رغم فشلها في تحقيق أيّ أهداف لصالح التنظيم، وإهدار تمويلات ضخمة خلال الأعوام الـ (10) الماضية، إلّا أنّ آلة الكذب الإخوانية، ممثلة في عشرات المنصات الإعلامية والدعائية، ما تزال تبحث عن موطئ قدم في المنطقة العربية لتحقيق مخططات الفوضى الإخوانية.
ومؤخراً كثفت منظومة الإعلام الإخواني من مخططاتها ضد المجتمعات العربية، وبشكل خاص استهداف مصر من خلال تزييف الشائعات حول الملف الحقوقي وأوضاع الحريات والسجون، ونشرها على نطاق واسع، فضلاً عن محاولات توظيف الأزمة الاقتصادية الراهنة لشحن الشارع المصري وإشعال حالة الغضب.
لماذا يكثف إعلام الإخوان نشاطه الآن؟
وتعليقاً على حالة النشاط الإعلامي لجماعة الإخوان، يقول الكاتب المصري ضياء رشوان في مقالة نشرها عبر موقع (العين): إنّه منذ قرابة (10) أعوام ظل إعلام الإخوان مُصرّاً بشكل يومي على التأكيد على أنّ كل شيء بمصر؛ إمّا أنّه انهار، وإمّا أنّه في طريقه إلى الانهيار السريع للغاية".
وذكر أنّه في كل حلقة وبث وإذاعة يستفيض مقدموها ومعدوها من الإخوان، ومن يلتحق بهم، في تقديم كل ما يعتقدون أنّه يؤكد الانهيار الحاصل أو القادم سريعاً، من بيانات وإحصائيات وشهادات ممّن يعتبرونهم "خبراء"، ممّا يعطي الانطباع في نهاية العرض بأنّ صباح اليوم التالي، أو الذي بعده بحدٍّ أقصى، ستشهد كل الأوضاع في مصر الانهيار التام.
وتابع: "ولأنّ إعلام الإخوان، ومن يلتحق بهم، لا يعدو أن يكون "ردّ فعل" مباشر وفوري لكل ما يجري في مصر، فمن الطبيعي أن يبدو كل يوم من أيام بثهم مختلفاً شكلياً عن اليوم الذي سبقه، من ناحية الموضوعات التي يتم الحديث عنها، واعتبارها في حالة انهيار أو قريبة جداً منه".
وذكر أنّه بقدر تعدد وتنوع القرارات والإجراءات المتخذة في مصر، سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو عسكرياً أو غيره، بقدر ما يلهث وراءها ذلك الإعلام تشويهاً وتعريضاً، واعتبارها دوماً علامة النهاية والانهيار الأكيدين الفوريين.
تحول تكتيكي
وترصد دراسة حديثة صادرة عن المركز العربي لدراسات التطرف للباحثة أسماء دياب، ملامح استراتيجية جديدة للإعلام الإخواني خلال المرحلة الراهنة تتسم بمحاولة التخفي ولعب أدوار مختلفة.
ووفق الدراسة، تحاول الجماعة تغيير سياستها الإعلامية بشكل تكتيكي في العام الأخير، بطريقة لا يمكن أن يكشفها المشاهد غير المنتمي لهذا التنظيم، على الجانب الأخر يرصد المتخصصون والمحللون تراجع الجماعة ظاهرياً عن استخدام خطاب العنف والألفاظ التي تعكس التطرف، فظهر المشهد الإعلامي للجماعة سواء لبعض الجمهور العادي أو المتابعين من دول الغرب كأنّه تيار إعلامي معارض.
تحاول الجماعة تغيير سياستها الإعلامية بشكل تكتيكي في العام الأخير، بطريقة لا يمكن أن يكشفها المشاهد غير المنتمي لهذا التنظيم
وتقول الدراسة: إنّ المتتبع لقنوات جماعة الإخوان المسلمين، سواء التي تبث من لندن أو من إسطنبول، فضلاً عن القنوات التي تبث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يرصد أنّ أغلب هذه القنوات أصبحت تستخدم خطاباً ناقداً للظروف الاقتصادية والسياسات الحكومية فقط، ولا يدعو إلى الخروج للتظاهر وإحداث فوضى، كما كانت تفعل حتى وقت قريب.
أيضاً تبث تلك القنوات أغاني وطنية، رغم عدم إيمان الجماعة بالأوطان وفق أدبياتها، لمطربين كانت الجماعة تكنّ لهم مشاعر الكراهية، وتسبهم وتلعنهم قبل وقت ليس ببعيد، بغرض تصدير صورة أنّ تلك القنوات تابعة لفصيل معارض وليس للإخوان، وما يؤكد ذلك، هو تكرار المذيعين في هذه القنوات لشعار متفق عليه يذاع في كل البرامج بين الحين والآخر، هو "نحن لسنا من الإخوان".
تراجع التحريض على العنف
وفي السياق نفسه، ترصد الدراسة تراجع التحريض على العنف واقتصار أفراد الجماعة من مقدّمي تلك البرامج على تصدير أفكارهم الإخوانية بشكل غير مباشر، كانتقاد سياسات لمؤسسات الدولة بدلاً من الدعاوى المباشرة لهدم المؤسسات والاعتداء عليها، كما كان يحدث ضد الجيش والشرطة والقضاء والأزهر.
كما اختفى خطابهم القديم بتأييد التنظيمات الإرهابية الصلبة، كـ (القاعدة) و(داعش)، الذي كان يذاع باستمرار على قنواتهم الفضائية، واكتفت الجماعة بالإشادة بتلك التنظيمات وتأييدها من قبل بعض عناصرها على السوشيال ميديا، وعبر بعض المواقع الإخبارية التابعة لها، وفق الباحثة.
محددات النشاط الإعلامي للإخوان
ترى الباحثة أنّ هناك جملة من العوامل ساعدت الجماعة، على مدار تاريخها، في الصمود أمام الأزمات، وهو ما يمكن الاعتماد عليه في فهم صمود المنصات الإعلامية للجماعة، رغم حالة الانهيار التي يشهدها التنظيم بشكل عام.
العامل الأوّل: توافر التمويل: حيث تمتلك جماعة الإخوان المسلمين قوة اقتصادية توازي ميزانية بعض الدول، وهو ما مكنها من الصمود طوال هذه الأعوام، في الوقت الذي ظهرت فيه عشرات الجماعات المتطرفة واندثرت لفقد الإمكانيات التمويلية، فالجماعة تمتلك شركات ومؤسسات ومشاريع في كل أنحاء العالم بالمليارات.
ما زالت الجماعة تصدر منتجاً مكتوباً ومرئياً (كتباً ودراسات وفيديوهات)، لا يقابله حجم إنتاج فكري مضاد يقوّض أفكار الجماعة لقطع الطريق على إنتاج أجيال جديدة تحمل الأفكار الإخوانية المشوهة والمحرفة
العامل الثاني: "الانتماء العقائدي"، فقد أصّل البنا لأتباعه منظومة إيديولوجية متكاملة، أصبحت منطلقات فكرية يعتبرها أعضاء الجماعة عقيدة (إخوانية)، بمعزل عن العقيدة التي يؤمن بها عموم المسلمين، من ضمنها وجوب السعي للوصول إلى الحكم، ورسم لهم تسلسل الطريق وصولاً إلى ذلك، بالإضافة إلى التأصيل لفقه المحنة الذي وضعه حسن البنا.
العامل الثالث: "تقصير توعوي"، ما زالت الجماعة تصدر منتجاً مكتوباً ومرئياً (كتباً ودراسات وفيديوهات)، لا يقابله حجم إنتاج فكري مضاد يقوّض أفكار الجماعة لقطع الطريق على إنتاج أجيال جديدة تحمل الأفكار الإخوانية المشوهة والمحرفة، فوضع استراتيجية توعوية طويلة المدى ليس من دروب الرفاهية الفكرية، بل بات ضرورة فرضها واقع عالمي خطر.
واضيع ذات صلة:
- عبير موسي توسع حربها على "الإخوان" وتهدد مؤسساته الإعلامية.. ما الجديد؟
- جماعة الإخوان تتجه لتقليص منظومتها الإعلامية... مناورة أم إقرار بالفشل؟
- هل تنجح خطط الإخوان الإعلامية الجديدة بإعادة نشر الفوضى في المنطقة؟