الإخوان المسلمون في اليمن.. تقدير موقف

الإخوان المسلمون في اليمن.. تقدير موقف


14/04/2022

تراجعَ نفوذ حزب "الإصلاح" اليمني الإخواني في السنوات الأخيرة، خاصة في الجنوب والوسط، لا سيما مع تصاعد مكاسب ألوية العمالقة، في الأشهر الأخيرة، في شبوة ومديريات بيحان الثلاث، التي كان استولى عليها الحوثي من "الإصلاح" والحكومة الشرعية. لكن ما يزال حزب الإصلاح الإخواني لاعباً مهمّاً على الساحة، ومن داخل الحكومة الشرعية، وبدعم من قطر وتركيا.

تبدو علاقة دولة قطر مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في أحسن أحوالها حالياً، وهذا سيسمح للدوحة في تقوية موقعها في الأزمة اليمنية؛ حيث عادت تمارس أدوارها في دعم حزب الإصلاح الإخواني؛ خاصة في حضرموت وتعز وأبين؛ في سبيل تقليل ومزاحمة نفوذ الأطراف المحلية المتحالفة مع الإمارات في مناطق الجنوب اليمني والوسط.

سوف تستغل الدوحة لافتة المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى اليمن لإعادة ترميم علاقاتها وشبكات نفوذها التي تراجعت بوضوح خلال مقاطعة "الرباعية العربية" لقطر منذ 2017 وحتى 2021.

تشمل أهداف الدوحة في اليمن ما يلي:

1.    تقوية مواقع ونفوذ حزب الإصلاح الإخواني، عبر تقديم الدعم المالي والمساندة السياسية.

تبدو علاقة دولة قطر مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في أحسن أحوالها حالياً

2.    محاولة مزاحمة نفوذ الأطراف الموالية للإمارات، وعدم التسليم بترك شبوة أو تعز لقوات المجلس الانتقالي أو النخبة الشبوانية (اسمها الجديد "قوة دفاع شبوة")،أو قوات طارق صالح وألوية العمالقة. سيبقى حزب الإصلاح وأطراف الحكومة الشرعية ينتظرون اللحظة المناسبة لاستعادة بعض نفوذهم الذي خسروه في الجنوب والوسط، وستكون الدوحة أكبر داعم لهم في هذا الإطار، وهي بدأت بالفعل تعمل لهذا الهدف.

تشمل أهداف الدوحة في اليمن تقوية مواقع ونفوذ حزب الإصلاح الإخواني عبر تقديم الدعم المالي والمساندة السياسية

3.    عدم استبعاد إجراء تفاهمات متنوعة بين حزب الإصلاح الإخواني وجماعة الحوثي. وأي خطوة من جانب الدوحة في هذا السياق ستكون محلّ ترحيب من جانب إيران، وحتى لو كانت بعض الأطراف الحوثية لا تثق بالدوحة على هذا الصعيد، فإنّ الدعم الإيراني وربما دعم سلطنة عُمان لهذا المسار، سيقنع الحوثيين بقبوله؛ في ظل سعي الجميع لجني مكاسب سياسية أكبر على وَقع تشكّل خرائط قوة ونفوذ جديدة، ودفع المجتمع الدولي بحل سياسي أو على الأقل البدء بهدنة تتمدد، وهو أمر وارد في حال إحياء الاتفاق النووي الإيراني وعودة طهران إلى ضخ نفطها وغازها إلى الأسواق العالمية.

4.    محاولة إقناع الرياض بالتسامح مع حزب الإصلاح؛ في ظل غياب بدائل مؤثرة سياسياً وقبلياً على الأرض.

عُمان وأولوياتها ومصالحها

 ستبقى سلطنة عُمان لاعباً مهمّاً في المشهد اليمني، وستحرص على تطوير علاقتها بالحوثيين، وتسهيل حركتهم، تحت لافتة الوساطة.

وستبقى محافظة المهرة هدفاً أساسياً لسلطنة عُمان لممارسة نفوذها وحماية مصالحها في اليمن. وستبقى السلطنة على تواصل مستمر ومتشعب لتمكين نفوذها في المنظومة الاجتماعية والقبلية هناك، وستعزز هذا النفوذ من خلال مشاريع مهمة تحصل عليها في اليمن بالاتفاق مع الحوثي، وربما بالشراكة والتفاهم مع قطر.

تراجعَ نفوذ حزب "الإصلاح" اليمني الإخواني في السنوات الأخيرة

ولن ترضى سلطنة عُمان عن نفوذ الإمارات في سقطرى؛ كما أنّ السلطنة غير مرتاحة لنفوذ المجلس الانتقالي في المناطق الجنوبية اليمنية، وربما ستدعم أي أطراف قد تُضعف نفوذ الانتقالي، ومن غير المستبعد أن تكون مع قطر، وحتى الحوثي، على الصفحة نفسها في هذا المسعى.

الحوثي وحزب الإصلاح و"القاعدة"

سيبقى الحوثيون يسوّقون لمن يسمونهم "إصلاحيي صنعاء"؛ أي ذلك الجناح من حزب الإصلاح الإخواني الذي يتفهم الخطوات الحوثية، ويصفهم الحوثيون بأنهم ضد "عدوان التحالف". وحتى لو كان هذا الجناح ثانوياً، فإنه يمنح المجال لاحتمالات وفرص تواصل حوثي-إخواني، ومن الوارد أنّ قطر سوف تستثمر مزيداً من الموارد والجهود في سبيل تقوية هذا التواصل، لمزاحمة النفوذ الإماراتي في اليمن، وللتماشي مع مساعي إدارة بايدن بإنهاء حرب اليمن بأي ثمن.

ستظل الدوحة تركّز، مع دعم تركي، على تقديم المساندة والدعم والتمويل لحزب الإصلاح والقوى القريبة منه في الحكومة الشرعية في حضرموت وأبين

ستظل مدينة تعز الجسر الواصل بين الشمال والجنوب، وهي بيئة مختلطة ومتعددة الولاءات والنفوذ، واستفراد أي طرف بالسيطرة عليها مؤشر على نفوذ استراتيجي مهم. لكنها موزعة بين عدد من الأطراف والقوى، وستظل على الأرجح موزعة كذلك، ويحاول حزب الإصلاح الإخواني تمديد نفوذه فيها بدعم قطري وتركي.

ستبقى سلطنة عُمان لاعباً مهمّاً في المشهد اليمني وستحرص على تطوير علاقتها بالحوثيين وتسهيل حركتهم تحت لافتة الوساطة

بدأ تنظيم "القاعدة" يُطلّ برأسه مجدداً مستهدفاً مسؤولين وقيادات في الانتقالي الجنوبي، ومثال ذلك محاولة اغتيال قائد الحزام الأمني بأبين العميد عبداللطيف السيد في آذار (مارس) 2022؛ باعتباره خصماً تاريخياً للتنظيم وشكل، منذ سنوات، حجرة عثرة أمام تمدده في المحافظة المطلة على بحر العرب وصولاً للعاصمة المؤقتة عدن. وهناك شكوك بأنّ حزب الإصلاح الإخواني يوفر مناخاً آمناً لعناصر تنظيم القاعدة، ويعطي الفرصة لعودة عملياته الإرهابية في أبين وحضرموت.

ستبقى الدوحة تركّز، مع دعم تركي، على تقديم المساندة والدعم والتمويل لحزب الإصلاح والقوى القريبة منه في الحكومة الشرعية في حضرموت وأبين، وبالتالي محاولة وقف تراجع النفوذ الإخواني في مناطق الجنوب والوسط، خصوصاً وأنّ الحوثي هو اللاعب المهيمن في مناطق الشمال، وفي هذه الحالة فإنّ عدم قطع الدوحة للتواصل مع الحوثي سيكون مكسباً يصبّ في تقوية أوراق التأثير لديها، والادّعاء بقدرتها على لعب أدوار الوساطة.

مواضيع ذات صلة:

الإخوان المسلمون في الخليج.. تقدير موقف

الإخوان المسلمون في الدول المغاربية.. تقدير موقف

الإخوان المسلمون في بلاد الشام.. تقدير موقف



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية