الأدوات الخشنة على حدود غزة هل تعود للخدمة من جديد؟

فلسطين

الأدوات الخشنة على حدود غزة هل تعود للخدمة من جديد؟


04/09/2019

تدرس الفصائل الفلسطينية مجدداً العودة لاستئناف فعاليات الإرباك الليلي والطائرات والبالونات الحارقة، أو ما يطلق عليها "الأدوات الخشنة"، على طول حدود غزة الشرقية، كخطوة للردّ على تهرّب إسرائيل من تنفيذ تفاهمات الهدوء وتصعيد اعتداءاتها العسكرية المتكررة على قطاع غزة، والضفة الغربية والقدس المحتلّتين، والتي أعادت فرضية اندلاع حرب خامسة على القطاع مع تصعيد الفصائل الفلسطينية لهجتها بالردّ على الخروقات الإسرائيلية، وعدم السكوت عن الممارسات الصهيونية بحقّ الفلسطينيين.

الفصائل الفلسطينية أعادت التلويح بإمكانية العودة لاستئناف العمل بالأدوات السلمية الشعبية بعد أن تمّ توقيفها لعدة شهور

وأكد سياسيون ومحللون أنّ إسرائيل تسعى لخلق حالة من التوتر في قطاع غزة، والهروب من التزامات التهدئة واستحقاقاتها اتجاه القطاع، متوقعين عودة الوسائل السلمية الخشنة على حدود غزة، طالما لم يلتزم الاحتلال بتنفيذ تفاهماته وإنهاء الحصار المفروض على القطاع منذ عدة أعوام.
ومنذ بدء مسيرات العودة، في 30 آذار (ماس) 2018؛ استخدم الشباب الفلسطيني الثائر عدة أدوات للضغط على الاحتلال لتنفيذ التفاهمات المبرمة مع الاحتلال وكسر الحصار، وكانت بداياتها الحراك الشعبي شمال قطاع غزة، في 10 أيلول (سبتمبر) 2018، وانتقلت الأدوات لاستخدام الشبان الطائرات الورقية الحارقة في 12 نيسان (أبريل) من العام نفسه، والتي أدّت إلى إحداث خسائر مادية فادحة في عدد من الحقول الزراعية في مستوطنات غلاف غزة، وتطورت الوسائل الخشنة للضغط على الاحتلال بإنشاء وحدة الإرباك الليلي في أيلول (سبتمبر) الماضي، والتي أرسلت رسائل قوية للاحتلال وجعلت الحدود الشرقية ساحةً مؤلمة للمستوطنين في غلاف غزة.

 إسرائيل تسعى لخلق حالة من التوتر

وكانت حركة حماس قد قررت، في حزيران (يونيو) الماضي، تجميد أدوات المقاومة الشعبية الخشنة بعد اتفاق مع الاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية، مقابل تقديم بعض التسهيلات وإلغاء الإجراءات العقابية الإسرائيلية ضدّ قطاع غزة.

العودة إلى استخدام الأدوات السلمية
وأعلن عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ماهر مزهر  أنّ "الهيئة العليا لمسيرات العودة ستعود لاستخدام كافة الأدوات السلمية مع الاحتلال، في حال لم يتم رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، واستمرار إسرائيل في سياسة المماطلة والتسويف التي تنتهجها للتهرب من استحقاقاتها، في ظلّ الأوضاع المأساوية التي يشهدها القطاع، من ارتفاع في معدلات البطالة والفقر، والذي سببه الرئيس هو الاحتلال الإسرائيلي المجرم، الذي ما يزال يستخدم كافة أشكال القتل والعنف بحق المتظاهرين السلميين في غزة، ويواصل اعتداءاته المستمرة بحقّ شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلتين".

اقرأ أيضاً: هل ينجح مخطط الهجرة الطوعية في إفراغ قطاع غزة من سكانه؟

ويضيف مزهر، وهو عضو الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، لـ "حفريات": "مسيرات العودة هي محطة نضالية مهمّة، يتوجب على الجميع استثمارها والمحافظة عليها؛ حيث فضحت هذه المسيرات الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي، وما يثبت هذه الرواية إعلان مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، في 20 آذار (مارس) الماضي؛ أنّ ما يرتكبه الاحتلال في قطاع غزة بحقّ المتظاهرين السلميين يرتقي إلى جرائم حرب ضدّ الإنسانية".

اقرأ أيضاً: تدوير المناصب الحكومية في غزة.. حماس تعزز الانقسام

ولفت إلى أنّ "مطالب الشعب الفلسطيني العادلة، والتي تُرجمت بهذه المسيرات، أعادت إبراز القضية الفلسطينية من جديد نحو العالم، ووحّدت الشعب الفلسطيني تحت راية واحدة، واستخدم الشباب الثائر كافة الوسائل السلمية لمجابهة جنود الاحتلال المدججين بمختلف أنواع الأسلحة والعتاد، كما مكّنت هذه المسيرات من تحريض الفلسطينيين بالضفة المحتلة لمقاومة الاحتلال، وإسقاط صفقة القرن والتصدي لكافة المؤامرات التي تنال من الشعب الفلسطيني ومقاومته".

مزهر: مسيرات العودة هي محطة نضالية مهمّة يتوجب على الجميع استثمارها

تفاهمات مؤقتة

ويرى مزهر أنّ "الوسيط المصري له دور رئيس وبارز في تحقيق الهدوء وإجبار إسرائيل على الالتزام باستحقاقاتها نحو قطاع غزة، إلا أنّ العدو يمارس سياسة المماطلة والتلكؤ اتجاه تحقيق ذلك"، مستدركاً أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يفهم سوى لغة القوة، وذلك من خلال العودة لاستخدام مختلف الأشكال النضالية بحقّه، والضغط عليه بكافة الوسائل المتاحة لاستنزافه والتنغيص على مستوطنيه القاطنين في غلاف غزة".

اقرأ أيضاً: فيلم "غزة"... وثائقي عن بهجات عابرة تحت الحصار

وبيّن أنّ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ليست مع التفاهمات التي تجريها حركة حماس مع الجانب المصري؛ لأنّ هذه التفاهمات تقدم حلولاً مؤقتة ومحدودة، والحلّ الوحيد يكمن في إنجاز الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام والاستمرار في النضال الشعبي ضدّ الاحتلال الإسرائيلي؛ فالشعب الفلسطيني قد أثبت أنه ما يزال يمتلك مخزوناً كفاحياً لمواصلة مقاومته ضدّ الاحتلال حتى يزول عن كافة الأرض الفلسطينية".
التأثير على الاحتلال ومستوطنيه

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، وعضو الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة، طلال أبو ظريفة، لـ "حفريات" إنّ "أدوات المقاومة الشعبية تهدف إلى تحريك تفاهمات التهدئة مع إسرائيل؛ لإجبارها على تنفيذ وعودها"، واصفاً الوسائل السلمية المستخدمة في المسيرات؛ بأنّها "روافع نضالية للضغط على الاحتلال، الذي يسعى جاهداً لوقف مسيرات العودة بكافة أشكالها وأبعادها، ومن بينها الجماهيرية منها، لتنفيذ التفاهمات المبرمة معه، ووقف التلكؤ في تنفيذ التفاهمات على الأرض لتمرير مخططاته المشبوهة".

أبو ظريفة: الاحتلال يخشى عودة وتفعيل الأدوات السلمية الخشنة التي يقوم بها الشباب الثائر

وبيّن أنّ "الاحتلال يخشى عودة وتفعيل الأدوات السلمية الخشنة التي يقوم بها الشباب الثائر على حدود قطاع غزة الشرقية، لاعتبارات سياسية وأمنية، لما لهذه الأدوات من تأثيرات كبيرة على مستوطني غلاف غزة، وعلى الجانب الاقتصادي الإسرائيلي، كما تبيّن تلك الوسائل هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، والتي تحاول أن توهم الرأي العام الصهيوني بترميم قوة الردع لديها، إضافة إلى إحراج الاحتلال أمام المجتمع الدولي، الذي يواجه المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي والمتفجر، ما يبرز التعاطف الدولي مع الشعب الفلسطيني، وهو الأمر الذي لا يريد الاحتلال الإسرائيلي أن يتحقق".

عناوين وطنية
ولفت أبو ظريفة إلى أنّ "مسيرات العودة حدّدت موقعها في إطار المشروع الوطني الفلسطيني، بعد أن حملت المسيرات عناوين وطنية تتعلق بالقدس واللاجئين والشتات والداخل الفلسطيني"، مستدركاً أنّها أكثر ميدانية في مواجهة صفقة القرن وإجراءات الاحتلال العنصرية، بهدف تعميم هذا المشروع السلمي والنضالي لمواجهة الاستيطان والاحتلال في الضفة الغربية، ودرء المخاطر التي يواجهها حقُّ عودة اللاجئين، في ظلّ سياسة الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتعزيز الانقسام الداخلي الفلسطيني، والاستمرار في فرض الحصار المطبق على قطاع غزة ".

اقرأ أيضاً: ..وقطاع غزة أيضاً يضيق باللاجئين السوريين
وعن دور مسيرات العودة في تعزيز التوجهات الوحدوية لدى فصائل العمل الوطني والإسلامي؛ تابع أبو ظريفة: "يعدّ انخراط الكلّ الوطني في هذه المسيرات وتوحّده ضدّ محاولات الاحتلال لتصفية الحقوق الفلسطينية، مدخلاً جدياً لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وعودة العمليات الكفاحية والنضالية، وهي عوامل قوة يتوجب البناء عليها لمجابهة المخططات الصهيونية العدوانية".
لمسيرات العودة دور في تعزيز التوجهات الوحدوية لدى فصائل العمل الوطني والإسلامي

قنبلة موقوتة
بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي، يوسف إبراهيم، لـ "حفريات": إنّ "التفاهمات التي جرى التوافق عليها بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال بوساطة مصرية، لا تسير وفق الشكل المطلوب، وتماطل إسرائيل في تنفيذ عدد منها، وهو ما يجعل القطاع قنبلة موقوتة قد تنفجر في أيّة لحظة في وجه الاحتلال".

مسيرات العودة حدّدت موقعها في إطار المشروع الوطني الفلسطيني بعد أن حملت المسيرات عناوين وطنية تتعلق بالقدس واللاجئين والشتات

ولفت إبراهيم إلى أنّ "الفصائل الفلسطينية أعادت التلويح بإمكانية العودة لاستئناف العمل بالأدوات السلمية الشعبية، بعد أن تمّ توقيفها لعدة شهور، بعد سماح الاحتلال بفتح المعابر وزيادة مساحة الصيد إلى 15 ميلاً، وإدخال الأموال القطرية للعائلات الفقيرة بغزة، إلا أنّ تنصّل الاحتلال من تنفيذ باقي التفاهمات، التي التزم بها الجانب الفلسطيني من طرف واحد، يهدّد بعودة الأوضاع إلى سابق عهدها، وفشل التهدئة مع الاحتلال".

وتابع: "رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يحاول استخدام الدم الفلسطيني وقوداً في معركته الانتخابية القادمة، وكسب ثقة الرأي العام الإسرائيلي، وبعودة الوسائل السلمية الخشنة لن يقبل الفلسطينيون أن يكونوا ورقة في بازار الانتخابات الإسرائيلية، وستضع المقاومة الشعبية نتنياهو في مأزق كبير أمام مستوطنيه، والذين لن يستطيعوا احتمال عودة الأدوات السلمية الخشنة على حدود غزة، والتي تسببت لهم سابقاً بالقلق والارتباك بشكل كبير".

وبحسب إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، في 15 حزيران (يوليو) الماضي، فقد استشهد 305 مواطنين، من بينهم 59 طفلاً و10 نساء، وإصابة 17335 آخرين، منذ انطلاق مسيرات العودة، في 30 آذار (مارس) 2018.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية