التوتر التركي الروسي: هل يمهد لعملية عسكرية في سوريا؟

التوتر التركي الروسي: هل يمهد لعملية عسكرية في سوريا؟


14/10/2021

يبدو أنّ قمة الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، لم تؤتِ ثمارها في سوتشي منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي، رغم إيجابية التصريحات الصادرة بعدها، ففي غضون شهر ارتفعت حدة التوترات والاتهامات، في الوقت الذي تشرع فيه تركيا في بدء عملية جديدة في سوريا ضد الأكراد.

اقرأ أيضاً: أردوغان يستبق زيارته إلى روسيا بهذه التصريحات... ما علاقة النظام السوري؟

ويرى مراقبون أنّ دفع تركيا إلى عملية عسكرية جديدة ضد قوات قسد قد يكون شركاً لإسقاط التواجد التركي في سوريا، في الوقت الذي يطالب فيه النظام السوري بذلك، وهو الطلب الذي من المتوقع أنّ بوتين وجّهه إلى أردوغان خلال قمتهما الأخيرة، ولكن يبدو أنّ الأخير رفض ذلك، أو أنها محاولة من الرئيس التركي لتثبيت تواجده ومد نفوذه على خلاف الرغبة السورية ـ الروسية، ممّا يعني مزيداً من التصادم في المستقبل.

وفي الوقت الذي رفعت فيه تركيا حدة انتقاداتها للأكراد في الشمال السوري، متوعدة بردٍّ، في تمهيد للعمل العسكري، انتقدت تركيا روسيا والولايات المتحدة، واتهمتهما بالتراخي في تنفيذ التزامتهما.

وقد وقعت كل من تركيا وروسيا في العام 2018 اتفاقاً لنزع السلاح في منطقة إدلب السورية، على أن تُسيّر الدولتان قوات مشتركة لضبط الأمن في تلك المنطقة، وعلى الرغم من الخروقات الكثيرة فيها، وتثبيتها باتفاق جديد في العام 2020، فقد ظلت تلك الاتفاقية هي رمّانة الميزان في تلك المنطقة المتوترة.

ومع استعادة النظام السوري سيطرته على غالبية أنحاء سوريا، وبدء انفتاحه مجدداً على العالم، وإطلاق الدعوات لعودة النازحين، توجهت أعين النظام إلى المنطقة التي تكتسب فيها أنقرة النفوذ الأكبر (الشمال السوري) بوصفها قوات احتلال، والتعهد بتطهير الأرض السورية منها.

 ارتفعت حدة التوترات والاتهامات مع شروع تركيا بعملية جديدة في سوريا ضد الأكراد

وعلى الرغم من أنّ النظام السوري والأكراد ليسا على وفاق أيضاً، فالنظام يعتبرهم انفصاليين، وهم يطمعون في حكم ذاتي، وإن لم يكن انفصالاً كاملاً، غير أنّ المؤشرات ربما تعكس في الفترة القادمة تحالفاً ما بين النظام السوري والأكراد في مواجهة تركيا.

ولم تقتصر دلالات الخلاف وتوتر العلاقات التركية الروسية على سوريا، فبحسب موقع أحوال تركية، فقد أقصت روسيا تركيا من مناورات عسكرية قرب الحدود الأفغانية، في ظل التوجس من حكم طالبان، وذكرت وكالة الإعلام الروسية اليوم الأربعاء أنّ تكتلاً أمنياً تقوده روسيا ويشمل بعض الدول المتاخمة لأفغانستان، أو القريبة منها، سيجري تدريبات عسكرية في طاجيكستان قرب الحدود الأفغانية في 22 و23 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري.

اقرأ أيضاً: روسيا تستهدف ميليشيا تابعة لتركيا في سوريا... ما القصة؟

ويشمل التكتل منظمة معاهدة الأمن الجماعي، طاجيكستان التي تشترك مع أفغانستان في حدود ممتدة، فضلاً عن قرغيزستان وقازاخستان وأرمينيا وروسيا البيضاء، ويظهر جلياً أنّ كلاً من تركيا وأذربيجان، وهما من الدول القريبة من أفغانستان، قد تمّ إقصاؤهما من هذه المناورات التي تشمل يريفان، وهي من ألدّ أعداء الدولتين.

ومن جهة أخرى، يقول الكاتب الروسي أرغومينتي إي فاكتي، في مقال نشرته "روسيا اليوم": في تشرين الثاني (نوفمبر)، سيعقد اجتماع ما يُسمى بالمجلس التركي، ومن المتوقع أن يتمّ اتخاذ قرار بتحويله إلى اتحاد للدول التركية، وسوف يضم 5 جمهوريات سوفياتية سابقة؛ هي أذربيجان وأوزبكستان وقرغيزستان وكازاخستان بالإضافة إلى تركمانستان بصفة مراقب، ويعلق: "ليس لديّ شك في أنّ اتحاد الدول التركية يتم إنشاؤه في مواجهة روسيا، فكما يقولون: لا يعيش دبّان في وجر واحد، وبتعبير أدق، يريد الذئب التركي طرد الدب الروسي من المعقل الجنوبي".

 لم تقتصر دلالات الخلاف على سوريا إذ أقصت روسيا تركيا من مناورات عسكرية قرب الحدود الأفغانية

وميدانياً، قال العميد أحمد حمادة، وهو خبير عسكري ومستشار في إدارة التوجيه المعنوي التابعة لـ"الجيش الوطني السوري" الموالي لأنقرة: إنه "بعد تكرار الاعتداءات والقصف شبه اليومي من قبل (قوات سوريا الديمقراطية) على مناطق خاضعة للنفوذ التركي وفصائل (الجيش الوطني السوري) في شمال سوريا، واستهداف المناطق الآمنة والمأهولة بالسكان، بات الخيار الوحيد أمام ذلك هو إطلاق عملية عسكرية هدفها تطهير المناطق التي تنطلق منها الاعتداءات التي تسببت بمقتل عدد لا بأس به من المدنيين والعسكريين السوريين، وآخرين (جنود أتراك)، في مناطق العمليات التركية و(الجيش الوطني السوري) (درع الفرات وغصن الزيتون)، شمال حلب"، بحسب ما أوردته جريدة "الشرق الأوسط".

اقرأ أيضاً: لماذا تخشى روسيا من النفوذ التركي؟ خبير روسي يجيب

ويضيف أنّ أكثر من 22 اعتداءً تمثلت بقصف صاروخي ومدفعي من قبل "قسد" المتمركزة في منطقة الشهباء وتل رفعت شمال غربي حلب، استهدفت مناطق عفرين والباب ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة القوات الموالية لتركيا خلال الفترة الأخيرة الماضية.

وأوضح أنّ فصائل "الجيش الوطني السوري" تجري الآن تدريبات عسكرية عديدة لمقاتليها، وتخريج دورات عسكرية بشكل دائم، بالإضافة إلى الحالة التنظيمية التي خضعت لها الفصائل مؤخراً، وإجراء عمليات اندماج كامل للفصائل (الجبهة السورية للتحرير وغرفة عمليات عزم)، وإنشاء غرف عمليات لقيادة العمليات العسكرية بشكل منظم.

 المؤشرات ربما تعكس في الفترة القادمة تحالفاً ما بين النظام السوري والأكراد في مواجهة تركيا

وكان الرئيس التركي قد قال: إنّ صبر بلاده حيال "بؤر الإرهاب"، على حد وصفه، في شمال سوريا "قد نفد"، مؤكداً عزمه على القضاء على التهديدات التي مصدرها تلك المناطق، في إشارة إلى مناطق سيطرة "قسد"، التي تشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية المكوّن الأكبر فيها، وتعتبرها أنقرة تنظيماً إرهابياً وامتداداً لحزب العمال الكردستاني في سوريا، وتنتقد الدعم الأمريكي لها؛ كونها أكبر حلفاء الولايات المتحدة في الحرب على "داعش"، بينما تعتبر واشنطن أنّ تركيا باستهدافها الوحدات لكردية تقوّض جهود مكافحة التنظيم المتشدد.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية