الإخوان المسلمون يقاتلون تحت راية العلم التركي!

الإخوان المسلمون يقاتلون تحت راية العلم التركي!


23/01/2018

في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، بدأت تركيا بتسويق نفسها على أنها الدولة الوحيدة العلمانية والديمقراطية في العالم الإسلامي، التي تربطها علاقات وثيقة مع إسرائيل، بالإضافة إلى أنها الدولة الإسلامية الوحيدة المنضمة لحلف الناتو.

كل تلك الميزات جعلت الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، يستقبل أردوغان في البيت الأبيض عام 2004، ويعرض عليه قيادة “الشرق الأوسط الكبير” من المغرب إلى إندونيسيا، من أجل تعميم النموذج التركي العلماني في المنطقة.

في 30 يناير 2004، سربت جريدة “يني شفق” المقربّة من حزب العدالة والتنمية نص الاتفاقية، وقد أوصل لها النص أحد الصحفيين المرافقين لأردوغان إلى البيت الأبيض، واسمه -بحسب ما ذكر المفكر الإسلامي فهمي هويدي في مقال له بجريدة الشرق الأوسط- محررها الرئيس فهمي قورو، الذي كان ضمن الوفد الرسمي لأردوغان.

وقد كانت فكرة قيادة تركيا لـ”الشرق الأوسط الكبير” التي عرضها الرئيس بوش، تقوم على ابتعاث أئمة مساجد أتراك إلى الدول العربية والإسلامية، لنشر العلمانية التركية في تلك الدول، بالإضافة إلى بث المسلسلات التركية التي تتعارض مع القيم الإسلامية والعربية، من أجل نشر النموذج التركي العلماني الذي سجل الرئيس بوش إعجابه به.

كانت الولايات المتحدة في ذلك الوقت تشن حربًا عالمية على الإرهاب، بعد أحداث 11 سيتمبر، وكانت بحاجة إلى نشر تلك العلمانية لمواجهة مد التطرف الإسلامي، وجعل تركيا أنموذجًا وحيدًا للدين الإسلامي.

بالإضافة إلى أن تركيا تعتبر نفسها جزءًا من الغرب، وتوالي الولايات المتحدة وحلف الناتو وأوروبا، وتقيم علاقات اقتصادية مع إسرائيل، كل ذلك جعلها تنال الثقة الأمريكية، خصوصًا ثقة الجناح المتطرف فيها، بقيادة اليمينيين في عهد جورج بوش الابن.

وظلت تركيا منذ 2004 وإلى فترة قريبة، محط ثقة الغرب والولايات المتحدة، لأنها نفذت الاتفاق، وكان من مردودات تلك الاتفاقيات نمو الاقتصاد التركي، الذي دُعم بقوة مِن قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل، عبر ضخهم لاستثمارات اقتصادية إلى البلاد، إضافة إلى إقامتهم علاقات اقتصادية واسعة، رفعت معدلات التبادل التجاري إلى مستويات عالية.

كان النمو الاقتصادي التركي ثمنًا للدور الذي لعبته، وأداه الرئيس أردوغان بمهارة، استطاع من خلاله تمرير الرؤية الأمريكية، تحت عنوان “الشرق الأوسط الكبير” الذي يشمل إسرائيل كدولة طبيعية فيه، لتصبح تركيا ليس فقط نموذجًا علمانيًا، بل أيضًا أول دولة إسلامية تقيم علاقات سياسية واقتصادية كاملة مع إسرائيل، بالإضافة إلى التنسيق الأمني بينهما، والتدريبات العسكرية المشتركة في أجزاء البلدين.

وفي أكثر من خطاب، اعترف الرئيس أردوغان علانية بالمشروع، كما وتحدث عن الدور التركي فيه، دون أن يوضح ملامحه:

 

 

استبدال الفكرة العلمانية

في السنوات الست الأولى من بدء تنفيذ المشروع، غزت المسلسلات التركية القنوات العربية. وقد روجت تلك المسلسلات لأنماط غريبة من الحياة، جميعها ذات مضمون واحد، واشتهرت أسماء الفنانين الأتراك على حساب الفنانين العرب، إلّا أن التأثير على المواطن العربي ظل بطيئًا، وتأخر مشروع قيادة تركيا للعالم العربي، فقام أردوغان في السنتين اللتين سبقتا الربيع العربي، باستبدال الفكرة العلمانية بالدينية، كون الدين هو المحرّك الأول لعواطف المواطن العربي.

فاتخذت السياسة التركية نمطًا دينيًا وطائفيًا في مخاطبة المواطن العربي، وروّج لأردوغان على أنه “خليفة” للمسملين كافة، فاستطاعت الدعاية التركية النفاذ بطريق أسرع إلى ذهن المواطن العربي والتحكم به، خصوصًا مع وجود أحزاب دينية عربية، مثل الإخوان المسلمين، الذين استطاع أردوغان احتواءهم، ثم توجيههم لخدمته، حتى أصبح له في كل بلد عربي حزبًا خاصًا به، يدعو للثورات الدموية، ولهدم فكرة الدولة، وإسقاط الأنظمة، تحت مسميات المعارضة والحرية…الخ.

وقد انحصر جميع وكلاء أردوغان في الدول العربية، من العناصر المنتمين لتيار الإخوان المسلمين، وكانوا أول من خلع عليه لقب “الخليفة”، فباتوا يمثلون السياسة الخارجية للدولة التركية.

أما في الدول العربية التي نال منها الربيع العربي، فلم يكتف أردوغان بإنشاء معارضة، بل تطور ولاء الإخوان له حتى أصبحوا قوته المسلحة التي تخدم سياسة الأتراك، بعد أن أغدق عليهم بالدعم المالي والإعلامي وبالأسلحة (آخرها سفينة الأسلحة المهربة التي أرسلتها تركيا إلى ليبيا وتم إيقافها من قبل البحرية اليونانية).

بالإضافة لآلاف الأطنان من الأسلحة، وعشرات الآلاف من المقاتلين الذين تم تهريبهم إلى سوريا عبر تركيا، وقاتلوا بتوجيهات من النظام التركي، ولخدمة مصالحه في سوريا، حتى صارت تركيا هي التي تفاوض نيابة عنهم في سوتشي وأستانا، وتعقد الهدن والاتفاقيات بالنيابة عنهم.

المشترك بين فصائل الإخوان أنهم جميعًا رفعوا -في البداية- شعارات الديمقراطية والحرية، وبعد سقوط نصف مليون قتيل سوري في الصراع، وملايين اللاجئين، عادوا أخيرًا ليقاتلوا نيابة عن تركيا، داخل المدن السورية، مثل عفرين، كما يظهرون في هذا الفيديو، وهم يكبرون ويعدون أنفسهم للجهاد ضد سوريين مثلهم تحت العلم التركي، بعدما أحرقوا أو استبدلوا أعلام بلادهم.

عن موقع "كيو بوست"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية