الأردن أمام تحدي تفكيك شبكات تمويل جماعة الإخوان المحظورة

الأردن أمام تحدي تفكيك شبكات تمويل جماعة الإخوان المحظورة

الأردن أمام تحدي تفكيك شبكات تمويل جماعة الإخوان المحظورة


15/05/2025

تواجه الحكومة الأردنية تحديا كبيرا في تفكيك شبكات تمويل جماعة الإخوان المسلمين التي تم حظرها رسميا الشهر الماضي، على خلفية تورط أعضاء في الجماعة في “مخططات إرهابية” تستهدف الأمن القومي للمملكة.

وأمهلت حكومة جعفر حسان، الأربعاء، كل من لديه أموال منقولة أو غير منقولة وتعود ملكيتها للإخوان المسلمين بمراجعة اللجنة المكلفة بمصادرة أموال الجماعة وإجراء تسوية لهذا الملف، خلال شهر واحد فقط، أو أنه سيجد نفسه تحت طائلة المسائلة القانونية.

ويعكس القرار الذي حمل توقيع أمين عام وزارة التنمية الاجتماعية، الذي يترأس بدوره لجنة مصادرة أموال الإخوان وعقاراتهم، حرصا رسميا على تفكيك مؤسسات التنظيم، ولاسيما المالية منها، في ظل تقديرات تتحدث عن أن الجماعة تحوز على أموال منقولة وغير منقولة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.

ويقول مراقبون إن خطوة الحكومة تشي بأن لدى السلطات الأردنية معطيات تفيد بنقل الجماعة لأموالها إلى شخصيات في الداخل والخارج، لتفادي أن تضع الدولة يدها عليها.

وكانت السلطات الأردنية اعتقلت ثلاثة من أبرز المسؤولين الماليين في جماعة الإخوان على غرار المفوض المالي المباشر للجماعة الشيخ أحمد الزرقان.

وقال رئيس لجنة الحل أمين عام وزارة التنمية الاجتماعية برق الضمور، إن “القرار يأتي استنادا لقرار محكمة التمييز والقاضي باعتبار جمعية جماعة الإخوان المسلمين والتي جرى تأسيسها عام 1946 منحلّة حكماً منذ تاريخ 16 من شهر حزيران (يونيو) عام 1953.”

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (بترا) عن الضمور قوله إنه وبالاستناد إلى أحكام المادة 11/ب من النظام المحدد لأحكام الأنظمة الأساسية رقم 57 لسنة 2010 وتعديلاته فإن على جميع الأشخاص مراجعة اللجنة خلال شهر لتسوية الأوضاع متضمنا الوثائق والمستندات والبيانات المؤيدة لذلك وتحت طائلة المسؤولية.

وبحسب أوساط سياسية، فإن الإخوان المسلمين في الأردن، كغيرهم من فروع الجماعة في أنحاء العالم، يعتمدون على نظام مالي مغلق يصعب الوصول إليه ويتضمن اشتراكات شهرية من الأعضاء، إلى جانب الزكاة والتبرعات التي تجمع من الداخل والخارج تحت غطاء ديني وإنساني، لكنه عادة ما يستخدم في أغراض بعيدة عما هو معلن.

بالإضافة إلى ذلك تتلقى الجماعة دعما من رجال أعمال مرتبطين أيديولوجيا وفكريا بها، فضلا عن دعم من جهات حكومية إقليمية.

ويشكل هذا النظام المغلق والمعقد تحديا للحكومة الأردنية التي تخشى من أن تستخدمه الجماعة في تمويل أنشطة تخريبية، كما حصل في الخلية الإرهابية التي كشفت عنها دائرة المخابرات الأردنية في أبريل الماضي وتضم 16 عنصرا.

وقالت دائرة المخابرات العامة الأردنية حينها إن مخططات الخلية شملت قضايا “تصنيع صواريخ بأدوات محلية، وأخرى جرى استيرادها من الخارج لغايات غير مشروعة، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة نارية وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام، ومشروع لتصنيع طائرات مسيرة.”

وأعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية بعد أيام قليلة من الكشف عن المخططات “حظر كافة نشاطات جماعة الإخوان المسلمين المُنحلة واعتبارها جمعية غير مشروعة.”

وتقرر، وفق الفراية، آنذاك “اعتبار الانتساب لجماعة الإخوان المسلمين أمراً محظوراً، وحظر الترويج لأفكارها، وتحت طائلة المساءلة القانونية”.

وبالتزامن مع إعلان وزير الداخلية، داهمت السلطات الأردنية مقار تابعة لجماعة الإخوان، وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي.

وشملت المداهمات أكثر من 50 مقرًا للجماعة في مختلف أنحاء البلاد، وتم الحصول على أوراق تحتوي على أسماء عناصر عسكرية للتنظيم، وتسجيلات موثقة تثبت تورطهم في عمليات شراء السلاح.

ويرى الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، طارق البشبيشي إن ما تم الكشف عنه في الأردن من مخطط إرهابي يحمل توقيع جماعة الإخوان هو مؤشر واضح على أن هذا التنظيم لم يغادر مربع العنف والتآمر، رغم محاولاته التجمل بواجهة سياسية ناعمة تحت اسم حزب جبهة العمل الإسلامي.

وأضاف البشبيشي في تصريحات صحفية أن الجماعة في الأردن باتت تدار كشبكة ظل، تعتمد على تمويل غامض وتوجيهات خارجية، ما يثير تساؤلات خطيرة حول شرعية وجود أي ذراع لها على الساحة السياسية الأردنية، وهو ما تم في السنوات الماضية في مصر أيضًا.

ويقول متابعون أن القرار الصادر عن وزارة التنمية الاجتماعية، يعكس إصرارا من أن الدولة ماضية قدما في تجفيف منابع تمويل الجماعة، وتفكيك مؤسساتها، لافتين إلى أن حزب جبهة العمل الإسلامي لن يكون بمنأى عن قرارات قد تتخذ في قادم الأيام.

ويشير المتابعون إلى أن الأردن سبق وأن منح جماعة الإخوان المسلمين أكثر من فرصة للمراجعة والتماهي مع الخطاب والمصلحة الوطنية لكن ذلك لم يتحقق، وهو اليوم سيذهب حدا بعيدا في إنهاء الحالة الإخوانية داخل الأراضي الأردنية، في رسالة تتجاوز الإخوان بأن أمن البلاد خط أحمر.

وواجه الأردن خلال العقدين الأخيرين عددا من الأحداث الأمنية في عمق أراضيه، ففي عام 2005 تعرضت ثلاثة فنادق لتفجيرات في المساء ذاته، مما أدى لمقتل أكثر من 50 شخصاً.

واستهدف مسلحون في العام 2016 مراكز أمنية في سلسلة هجمات أسفرت عن مقتل سبعة من عناصر الأمن العام وقوات الدرك وأردنيين اثنين وسائحة كندية، خلال اشتباك مسلح في قلعة الكرك التاريخية.

وفي العام 2018 شهدت منطقة السلط في وسط البلاد اشتباكات بين رجال الأمن ومسلحين أدت إلى مقتل أربعة من رجال الأمن وثلاثة مسلحين.

وقبل الكشف عن خلية الأخيرة التي جرى تتبعها منذ العام 2021، استهدف عنصران ثبت انتماؤهما لجماعة الإخوان جنود إسرائيليين في منطقة البحر الميت، ما أسفر عن جرح عدد منهم.

العرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية