الأصوليون يتنافسون في الانتخابات الإيرانية والإصلاحيون خارج السباق

الأصوليون يتنافسون في الانتخابات الإيرانية والإصلاحيون خارج السباق

الأصوليون يتنافسون في الانتخابات الإيرانية والإصلاحيون خارج السباق


24/06/2024

ترجح التقارير القادمة من إيران أنّ اتجاه القيادة السياسية يميل بشدة إلى انتخاب رئيس أصولي يتماشى مع إرادة الثورة التي حدّدها المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي في أعقاب مصرع الرئيس إبراهيم رئيسي، إثر سقوط المروحية التي كان يستقلها خلال عودته من زيارة لمحافظة أذربيجان الشرقية، في 19 الشهر الماضي.

وتجري الانتخابات يوم الجمعة المقبل الثامن والعشرين من الشهر الجاري، ويتنافس فيها ستة مرشحين يغلب عليهم التشدّد بعد أن تم رفض ترشيح أسماء إصلاحية، من دون ذكر مبررات، من قبل مجلس صيانة الدستور.

وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية، الأحد 9 يونيو 2024، الموافقة على طلبات 6 مترشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهم: رئيس مجلس الشورى الحالي محمد باقر قاليباف، والأمين العام السابق لمجلس الأمن القومي الإيراني وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام سعيد جليلي، وعمدة طهران علي رضا زاكاني، ونائب مدينة تبريز في البرلمان مسعود بزشكيان، ووزير العدل الأسبق مصطفى بور محمدي، والنائب البرلماني السابق والرئيس المحافظ المُتشدد لمؤسسة الشهداء والمحاربين القدامى أمير حسين قاضي زاده هاشمي.

الغلبة للأصوليين

ويلاحظ الباحث المتخصص في الشأن الإيراني شريف هريدي، في تحليل نشره "مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" أنّ الغلبة في المرشحين تميل لمصلحة التيار الأصولي، حيث صرح خامنئي، في اليوم الأخير من تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية، وهو 3 يونيو 2024، بأنّ على الرئيس القادم أن يكون "مُؤمناً بأسس ومبادئ الثورة"، و"يستكمل ما بدأه الرئيس رئيسي"، وقد جاءت القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، مُتوافقة مع ما صرّح به خامنئي؛ إذ خلت من الوجوه المعتدلة والإصلاحية، وكان الاستثناء الوحيد هو مسعود بزشكيان.

🎞

ويشير الباحث هريدي، خلال قراءته لقائمة المرشحين، إلى هيمنة أصولية على الانتخابات؛ إذ إنّ 5 من الـ 6 مرشحين المؤهلين لخوض الغمار الرئاسي في إيران، ينتمون للتيار الأصولي الذي يُسيطر على مقاليد السلطة، فباستثناء مسعود بزشكيان، فإنّ جميع المرشحين الآخرين هم من المحافظين.

 كما يلاحظ أنّ أغلبية المرشحين ينتمون إلى "جبهة بايداري" أي "جبهة الصمود"، وهي أحد أكثر الأحزاب الأصولية تشدداً، وصاحبة النسبة الأعلى في الاستحواذ على المقاعد البرلمانية التي أُجريت في مطلع مارس 2024، وهي الجبهة التي نافست رئيس المجلس الحالي محمد باقر قاليباف، قبل أن يفوز الأخير برئاسة البرلمان.

اختيار المرشد الثالث

ووفق التحليل الذي نشره مركز المستقبل، فإنّ ذلك يتماهى مع الاتجاه المتصاعد داخل النظام، والذي يسعى إلى تكريس التشدد، وتمكين جيل جديد من الأصوليين لتولي زمام الأمور، خلال المرحلة المقبلة، والتي قد تشهد اختيار المرشد الثالث، خلفاً للمرشد الحالي علي خامنئي، في ضوء تقدم عمره، وإصابته بأمراض عضال، وقد بدا هذا الاتجاه بشكل جلي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي ترى بعض التقديرات أنها دشنت لجيل جديد من الأصوليين، على غرار نواب مجلس الشورى موسى غضنفر أبادي ومحمود نبويان وحميد رسايي، ويعتقد أنه سيكون لهذا الجيل دور كبير في التفاعلات التي ستجري في إيران خلال المرحلة المقبلة. 

 

يطمح النظام في إيران إلى اختيار شخصية كالتي كان يمتلكها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، والذي كان شخصية مثالية بالنسبة لتوجهات النظام والثورة

 

ولفت هريدي، أيضاً، إلى استبعاد أغلب الوجوه المعتدلة والإصلاحية؛ فقد استبعد مجلس صيانة الدستور، وهو المجلس المعني بالنظر في أهلية المرشحين للانتخابات ويتكون من 12 عضواً، نصفهم يختارهم المرشد الأعلى، ونصفهم الآخر يختارهم رئيس مجلس القضاء الذي يُعيّنه المرشد أيضاً، ويرأسه الأصولي المتشدد أحمد جنتي منذ عام 1992، أغلب الوجوه الإصلاحية والمعتدلة التي تقدمت بأوراقها للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومن أبرز تلك الأسماء رئيس مجلس الشورى الأسبق علي لاريجاني، ونائب الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، إسحاق جاهنجيري، ومحافظ البنك المركزي السابق عبد الناصر همتي، ووزير النقل في حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، مهرداد بذرباش، ووزير الثقافة في نفس الحكومة محمد مهدي إسماعيلي، وغيرهم. كما تكرر استبعاد شخصيات مثل الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد من الترشح للانتخابات الرئاسية، وهو ما حدث من قبل في انتخابات 2017 و2021.

نفس صفات الرئيس السابق

ويطمح النظام في إيران إلى تصعيد شخصية تحمل الصفات نفسها التي كان يمتلكها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، والذي ترى الأوساط المحافظة أنه كان شخصية مثالية بالنسبة لتوجهات النظام ومبادئ الثورة؛ إذ إنّ المرحلة الدقيقة التي يمر بها النظام في إيران، سواء في الداخل أم الخارج، لا تسمح له باختيار شخصية من التياريْن المعتدل أو الإصلاحي، تكون على غير انسجام وتطابق تام مع التوجهات المتشددة للنظام. 

في ضوء ما سبق، يتوقع الباحث هريدي نسبة مُشاركة شعبية مُنخفضة في انتخابات الجمعة، فضلاً عن أن الانتخابات ستُجرى بين المرشحين الأصوليين، باختلاف مُستوياتهم؛ سواء من ينتمي منهم للجناح المتشدد داخل التيار مثل سعيد جليلي، أم من ينتمي لجناح الأصوليين الجدد مثل: محمد باقر قاليباف، أو الأصولي السابق والمعتدل الحالي مصطفى بور محمدي.

🎞

ويختم هريدي تحليله بالقول: من المُرجح أن تسفر الانتخابات الرئاسية القادمة في إيران عن فوز رئيس أصولي، في ظل سعي النظام لملء الفراغ الذي تسبب فيه الغياب المفاجئ للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، والذي كان في نظر النظام، رئيساً مثالياً؛ إذ يريد النظام أن يأتي ببديل لا يقل مثالية عنه.

 

الباحث شريف هريدي: توقعات بنسبة مُشاركة شعبية مُنخفضة في انتخابات الجمعة، فضلاً عن أن الانتخابات ستُجرى بين المرشحين الأصوليين باختلاف مُستوياتهم

 

ويزداد هذا الهاجس إلحاحاً خاصة في ظل المرحلة الحرجة التي تمر بها إيران، سواء في الداخل ممثلة في الملف المؤجل لاختيار المرشد الثالث وخليفة خامنئي، وما قد يفرضه ذلك من تداعيات ربما تصل لتغيير في بنية النظام السياسي نفسه، أم في الخارج ممثلة في التعامل مع الملفات الشائكة المتعلقة بالملف النووي والمفاوضات المتعثرة بشأنه، والتصعيد مع إسرائيل والذي وصل لحد المواجهات المباشرة، والعلاقة مع دول الجوار وما بدأ من مسار تحسين العلاقات معها.

كل هذه المعطيات تستدعي أن يأتي رئيس يتماهى مع البنية العميقة للنظام الإيراني ولا يكون على خلاف معها بحيث لا يكرر تجارب سابقة كان آخرها تجربة الرئيس الأسبق حسن روحاني.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية