مع انسداد كافة السبل أمام مشاركة جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية في بعض الدول، بـ "الحوار الوطني" في مصر، لجأت الجماعة إلى لعبتها المفضلة بخلق كيانات موازية لضرب الصف والوحدة الوطنية، عبر ما أطلقت عليه جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير "الحوار الشعبي"، في محاولة بائسة للضغط على السلطات المصرية للانضمام إلى الحوار السياسي الذي من المقرر انطلاقه قريباً.
ومع يقين جبهات الإخوان الـ4، وعلى رأسها، جبهة لندن بقيادة منير، وجبهة إسطنبول بزعامة محمود حسين، باستحالة المشاركة في "الحوار الوطني" الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نهاية نيسان (أبريل) الماضي، عقدت جبهة منير مؤتمراً في إسطنبول، أول من أمس، أطلقت عليه "الحوار الشعبي".
حوار موازٍ
"البرلمان الموازي" والكيانات الموازنة لطالما كانت حيلة إخوانية معهودة ومجرّبة لشق الصف الوطني، والضغط على صناع القرار داخلياً وخارجياً، غير أنّ أحداً لم يسمع عن "حوارٍ موازٍ" بلا مشاركين حقيقيين أو عناصر سياسية فاعلة أو أحزاب درجة ثالثة حتى، فقد تمخض المؤتمر، الذي عقدته جبهة منير في معقل خصمه اللدود محمود حسين في إسطنبول، عن مشاركة صفرية لأيٍّ من المكونات السياسية المصرية، ما عدا أيمن نور، حليف الإخوان الموثوق، الهارب خارج مصر لتورطه في عدد من الجرائم، ولصدور أحكام ضده.
وفي هذا الصدد، أوضح الباحث في الحركات الإسلامية والإرهاب أحمد سلطان، في تصريحات لـ"حفريات"، أنّ جبهة لندن كانت قد دعت لهذا المؤتمر منذ فترة تحت مسمّى "الحوار الشعبي"، داعية إليه القوى السياسية "المقربة" من الإخوان.
وأشار سلطان إلى أنّ "هذا الحوار جرى بالتنسيق مع جهات خارجية بهدف تقديم صورة للغرب موازية لفكرة الحوار الوطني في مصر، وضرب الحوار في مصر بعد استبعاد مشاركة الإخوان فيه".
لجأت الجماعة إلى لعبتها المفضلة بخلق كيانات موازية لضرب الصف والوحدة الوطنية عبر ما أطلق عليه "الحوار الشعبي"
ووفقاً لسلطان، فإنّ "الحوار الشعبي" المحدود، الذي نظمته جبهة لندن، عُقد تحت مظلة القسم السياسي لجبهة لندن، وتشارك فيه المجموعات الشبابية وغيرها من جماعة الإخوان، ومن أبرز الناس فيه حلمي الجزار باعتباره مسؤول القسم السياسي وعضو الهيئة الإدارية العليا للجماعة، التي شُكّلت منذ نحو عامين.
3 مسارات
لإضفاء نوعٍ من الجدية على "الحوار الشعبي" الإخواني، وضعت جبهة منير (3) مسارات؛ أحدها سياسي والثاني اقتصادي والثالث تنموي، قال سلطان إنّها "للاستهلاك الدعائي، وليست مسارات حقيقية".
مع يقين الإخوان باستحالة المشاركة في "الحوار الوطني"، عقدت جبهة منير مؤتمراً في إسطنبول أول من أمس وأطلقت عليه "الحوار الشعبي"
ووفقاً للباحث في الحركات الإسلامية والإرهاب، فإنّ المسار السياسي "يتضمن فتح المشاركة من جديد للإخوان والقوى السياسية المقربة منها" للعودة إلى المشاركة في الأحزاب والمنافسة في النقابات، غير أنّ المحور الأهم بالنسبة إلى الجماعة المتشظية، يظلّ "تفعيل مواد العدالة الانتقالية في الدستور المصري"، على حدّ قول سلطان.
اختطاف العدالة الانتقالية
نشاز العزف المنفرد لكلٍّ من جبهات الإخوان يصبّ كله في قالب واحد تتصارع جبهتا لندن وإسطنبول على الغلبة فيه، وهو "إطلاق سراح سجناء" الجماعة من السجون المصرية، وفقاً لسلطان، الذي قال: إنّ الجبهتين تسعيان بكلّ ما أوتيتا من قوة لتفعيل مواد العدالة الانتقالية لـ"اختطافها" بطرق الإخوان المعهودة لإطلاق سراح السجناء تحت تلك المظلة "العدالة الانتقالية"، وكسب نقاط في هذا الصدد.
وأوضح سلطان أنّ "الهدف ليس فكرة تطبيق الدستور المصري، ولكن محاولة إطلاق سراح السجناء تحت مظلة العدالة الانتقالية المنصوص عليها دستورياً؛ فالهدف الأول هو تصدير قضية السجناء باعتبارها من القضايا الخلافية بين الجبهتين؛ حيث يعيب حسين على منير تخليه عن السجناء".
واعتبر سلطان أنّ المؤتمر الذي عقدته جبهة منير أول من أمس في إسطنبول تحت مسمّى "الحوار الشعبي"، كان بمثابة "ردٍّ لمنير على جبهة إسطنبول مفاده أنّ جبهة لندن لم تتخلَّ عن قضية السجناء، بدليل هذا الحوار الشعبي الذي يركز على فكرة العدالة الانتقالية التي تتضمن إطلاق سراح كافة السجناء".
مسارات للاستهلاك الوطني
لم يخلُ مؤتمر منير من محاولات اللعب على وتر المشاعر الوطنية لمصر الوطن الذي أحرقته الجماعة في سبيل تحقيق مجد زائف، فقد ركز المساران الآخران لما أطلقت عليه الجبهة الإخوانية "الحوار الشعبي" على الاقتصاد، مع زعم أنّ الجماعة تريد "مصر متقدمة اقتصادياً"، على حدّ تعبير سلطان، الذي أكد أنّ ذلك "للاستهلاك الدعائي المحض"، فضلاً عن كونه تودداً للشعب المصري الذي لفظ الجماعة.
لإضفاء نوع من الجدية على "الحوار الشعبي" الإخواني وضعت جبهة منير (3) مسارات، قال سلطان إنّها "للاستهلاك الدعائي، وليست مسارات حقيقية"
وحول ما إذا كان اختيار إسطنبول لعقد مؤتمر لجبهة لندن نكاية في محمود حسين خصم منير، قال سلطان: إنّ اختيار تركيا جاء لأنّها ما تزال "الدولة التي تحظى فيها الجماعة بأكبر وجود، وتتمتع فيها بهامش كبير من الحرية يمكنها من التحرك وتنظيم مؤتمرات واجتماعات".
مواضيع ذات صلة:
- بعد الفشل والتشظي.. مناورة جديدة للإخوان: هل يتخلون حقاً عن العمل السياسي؟
- الإخوان وحالة التصدع الأيديولوجي.. قراءة في تصريحات إبراهيم منير