"الاتجار بالبشر" ينتعش في ليبيا... وإيطاليا تستنفر الأوروبيين

"الاتجار بالبشر" ينتعش في ليبيا... وإيطاليا تستنفر الأوروبيين


25/05/2021

يناقش الاتحاد الأوروبي في قمته على مدار يومي 24 و25 أيار (مايو) الجاري، مسألة اللاجئين التي عادت لتطفو كقضية عاجلة في ظل التدفق الكبير للمهاجرين من الشواطئ الليبية، علماً بأنّ القضية لم تكن مدرجة بالأساس على مسودة المناقشات، وقد طالبت إيطاليا -الأكثر تضرراً من موجات اللاجئين- بإدراجها.

وقبل أسبوعين، تحديداً في 10 أيار (مايو) الجاري، كانت ليبيا، حيث النشاط الملحوظ للاتجار بالبشر، محوراً رئيسياً في مؤتمر "إدارة تدفق الهجرة بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي"، وعقب المؤتمر نشرت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية أمس أنّ الحكومة الإيطالية ستطلب من الاتحاد الأوروبي دفع أموال لليبيا لمنع زوارق المهاجرين من الانطلاق من الساحل الليبي، على غرار صفقة أبرمت مع تركيا لوقف تدفق المهاجرين من دول البلقان في 2016، بحسب ما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط". 

كان الخطر الذي تمثله السواحل الليبية على الضفة الأخرى من المتوسط دافعاً رئيسياً إلى تدخل أوروبا بقوة في الأزمة الليبية، وتصدي بعض الدول مثل فرنسا لتنامي النفوذ التركي هناك

وعقب المؤتمر، بيّن المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية أنّ الفريق الفني المكلف من وزير الداخلية ناقش مع المشاركين في المؤتمر عبر الدوائر التلفزيونية المغلقة عدداً من القضايا التي من شأنها تطوير التعاون بين ليبيا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في مجالات الحدّ من تدفقات الهجرة من ليبيا وإليها، وسبل التنسيق والتعاون في مجال تطوير قدرات منظومة خفر السواحل والمراقبة الحدودية للمنافذ البحرية والبرية والجوية.

وأشار الفريق الفني المشارك الممثل لوزارة الداخلية الليبية إلى الأوضاع الاستثنائية للمهاجرين الموقوفين بمراكز إيواء المهاجرين، والعراقيل التي تواجه أوضاعهم الإنسانية، وتهيئة الظروف الصحية والنفسية لهم تمهيداً لترحيلهم.

وجدّد الفريق الفني المشارك التأكيد على استعداد وزارة الداخلية التام للتعاون مع فرق وبعثات المنظمات الإنسانية المحلية والدولية المعنية من أجل العودة الطوعية إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلد ثالث.

تفاقم القضية 

ولا تُعدّ قضية المهاجرين وتدفقهم من السواحل الليبية جديدة، فإنّ تلك الموجات لم تنقطع تقريباً، خصوصاً في ظل حالة الفوضى والعنف التي شهدتها ليبيا خلال الأعوام الماضية، والتي كانت تهدد أوروبا، ليس فقط بموجات من المهاجرين، بل بموجات من المهاجرين المؤدلجين والمتشددين، الذين كانوا الفئة الأبرز التي تتواجد في ليبيا بدعوى القتال ثم الفرار في قارب عبر شواطئ أوروبا. 

بات الاتجار بالبشر أو التهريب مهنة رائجة في ليبيا، تغري حتى العاملين في وظائف حكومية

وكان الخطر الذي تمثله السواحل الليبية على الضفة الأخرى من المتوسط دافعاً رئيسياً إلى تدخل أوروبا بقوة في الأزمة الليبية، وتصدي بعض الدول مثل فرنسا لتنامي النفوذ التركي هناك، والعمل على إنهاء الصراع ووجود حكومة وحدة وطنية وخريطة طريق. 

وعلى الرغم من القفزات التي تحققت فيما يتعلق بالمسار السياسي، وانتخاب حكومة جديدة ومجلس رئاسي، والمضي في تنفيذ خريطة الطريق، نشطت حالة الاتجار بالبشر، ومعها موجات تدفق اللاجئين وليس العكس، وذلك في ظل حالة الفراغ الأمني، وما زالت قدرات الحكومة الجديدة دون مستوى فرض السيطرة الأمنية الكاملة، واستمرار تواجد الميليشيات المسلحة والتي انتقلت من حالة القتال إلى سمسرة الاتجار بالبشر، وهدوء الأوضاع نسبياً، ما يعيد رواجها لتكون قبلة للهروب إلى أوروبا دون مخاوف الموت قبل الوصول إلى القارب بفعل المعارك الدائرة. 

وبات الاتجار بالبشر أو التهريب مهنة رائجة في ليبيا، تغري حتى العاملين في وظائف حكومية.

وبحسب حوار لموقع العربية مع أحد العاملين في التهريب، ويُدعى إبراهيم التارقي، فإنّه في  "كل فترة من هذا العام يُفضل التخلي عن وظيفته الرسمية في الدولة للعمل في مجال تهريب المهاجرين من الحدود الجنوبية وصولاً إلى شواطئ ليبيا الشمالية الغربية التي تنشط فيها مراكز وعمليات التهريب، بسبب الأرباح الضخمة التي يحصل عليها من هذا العمل مقارنة براتبه الزهيد الذي لا يدفع له أحياناً لعدّة شهور.

لا تتوقف المخاطر عند الابتزاز أو الخطف، فحتى إذا ما وفت العصابة بوعدها وألقت بالمهاجر في قارب، عادة ما يذهب وجبة للأسماك، وقد تنجح قوات خفر السواحل في إنقاذ البعض

ويشير التارقي إلى أنّ عمل شبكات التهريب في ليبيا ازدهر خلال هذه الفترة، وتضاعفت خطوط الهجرة من الجنوب إلى الشمال، بسبب العوامل الطبيعية والظروف المناخية الملائمة، التي يستغلها المهربون والمهاجرون للانطلاق من بلدانهم في دول الساحل والصحراء نحو ليبيا من أجل الإبحار خلسة باتجاه أوروبا، وكذلك بسبب انشغال السلطات الجديدة بتسلم مهامها وإعادة تنظيم صفوفها واهتمامها بالحراك السياسي في البلاد.

اقرأ أيضاً: العراق يوقف شبكة للاتجار بالبشر قبل بيع طفل... ما القصة؟

وأشار المهرب المحلي إلى أنه يجني يومياً حوالي 150 دولاراً مقابل استقبال مهاجرين عند وصولهم إلى مدينة مرزق وتدبير سكن لهم، ثم نقلهم عبر طرق ترابية على متن سيارته الخاصة التي تحمل ما بين 15 إلى 20 مهاجراً إلى إحدى نقاط التجميع بمدينة سبها، وتابع قائلاً: إنه يسلمهم بعد وصولهم إلى سبها إلى عصابة أخرى تتولى نقلهم إلى الشمال، ويتسلم في النهاية أجره.

وأضاف: إنّ المهاجر الأفريقي يدفع ما بين 5000 إلى 8000 دولار منذ دخوله إلى جنوب ليبيا حتى وصوله إلى الشمال، إذا لم يتم بيعه أحياناً أو ابتزازه للحصول على فدية من عائلته.

ولا تتوقف المخاطر عند الابتزاز أو الخطف، فحتى إذا ما وفت العصابة بوعدها وألقت بالمهاجر في قارب، عادة ما يذهب وجبة للأسماك، وقد تنجح قوات خفر السواحل في إنقاذ البعض. وفي يوم واحد في 11 أيار (مايو) الجاري أعلنت قوات خفر السواحل الليبية إنقاذ 143 مهاجراً غير شرعي من عُرض البحر، من بينهم 5 نساء من جنسيات مختلفة، وتم نقلهم إلى نقطة إنزال المهاجرين بميناء طرابلس البحري، وتقديم جميع المساعدات الإنسانية والطبية إليهم، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم قبل تسليمهم لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة. 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية