

الجابري: عمليات التهريب تجري تحت أعين السلطات الأمنية والقضائية والسياسية المباشرة لـ4 دول

ولفتت الشبكة إلى أنّ الكثير من الشباب قضوا على يد تلك العصابات، بعد أن فشلت مساعي الإفراج عنهم، ولم يستطع ذووهم دفع الفدية، مؤكداً أنّ نحو (800) شاب من الذين اتخذوا الطريق ذاتها للوصول إلى أوروبا مصيرهم غير معروف، ولم تصل إلى أهاليهم أيّ أخبار عنهم منذ فترات طويلة.  

ويعتمد اللاجئون الأراضي الإيرانية كطريق عبور للوصول إلى تركيا أثناء رحلة لجوئهم الطويلة للاستفادة من حدود إيران مع تركيا، بعد إغلاق الأخيرة لحدودها مع سوريا والعراق بشكل غير مسبوق لحماية أمنها القومي ومنع عمليات التهريب، لا سيّما أنّ إيران لا تُعدّ مقصداً للجوء.

ولا توجد إحصاءات رسمية لأعداد السوريين الذين يصلون إلى تركيا شهرياً عبر هذا المسار، لكنّهم يُعدّون بالآلاف.

وأوضح الصحفي الاستقصائي سردار سناري في تصريح لصحيفة النهار أنّه "وفق أعداد الواصلين إلى مخيمات الضبط التركية في ولايتي وآن وهكاري، فإنّ (3) آلاف سوري يصلون شهرياً من إيران إلى تركيا، إلى جانب أضعاف ذلك الرقم من الأفغان، وثمّة تعاون واضح بين شبكات التهريب وقادة نقاط الحرس على طرفي الحدود.

 (3) آلاف سوري يصلون شهرياً من إيران إلى تركيا

 ولفت سناري إلى أنّ العديد من الشهادات التي حصلنا عليها من العابرين أكدت أنّ الضباط والعسكريين الإيرانيين والأتراك كانوا يتلقون الأموال بشكل مباشر ونقدي أثناء ساعات العبور، مقابل غضّ النظر لدقائق، وكانوا يتقاضون قرابة (1000) دولار عن كل فرد يعبر من جهة حدودية إلى أخرى".

وتابع سناري: إنّ "المئات من اللاجئين يتعرّضون لأشكال فظيعة من العنف، من الضرب وإطلاق الرصاص الحي عليهم من قِبل بعض حراس الحدود، في حال عدم توافقهم مع قادة شبكات التهريب، التي وصلت في بعض الأحيان إلى اغتيال بعض الأشخاص. كذلك ثمّة عنف لفظي وجسدي وجنسي مارسه المهربون ضد بعض اللاجئين، خصوصاً من النساء اللواتي فقدن أموالهن، وحاولن العبور وحدهن. وفي مرات غير قليلة، اشترى المهربون المجوهرات والعملات الأجنبية والهواتف النقالة التي كان يحملها اللاجئون بأقل من نصف سعرها الحقيقي، فقط لتقديم خدمة العبور من نقطة إلى أخرى".

أحد الضحايا: المهربون يعملون مع حرس الحدود الإيراني والتركي، ويتقاسمون ما ينهبونه من المهاجرين

 ولا يعبر السوريون من بلادهم إلى إيران مباشرة، حيث لا يحتاجون إلى سمة دخول، لأنّهم يودون الدخول من دون أيّ صفة رسمية، تجنّباً لاحتمال إعادتهم مرة أخرى. فما أن يدخلوا الأراضي الإيرانية حتى يأخذ المهربون جميع وثائقهم الرسمية، لتكون بمثابة أداة ابتزاز، تُستخدم في حال عدم التزامهم بتعليمات المهربين، ومن ثمّ يتم إرسالها إليهم في تركيا، بعد الحصول على مبالغ مالية إضافية.

الناشطة الحقوقية العراقية سعاد الجابري تشرح  للصحيفة ذاتها أنّ هذه الأحداث اليومية التي تجري تحت أعين السلطات الأمنية والقضائية والسياسية المباشرة لـ4 دول، إنّما هي في المحصلة تُصنّف ضمن قائمة أعمال "الاتجار بالبشر".

وتقول: "ما التسمية المناسبة للصفقات التي تجري بين قادة شبكات التهريب لبيع عشرات الأشخاص، والدخول في مناقصات تجارية عليهم، وكأنّهم بضاعة تُباع وتشترى؟ هذه الصفقات غالباً ما تتم بالتواطؤ مع قادة الأمن وأجهزة السلطة على طرفي الحدود، وحينما يختلفون على الأسعار، يبقى الناس في الانتظار لأسابيع، وفي أفظع الظروف! هل من تسمية أخرى لذلك غير الاتجار بالبشر؟".

وتتابع الجابري: "إلى ذلك، فإنّ هؤلاء اللاجئين، المقدرين بالآلاف، لا يحظون بأيّ حماية قانونية أو رعاية طبية أو نفسية، ولشهور كثيرة، وتالياً هم متروكون لكلّ أنواع الابتزاز النفسي والجسدي وحتى الجنسي، من أناس هم الأكثر قابلية لفعل ذلك بوحشية مضاعفة، من المهربين وقادة نقاط الحراسة الحدودية.

وأضافت: "في المقابل أفراد هذه الشبكات محميون تماماً، عبر توافقاتهم الداخلية مع الأجهزة الأمنية والسياسية في مناطق عملهم، كشركاء أو عبر ما يبتكرونه من حماية لأنفسهم، فجميع أسمائهم وهمية، ولا يجرون أيّ مقابلات مباشرة مع اللاجئين، بل فقط مع المنفذين على الأرض من عملائهم".

أفراد عصابات إيرانية وتركية يقومون بعمليات تهريب المهاجرين الذين يقعون في بعض الأحيان في براثن عصابات خطف

وروى أحد الشاب من مدينة حلب رحلة تهريبه، بدءاً من الإعلانات التي روّجها أشخاص ادّعوا أنّهم وكلاء شركة سياحية، ساعدته على السفر إلى أربيل ثم بالتهريب إلى إيران، ليقبض عليه من قبل حرس الحدود الإيراني بعد فشله في عبور الحدود التركية.

وزعم، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية، أنّ المهربين يعملون مع حرس الحدود الإيراني والتركي، وأنّهم يتقاسمون ما ينهبونه من المهاجرين، وأنّ التنسيق يقوم فيما بينهم على دخول المهاجرين، وعلى القبض عليهم، ثم الإفراج عنهم.

هذا، وتحوّلت الحدود الإيرانية التركية إلى نقطة عبور رئيسية للاجئين السوريين الراغبين بالوصول إلى تركيا، منذ أن شدّدت أنقرة إجراءات دخول السوريين إلى أراضيها، مثل وجود تأشيرة سفر رسمية بحوزتهم صادرة عن السفارات والقنصليات التركية في الخارج، الأمر الذي يرغمهم على محاولة دخول الأراضي التركية بطرق غير شرعية.

وحسبما أوردت العربية، فقد سبق أن فقد عشرات السوريين حياتهم أثناء محاولتهم العبور إلى تركيا انطلاقاً من الأراضي الإيرانية، نتيجة انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء وتساقط الثلوج بغزارة.

وتتكرر حوادث تعذيب اللاجئين السوريين في معظم المناطق الحدودية من قبل عصابات التهريب التي تعتمد أساليب التعذيب الوحشي، والتهديد بالقتل لابتزاز ذويهم، وتحصيل فدية مالية ضخمة، أو من قبل حرس الحدود في دول اللجوء التي يقصدها اللاجئون، وخاصة تركيا واليونان، وتناولت وسائل الإعلام الكثير من الحوادث الشبيهة التي فيها انتهاكات إنسانية بحق المهاجرين.

مواضيع ذات صلة:

إيران تستحدث طرقاً جديدة لتهريب الأسلحة إلى سوريا.. ما هي؟

عقوبات أمريكية على شبكة دولية لتهريب النفط.. ما علاقة فيلق القدس وحزب الله؟

حزب الله يصعد من عمليات تهريب المخدرات إلى الأردن... ما الجديد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية