التونسيون ينتخبون برلماناً جديداً... هل حان موعد أفول حركة النهضة؟

التونسيون ينتخبون برلماناً جديداً... هل حان موعد أفول حركة النهضة؟

التونسيون ينتخبون برلماناً جديداً... هل حان موعد أفول حركة النهضة؟


15/12/2022

تنطلق السبت عملية التصويت في الانتخابات البرلمانية التونسية، وسط تكثيف الدعوات للناخبين للمشاركة بقوّة على أمل أن تفرز "جمهورية جديدة" تعالج البلاد من أزمات صنعها الحكم الإخواني طوال (10) أعوام أعقبت الثورة، وأنتجت مزيداً من الفقر والبطالة والأزمات الاقتصادية.

 ويتنافس (1000) و(58) مرشحاً على (161) مقعداً بمجلس النواب الجديد في (161) دائرة انتخابية، بدلاً من (217) مقعداً خلال الأعوام الماضية، من بينهم (120) امرأة.

 وتمثل الانتخابات البرلمانية المحطة الأخيرة لخارطة الطريق التي وضعها الرئيس قيس سعيّد، منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 تموز (يوليو) 2021 وحله البرلمان، الذي كان يرأسه زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وتعليقه لاحقاً العمل بدستور 2014 وحلّ هيئات دستورية، بهدف مكافحة الفساد والفوضى في مؤسسات الدولة.

 متابعة دولية

هذا السباق الانتخابي يشهد متابعة دولية حثيثة، مثال لها "مركز كارتر" الأمريكي المتخصص في مراقبة الانتخابات، والذي صرح رئيس الوفد الممثل له بأنّه أوفد بعثة تضم أكثر من (50) ملاحظاً، على أن تُعلن النتائج الأولية بين 18 و20 من الشهر نفسه، أمّا النتائج النهائية، فسوف تصدر في 19 كانون الثاني (يناير) المقبل، بعد البتّ في الطعون.

 وأكد رئيس الهيئة فاروق بوعسكر، لدى لقائه قيادات مركز كارتر، على انفتاح مجلس الهيئة على كل مكوّنات المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية، معتبراً أنّ مواكبة الصحفيين والملاحظين المحليين والدوليين للانتخابات يمثل ضمانة إضافية ودلالة على شفافية هذا الموعد الانتخابي المهم ونزاهته، وعلى حيادية الهيئة وتعاملها مع كل الأطراف على قدم المساواة.

 ووفق المتحدث الرسمي باسم الهيئة المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري، فإنّ الهيئة مستعدة تماماً للمرحلة الأخيرة من المسار التشريعي، والتأكد من توافر كل المتطلبات الفنية واللوجستية لعملية الاقتراع في جميع الدوائر بالخارج والداخل.

 وكانت هيئة الانتخابات قد أعلنت الأربعاء أنّها انتهت من نقل بطاقات التصويت والمواد الانتخابية إلى (27) مخزناً فرعياً بالمحافظات، وأنّ المرشحين تابعوا النقل والتخزين بأنفسهم.

 دعم أمريكي

أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال لقاء مع الرئيس التونسي قيس سعيد في واشنطن الأربعاء على هامش القمّة الأمريكية الأفريقية، التزام الولايات المتحدة العميق بالديمقراطية التونسية.

 وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان: إنّ بلينكن أكد أيضاً لسعيّد دعم واشنطن القوي لاقتصاد تونس، في ظل ما وصفها "بالأزمة" الاقتصادية الراهنة.

وشدد وزير الخارجية على أهمية إجراء انتخابات برلمانية "حرة ونزيهة" في تونس في 17  كانون الأول (ديسمبر) الحالي، وإجراء إصلاحات شاملة.

على أمل أن تفرز الانتخابات "جمهورية جديدة" تعالج البلاد من أزمات صنعها الحكم الإخواني طوال 10 أعوام

 

 من جانبها، قالت الرئاسة التونسية: إنّ لقاء سعيّد وبلينكن "خُصص لبيان حقيقة الأوضاع في تونس، ودحض الادعاءات التي تنشرها بعض الأطراف بغرض الإساءة إلى صورة تونس في الخارج".

 وأضافت الرئاسة في بيان: أنّ اللقاء استهدف "إبراز أهمية تمكين الشعب التونسي من ممارسة حقه في التعبير بكلّ حرية عن إرادته عن طريق الانتخابات".

 مرحلة ما بعد حركة النهضة

العملية الانتخابية تجري وسط توقعات بأن تعلن نهاية المسيرة السياسية لحركة النهضة الإخوانية، التي يتهمها التونسيون بإغراق البلاد في الأزمات منذ عام 2011، خصوصاً مع تمسكها بقرار المقاطعة، وفشل محاولاتها المستميتة في إجهاض المسار الانتخابي.

 ورغم أنّ الحركة سعت بالفعل للتسلل إلى البرلمان عبر تقديم شخصيات من قيادات الصف الثالث والرابع للانتخابات التشريعية، غير أنّها باتت منبوذة من قبل الشعب التونسي، الذي خرج في 25 تموز (يوليو) 2021 للمطالبة بإخراجها من المشهد السياسي، ومحاسبتها على الأعوام الـ (10) الماضية، التي شهدت انتشاراً كبيراً لمعدلات الفساد، وتورطها في قضايا الإرهاب، وإهمالها للمصلحة الوطنية على حساب مصالح قياداتها، وهوسها بالسلطة.

هذه الانتخابات هي المحطة الأخيرة لخارطة الطريق التي وضعها الرئيس قيس سعيّد

 

 وكانت الحركة قد حاولت مراراً إثارة الفوضى والتحريض على مقاطعة الانتخابات، في وقت تمرّ به تونس بفترة غاية في الحساسية، في ظلّ التأزم الاقتصادي الذي تعيشه البلد جراء سياسات حركة النهضة خلال أعوام الحكم الماضية، ومخلفات جائحة كورونا.

 ومن المنتظر أن تؤثر الملاحقات القضائية للحركة وقادتها، في ما يتعلق بالاغتيالات السياسية وتسفير الجهاديين للقتال في بؤر التوتر، فضلاً عن تزايد العمليات الإرهابية خلال الفترة الماضية، في قدرة الحركة على العودة إلى المشهد السياسي، الذي خرجت منه بقرار شعبي.

 هذا، وتراهن الحركة الإخوانية على عزوف التونسيين عن الإقبال على التصويت يوم الاقتراع، خصوصاً في ظل ما شهدته المحطات الانتخابية الماضية من عزوف، لا سيّما في صفوف الشباب، فضلاً عن مقاطعة أغلب الأحزاب الوازنة، ومنها الحزب الدستوري الحر.

 رمزية 17 كانون الأول

يُعتبر تاريخ 17 كانون الأول (ديسمبر) مهمّاً جداً في مسار الثورة التونسية، التي انطلقت أحداثها في هذا التاريخ بمحافظة سيدي بوزيد (وسط غربي تونس)، حين أشعل البائع محمد البوعزيزي (رمز الثورات العربية) النار في نفسه احتجاجاً على مصادرة عربة كان يبيع عليها الخُضر في شوارع المدينة.

 وظلّ أهالي سيدي بوزيد منذ ذلك التاريخ يطالبون بضرورة اعتماد هذا التاريخ رسمياً عيداً للثورة، لكنّ الطبقة السياسية التي استلمت السلطة بعد 14 كانون الثاني (يناير) تغاضت عن ذلك، وأرخت الثورة بتاريخ 14 كانون الثاني (يناير) تاريخ هروب الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي من البلاد، وظل يُحتفل سنوياً ورسمياً في تونس بهذا التاريخ كعيد وطني للثورة.

 وذلك قبل أن يقرّر الرئيس سعيّد في 3 كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي تغيير عيد الثورة، واعتماد تاريخ 17 كانون الأول (ديسمبر)، معتبراً أنّ تاريخ 14 كانون الثاني (يناير) "غير ملائم"، وأنّ شرارة الاحتجاجات انطلقت "من سيدي بوزيد، ولكن للأسف تم احتواء الثورة" بعد ذلك.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية