الإخوان في إيطاليا: هيمنة خطاب الكراهية في غيتوهات معزولة

الإخوان في إيطاليا: هيمنة خطاب الكراهية في غيتوهات معزولة

الإخوان في إيطاليا: هيمنة خطاب الكراهية في غيتوهات معزولة


14/08/2024

في إيطاليا، انتقدت تقارير محلية ما سمّته النهج الخجول الذي تتبعه إيطاليا في التعامل مع الإخوان المسلمين، وحذرت من أنّ هذا سوف يؤدي إلى تصاعد العنف والانعزالية.

ولفتت التقارير إلى تصاعد خطاب الكراهية، بالتزامن مع توظيف الإخوان للأحداث الدامية في قطاع غزة، خاصّة عبر المنابر التي تسيطر عليها الجماعة، ولم تتم معاقبة سوى عدد محدود من هؤلاء الدعاة بسبب خطابهم المفعم بالكراهية والداعي إلى العنف.

واستشهدت تقارير محلية بالخطاب الديني للواعظ الباكستاني ذو الفقار خان، المحسوب على الجماعة الإسلامية في باكستان، والذي ينفذ بشكل غير مباشر من الدين إلى السياسة، لينشر خطاب الكراهية والعنصرية. ومن الجدير بالذكر أنّه في 9 تمّوز (يوليو) الماضي، خلال رده على تحقيق برلماني بشأن نشاط خان، أشار وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي إلى مواقف الداعية ووصفها بالمتعنتة.

التهميش يؤدي إلى العزلة

بحسب (فرانس 24)، فإنّ السلوك الانعزالي الذي يستغله الإخوان مبعثه الشعور بالتهميش بين المسلمين في إيطاليا، حيث يعيش في إيطاليا ما يقرب من (2.7) مليون مسلم، أي ما يعادل حوالي 4.9% من السكان، ويستخدم الإخوان خطاب المظلومية، بزعم أنّ المسلمين هم جالية مستهدفة من قبل الحكومة الائتلافية الحالية، بقيادة حزب إخوان إيطاليا اليميني. ونتيجة للإجراءات الرامية إلى تفكيك قبضة الإخوان المسلمين حول المساجد، قامت الحكومات المحلية ورؤساء البلديات بفرض إجراءات تهدف إلى رقابة السلوك الدعوي للإخوان، خاصّة في مونفالكوني، وهي بلدة تقع في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة. 

انتقدت تقارير ما سمّته النهج الخجول الذي تتبعه إيطاليا في التعامل مع الإخوان المسلمين، وحذرت من أنّ هذا سوف يؤدي إلى تصاعد العنف والانعزالية

ويبدو أنّ إيطاليا تواجه صعوبات في التعامل مع دعاة الكراهية من أئمة الإخوان الذين يستخدمون القضية الفلسطينية كغطاء؛ الأمر الذي دفع البعض إلى المطالبة بتطبيق قانون مانشينو على الإخوان، وهو القانون الذي دخل حيز التنفيذ في إيطاليا منذ العام 1993، وهو يفرض عقوبات صارمة على أولئك الذين يروجون للتمييز العنصري والعرقي والديني.

هذا، وقد اتخذت الداخلية الإيطالية عدة إجراءات في الفترة من 1 كانون الثاني (يناير) 2023 إلى 5 تمّوز (يوليو) لتحجيم الإخوان، وتم اعتقال (22) شخصاً مرتبطين بدوائر الجماعة، ومدانين بالتطرف الديني. 

كما تمّ ترحيل الإخواني الجزائري عمر برانيس، ​​البالغ من العمر (56) عاماً، في نيسان (أبريل) الماضي؛ بسبب مشاركته محتوى يحض على الكراهية والعنصرية ضدّ النساء على وسائل التواصل الاجتماعي. 

التورط في غسيل أموال

في العام 2021، وبعد عدة بلاغات مقدمة إلى مكتب مكافحة غسيل الأموال، تم تجميد حسابات جمعية ABSPP الخيرية، التي يملكها الفلسطيني محمد حنون، المنتمي إلى حركة حماس، والمرتبط بالتنظيم الدولي للإخوان؛ بسبب سلسلة من المخالفات؛ أبرزها عدم التسجيل في سجل وكالة الإيرادات، والحركة الهائلة للأموال دون توضيح مصادرها، وفي بعض الحالات تمّ رصد تعاملات ضمن القوائم السوداء لقواعد البيانات الأوروبية. لكن بحسب وسائل إعلام إيطالية، فإنّ لائحة الاتهام التي أطلقها المكتب القضائي لم تسفر عن شيء، بسبب عدم وجود أدلة يمكن التحقق منها.

وفي تمّوز (يوليو) 2023 تبين أنّ هناك (500) ألف يورو كانت ضمن أرصدة حنون، الأمر الذي أدى إلى تجميد أرصدة الجمعية. ورغم تجميد الحسابات، افتتح حنون في حزيران (يونيو) الماضي جمعية خيرية جديدة باسم "القبة الذهبية"، وبدأ في جمع الأموال مرة أخرى.

هناك ارتباط عضوي بين أنشطة الإخوان في إيطاليا، وأحزاب اليسار، حيث تلقى حنون دعماً من شخصيات سياسية يسارية إيطالية

وهناك ارتباط عضوي بين أنشطة الإخوان في إيطاليا، وأحزاب اليسار، حيث تلقى حنون دعماً من شخصيات سياسية يسارية إيطالية مثل: لورا بولدريني، ونيكولا فراتوياني، وميشيل بيراس، وأليساندرو دي باتيستا، وستيفانيا أسكاري، وهو ما أشارت إليه الصحافة الإيطالية في عدة مناسبات.

ويسيطر الإخوان في إيطاليا على عدة مناطق استراتيجية، خاصّة في ميلانو، حيث تهيمن الجماعة على شارع فيا بادوفا، وهو شارع يتواجد فيه عدد كبير من المسلمين، وقد أصبح بمثابة عاصمة الإخوان في ميلانو.

مخاطر الانفتاح على الإخوان

من المهم أيضاً أن نتذكر أنّ إيطاليا كانت منفتحة ومتسامحة جداً مع جماعة الإخوان المسلمين، المتواجدة والناشطة على الأراضي الإيطالية، بداعي "أنّهم متطرفون، لكنّهم ليسوا إرهابيين"، والذي يمكن ترجمته إلى أنّه مسموح لهم بالعمل، "طالما أنّهم ينشرون التطرف في اتجاهات معينة، لكنّهم لا ينخرطون في أعمال عنف ضدنا، فهذا أمر مقبول".

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إضفاء الشرعية على الإسلام السياسي، خلال الربيع العربي، من خلال جماعة الإخوان المسلمين، جعل الأمور أسوأ، فقد أثبت الإسلاميون أنّهم بعيدون كل البعد عن الديمقراطية وحماية المعارضة السياسية.

إنّ إضفاء الشرعية على الإسلام السياسي، خلال الربيع العربي، من خلال جماعة الإخوان المسلمين، جعل الأمور أسوأ، فقد أثبت الإسلاميون أنّهم بعيدون كل البعد عن الديمقراطية وحماية المعارضة السياسية

النقطة الثانية تتعلق بالسياسة الخارجية، إذ أنّ الوجود الإيطالي في ليبيا والصومال كان مرتبطاً بشكل وثيق بالإخوان المسلمين في دول الشرق الأوسط، على سبيل المثال، زودت إيطاليا حكومة الوفاق الوطني التي كان يقودها الإخوان في طرابلس بالمساعدة الدبلوماسية والاستخباراتية، بداعي أنّها الممثل الشرعي للشعب الليبي.

هناك قضية أخرى مثيرة للاهتمام، وهي تلك المتعلقة بتحرير سيلفيا رومانو، وهي عاملة خيرية إيطالية اختطفت في كينيا في عام 2018 على يد إرهابيي حركة الشباب، وتم نقلها إلى الصومال. في أيّار (مايو) 2020، وفي ذروة التحالف التركي مع الإخوان المسلمين، أُطلق سراح رومانو في ظروف غير واضحة، وأثارت صورتها وهي ترتدي سترة القوات الخاصة التركية جدلاً، حيث اتهمت بعض وسائل الإعلام الإيطالية الحكومة بالاعتماد على تركيا. وزعمت السلطات الإيطالية أنّ رومانو تم العثور عليها عن طريق الاستخبارات الإيطالية، وأنّ الصورة مزيفة. لكنّ وسائل الإعلام التركية أوردت خلاف ذلك، فقد نشرت الصورة وذكرت أنّ جهاز استخباراتها (MIT) كان فاعلاً بشكل أساسي في العملية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية