الانتخابات الفرنسية.. هل ثمة تغيير في استراتيجية مواجهة الإسلام السياسي؟

الانتخابات الفرنسية.. هل ثمة تغيير في استراتيجية مواجهة الإسلام السياسي؟


16/04/2022

تُعقد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية يوم 24 نيسان (أبريل) الجاري، بين الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون ومنافسته ماريان لوبان مرشحة اليمين المتطرف، فيما تبقى السيناريوهات مفتوحة أمام النتائج، خاصة أنّ فارق النقاط بينهما ضئيل. 

ويبرز ملف الإسلام السياسي، باعتباره أحد أهم القضايا التي يرتقب أن يعلن الرئيس الفرنسي المقبل عن استراتيجيته الخاصة به، وبالرغم من اتفاق المرشحين المتنافسين، تقريباً على تبني خطة لمواجهة توغل الإسلام السياسي في البلاد وفي القلب منه جماعة الإخوان، إلى أنّ التوقعات تذهب لما هو أبعد من المواجهة في حال فوز لوبان. 

قضية الإسلام أم التطرف؟

وبوجه عام لم تخلُ معظم خطابات المرشحين الفرنسيين للانتخابات الرئاسية على مدار الأشهر الماضية من الحديث عن قضيتين أساسيتين هما؛ الهجرة والمسلمين، البالغ عددهم في فرنسا حوالي (6) ملايين شخص وتقدر بنحو (5%) من إجمالي السكان، لكن المخاوف الفرنسية تنصب على توغل الإسلام السياسي وفي القلب منه جماعة الإخوان، خاصة بعد التحذيرات المتصاعدة من جانب الأجهزة الأمنية والاستخباراتية من خطرها المحدق. 

 الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون

ويرى الدكتور جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أنّ فرنسا ليس لديها مشكلة مع الإسلام والمسلمين المقيمين منذ سنوات طويلة، ولكن لديها مشكلة كبيرة مع الإسلام السياسي والذي تقود دفته الأولى جماعة الإخوان المسلمين نحو وضع قوانينها على حساب قوانين الجمهورية الفرنسية.

هل يعزز ماكرون استراتيجيته؟

وفي تصريح لـ"حفريات" يقول محمد إنّ فرنسا اتخذت العديد من الإجراءات القانونية والأمنية خلال العام الماضي، لتضييق الخناق على تنظيمات الإسلام السياسي وفي مقدمتها جماعة الإخوان، كما فرضت حظراً على مجموعة من المراكز والمؤسسات التابعة لتلك التنظيمات خاصة بعد التأكد من استغلالها من جانب تنظيم الإخوان لأغراض التمويل أو تسهيل اختراق المؤسسات لتحقيق مصالح الجماعة.

جاسم محمد: فرنسا ليس لديها مشكلة مع الإسلام والمسلمين المقيمين منذ سنوات طويلة، ولكن لديها مشكلة كبيرة مع الإسلام السياسي والذي تقود دفته الأولى جماعة الإخوان المسلمين

ويرى محمد أنّ التحركات الفرنسية حققت نتائج إيجابية في إطار الحد من الخطاب المتطرف داخل البلاد، وقطع مصادر تمويل التنظيمات المتطرفة، مراقبة نشاط عناصرها، مشيراً إلى أنّ التجربة الفرنسية كانت مؤثرة على مستوى القارة الأوروبية وليس الداخل المحلي فقط فيما يتعلق بتقويض أنشطة الإسلام السياسي والحد من مخاطر انتشاره.

ويؤكد أنه في حال فوزه بالرئاسة سيتجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تعزيز سياسته الخاصة بمكافحة التطرف وتقويض تنظيمات الإسلام السياسي، لتحقيق مزيد من النتائج الإيجابية بهذا الصدد. 

ماذا عن لوبان؟

يعتقد رئيس المركز الأوروبي أن تتجه لوبان، في حال فوزها بالرئاسة الفرنسية، إلى إجراءات أكثر تشدداً مع الإسلاميين بشكل عام، كونها زعيمة اليمين المتطرف، ولديها قناعات ثابتة وسلبية حول الإسلام والمسلمين بوجه عام، وهو أمر سينعكس بكل تأكيد على سياستها تجاه هذا الملف. 

مرشحة اليمين المتطرف ماريان لوبان

وحول طبيعة الإجراءات يرى جاسم محمد أنها من المتوقع أن تركز على إصدار حزمة تشريعات جديدة ربما تضر بالجاليات الإسلامية بوجه عام ولا تواجه الإسلاميين وحدهم، موضحاً أنّ فوز لوبان سوف ينعكس سلباً على الجاليات المسلمة أكثر من كونه معالجات حقيقية للتطرف الإسلاموي، والإسلام السياسي والإخوان. 

المظلومية.. ورقة الإخوان لتجاوز أزمة خانقة

وبحسب دراسة نشرها المركز الأوروبي للدراسات، للدكتور فريد لخنش، تحت عنوان: "الإخوان المسلمون في فرنسا ـ تشكيل اللوبيات ووسائل العمل"، يحاول تنظيم الإخوان في الوقت الراهن "اللعب على ورقة الضحية في خطاباته داخل فرنسا وفي أوروبا عموماً كما فعل فيما مضى ونجح فعلياً في ذلك، ولم تقدر فرنسا حجم الخطر الذي كان بانتظارها، مثلما ساهمت الكثير من الجمعيات الإسلامية والمنظمات وغيرها التي تبنت أفكار الإخوان وسياساتهم في توسيع نشاطات هؤلاء بالشكل القانوني الذي حتم على السلطات الفرنسية عدم الوقوف في وجه هذا التيار إلا بعد استفحال ظاهرة التمدد الإخواني على أراضيها باسم الإسلام".

دراسة: يحاول تنظيم الإخوان في الوقت الراهن اللعب على ورقة الضحية في خطاباته داخل فرنسا وفي أوروبا عموماً كما فعل فيما مضى ونجح فعلياً في ذلك

وتابع: "جاء التركيز على الإخوان نتيجة اعتقاد السلطات الفرنسية المبني على الأدلة الملموسة أنهم يحرضون على الكراهية ونشر الفكر المتطرف في أوساط الجاليات المسلمة في فرنسا تحت مظلة الجمعيات والعمل الخيري ومنظمات الإغاثة وما شابه".

وبحسب الباحث، "تواجه فرنسا معضلة التمدد الإخواني داخلها من جهة والاختراق التركي الذي يقيم علاقاته الوثيقة مع الإخوان من جهة أخرى، ويعمل على تدعيم البنية القاعدية الممثلة في الجمعيات والمساجد والمراكز وغيرها من أجل تحقيق أهدافه الخاصة، وهكذا وجد الإخوان شريكاً استراتيجياً يساهم في تمويله ودفعه هو الآخر لبلوغ غاياته بالتمدد ليس في فرنسا فقط بل في أوروبا كلها".

مواجهة ممتدة لخطر محدق

وبدأت فرنسا منذ 2021 إجراءات متعاقبة وحاسمة ضد تيارات الإسلام السياسي وتحديداً جماعة الإخوان، ووفق الدراسة، "حققت السلطات الفرنسية في 22 نيسان (أبريل) 2021 في تمويلات ودعم من الإخوان المُسلمين على الأراضي الفرنسية. وتتضمن التحقيقات فروع "البنك الشعبي المغربي" في فرنسا. ويباشر أحد أجهزة الاستخبارات الفرنسية التحقيقات بالتعاون مع السلطات القضائية بعدما تم كشف جرائم ومعاملات مالية مشبوهة. وتلاحق الأجهزة الأمنية الفرنسية أعضاء وقيادات ومُقرّبين من جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا، مُتهمين بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، إضافة للاحتيال الضريبي، حيث يستحوذ "البنك الشعبي المغربي" على (60%) من مجموع مدخرات المهاجرين المغاربة لاسيما في فرنسا.

تواجه فرنسا معضلة التمدد الإخواني داخلها

ووفق الدراسة: يعد اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا أو  "مسلمو فرنسا" حالياً من ضمن أكثر الاتحادات المؤثرة في البلاد، والذي تأسس في إقليم مورت وموزيل في حزيران (يونيو) 1983، من قبل تجمع 4 جمعيات لشمال وشرق فرنسا، تتكون المنظمة من أكثر من 250 جمعية إسلامية على كامل أراضي فرنسا وتنتمي إليها مباشرة، تشرف كذلك على عدة مساجد في المدن الكبرى في البلاد. الاتحاد يقال عنه عادة أنه قريب من الإخوان المسلمين، بينما لا يتبنى هو ذلك رسميا.

وتؤكد الدراسة، أنّ "جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا، شأنها شأن فروعها في الدول الأوروبية الأخرى، تهدف إلى تطبيق الفهم المتشدد للشريعة واستبدال القوانين السائدة في أوروبا، بما في ذلك فرنسا. كما لجأت جماعة الإخوان المسلمين إلى الأساليب السلمية ظاهرياً، بل ونفت أنها تسعى إلى استخدام العنف".

مواضيع ذات صلة:

هل تبشّر ولاية ثانية لماكرون بعلاقات أفضل مع الجزائر؟

ما حظوظ ماكرون الانتخابية؟.. وما علاقة أوروبا؟

ماكرون: تركيا تنفذ مشروعاً لتوسيع الإسلام السياسي


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية