الانسداد السياسي في ليبيا.. من يحرك المياه الراكدة؟

الانسداد السياسي في ليبيا.. من يحرك المياه الراكدة؟

الانسداد السياسي في ليبيا.. من يحرك المياه الراكدة؟


07/02/2023

فيما تتسارع تحركات القوى الإقليمية والدولية؛ لبعث الخطوات السياسية والدستورية اللازمة؛ لبسط مرتكزات الاستقرار، وتنفيذ الاستحقاق الانتخابي في ليبيا، يتجلى مشهد زيارة وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، للقاهرة، ثمّ سفر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى موسكو، ولقائه وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف.

ثمة ملفات عديدة كانت على طاولة النقاش، سواء في لقاء القاهرة، وكذا ما جرى في العاصمة الروسية، بيد أنّ الواقع يشي أنّ ذلك يجري على وقع تداعيات حرب أوكرانيا، الأمر الذي يطرح سيناريوهات مختلفة إزاء الأزمة في ليبيا، ومخرجات الانسداد السياسي، ومدى احتمالية تفجر حدة التنافس بين القوى الدولية، وتوظيف آليات وديناميكيات الصراع في الداخل، خاصّة مع تجدد المناوشات بين الكتائب المسلحة في غرب ليبيا غير مرة.

تداعيات الصراع الدولي

ويشير أحمد جمعة أبو عرقوب، المحلل السياسي الليبي، في تصريحات لـ"حفريات"، إلى أنّ الولايات المتحدة ترى أنّ الوقت مناسب لتقليم الأظافر الروسية عموماً، وفي ليبيا تحديداً؛ خاصّة مع تطور الأحداث ميدانياً في أوكرانيا.

ويتابع أبو عرقوب لافتاً إلى أنّ ذلك يرتبط بتكبد موسكو خسائر كبيرة في الحرب، ويضيف أنّ واشنطن تتحرك حثيثاً؛ لفرض رؤيتها الاستراتيجية في ليبيا، بما تمثله من أهمية حيوية في شمال أفريقيا وسوق الطاقة.

أبو عرقوب: لا يمكن إجراء الانتخابات في ليبيا، دون حكومة موحدة

تبعاً لذلك، تواصل الولايات المتحدة الأمريكية خطواتها نحو فرض مرتكزات الاستقرار على الأجسام السياسية، عبر القاعدة الدستورية، وتأسيس لبنات الاستحقاق الانتخابي في الأفق المنظور.

روسيا أيضاً تعمل على عرقلة أيّ حل فردي تنفرد من خلاله واشنطن، وتتحرك حثيثاً عبر آلياتها السياسية؛ للاشتباك مع رؤى الحل في الأزمة الليبية، من خلال فشل الحكومات المتعاقبة في بسط إرادتها على كامل التراب الليبي.

ويختتم الباحث الليبي حديثه لـ"حفريات" بقوله إنّه "لا يمكن إجراء الانتخابات في ليبيا، دون حكومة موحدة، خاصّة وأنّ حكومة الدبيبة، منتهية الولاية، والدول العربية تنظر إليها باعتبارها مجرد أمر واقع، وذلك تبدى تماماً في غياب وزراء الخارجية العرب في الاجتماع الأخير بالعاصمة طرابلس، فضلاً عن انتشار الميليشيات والكتائب المسلحة الخارجة على إرادة الدولة؛ لذلك فإنّ سياق التنافس والصراع بين القوى الدولية، يعرقل أيّ حل يفض الأزمة الليبية.

دور دول الجوار

شدّد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، عبد الله باثيلي، على ضرورة زيادة دول الجوار من دعمها لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وللجنة العسكرية المشتركة؛ من أجل تنفيذ خطة العمل المتعلقة بانسحاب المقاتلين والمرتزقة الأجانب.

وقال باثيلي في سياق لقائه مع سفراء: السودان والنيجر وتشاد لدى ليبيا، إنّه عبّر بوضوح عن ضرورة زيادة دور دول الجوار، من أجل دعم بعثة الأمم المتحدة للدعم ، والسعي تجاه تعزيز فرص التوصل إلى حل سياسي نهائي.

السنوسي إسماعيل: خروج القوات الأجنبية من الأراضي الليبية يتوقف على مدى توافق الأطراف السياسية الليبية، التي تعد في حقيقة الأمر مستفيدة من انشغال القوى الدولية الكبرى في أوكرانيا

ويذهب الكاتب الليبي السنوسي إسماعيل، إلى التأكيد على أنّ خروج القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، يتوقف على مدى توافق الأطراف السياسية الليبية، التي تعد في حقيقة الأمر مستفيدة من انشغال القوى الدولية الكبرى في أوكرانيا، وكذلك حالة التقارب النسبي بين مصر وتركيا، أو على الأقل حالة عدم حماس لأي تصعيد بينهما، بالذات في ما يتعلق بالأزمة الليبية.

ويضيف المتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة، في تصريحاته لـ"حفريات"، أنّ ثمة قناعة عامة في ليبيا، تشكلت بعد معاناة مريرة، طوال سنوات من الصراعات والخلافات الإقليمية، التي كانت تترجم في ليبيا، بالانقسام الحكومي والمؤسسي، أنّ إمكانية تقدم مسارات الحل الأربعة في ليبيا؛ وهي: السياسي والعسكري والدستوري والاقتصادي، أصبحت معقدة إلى نحو بعيد.

إسماعيل: زيارة الوزير الأمريكي للقاهرة، ولقاء شكري بالوزير الروسي في موسكو، أعطتا انطباعاً بأنّها تشجيع على كسر حالة الجمود

وينتقل إسماعيل إلى تطور الأوضاع الدولية، واللقاءات التي جرت تباعاً في القاهرة وموسكو، ما بين أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، مع السيد سامح شكري وزير الخارجية المصري؛ إذ قال السنوسي إسماعيل إنّ زيارة الوزير الأمريكي للقاهرة، ولقاء شكري بالوزير الروسي في موسكو، أعطتا انطباعاً بأنّها تشجيع للأطراف الإقليمية على المضي قدماً في سبيل كسر حالة الجمود، التي امتدت منذ فشل السلطة التنفيذية الليبية الحالية، المنبثقة عن ملتقى جينيف، في تحقيق هدف الملتقى، وهو إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في موعد تم تجاوزه، وتأجلت الانتخابات إلى أجل غير مسمى، ولذلك يذهب البعض نحو إمكانية تحقق تقدم في المسار الليبي خلال العام الجاري، بيد أنّ ذلك السيناريو تتخلله معوقات بنيوية؛ تتمثل في التوافق على القاعدة الدستورية، وتشكيل سلطة تنفيذية موحدة؛ تستطيع إجراء الاستحقاق الانتخابي، فضلاً عن حتمية خروج القوات الأجنبية من كامل الأراضي الليبية.

إشكالية الفاغنر

نقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن مسؤولين أمريكيين، قولهم إنّ الإدارة الأمريكية تسعى إلى طرد مجموعة فاغنر الروسية من ليبيا، وأشارت الوكالة إلى أنّ إدارة بايدن تعمل منذ أشهر للضغط على القادة العسكريين في ليبيا؛ لإنهاء علاقاتهم مع الفاغنر. ووفق ما نقلته الوكالة عن مسؤول ليبي، فإنّ المسؤولين الأمريكيين طالبوا بسحب "المرتزقة" من المنشآت النفطية.

من جهته، لم يقدم حفتر "أيّ التزامات" بشأن فاغنر، حسب الوكالة، ولكنّه طلب تأكيدات بأنّ تركيا، والمجموعات المسلحة التي تدعمها في غرب ليبيا، لن تشن هجوماً على قواته في سرت الساحلية، ومناطق وسط ليبيا، بحسب الوكالة.

عبد الله الغرياني: من الصعوبة بمكان أن تكون ليبيا مسرحاً لحرب بالوكالة على خلفية تطور مجريات الحرب في أوكرانيا

ويرى الكاتب الليبي عبد الله الغرياني، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ اللقاءات الأخيرة للوزير المصري سامح شكري، والتي جرت تباعاً في القاهرة وموسكو؛ جاءت لمعالجة الملفات المشتركة بين القاهرة وواشنطن وموسكو عبر مسارات متعددة.

ويؤكد الغرياني أنّ الأزمة الليبية، لا ريب، فرضت نفسها على مباحثات وزراء الخارجية، سيما وأنّ الوضع في ليبيا يهم القاهرة؛ لاعتبارات عديدة، فضلاً عن سياق التنافس المحتدم بين واشنطن وموسكو على أكثر من مستوى.

عبد الله الغرياني: الأزمة في ليبيا تراوح مكانها بفعل عناصرها الداخلية، التي تستقطب وتروج للتفاعلات الدولية والإقليمية

يستطرد الغرياني لافتاً إلى أنّ ذلك الصراع الذي يشتعل ميدانياً في أوكرانيا، وتجاوز عامه الأول، لا يشكل أيّ تأثير على المسار الليبي، حيث إنّ روسيا حالياً لا تتعمق في المسار الليبي، سوى من خلال بعض تشكيلات الفاغنر، بحسب  قوله.

وتابع: "الأزمة في ليبيا تراوح مكانها بفعل عناصرها الداخلية، التي تستقطب وتروج للتفاعلات الدولية والإقليمية، دون أيّ رغبة في المضي قدماً نحو الحل الشامل، الذي يهيئ الأجواء للاستحقاق الانتخابي".

ويختتم الكاتب الليبي تصريحاته، بتأكيده على رأيه الذي يستقر على أنّ ثمة مسافة فاصلة، بين المصالح التي تراكمها واشنطن من سيطرتها على المشهد في ليبيا، والوزن النسبي الضئيل الذي تراه موسكو من حضورها في الأزمة الليبية؛ ولذلك من الصعوبة بمكان أن تكون ليبيا مسرحاً لحرب بالوكالة، على خلفية تطور مجريات الحرب في أوكرانيا. مؤكداً أنّ الحل الليبي الليبي لن يتحرك خطوات للأمام، سوى بتجاوز الأجسام السياسية الحالية لصالح الدولة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية