
أثار استحواذ رجل الأعمال التونسي محمد علي حراث، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، على مجلة "تريبيون" البريطانية العريقة، موجة من الجدل في المملكة المتحدة، وفتح باب النقاش مجددًا حول محاولات التنظيم التغلغل داخل المنصات الإعلامية الغربية.
حراث، الذي يدير "مجموعة إي ميديا" المالكة لقناة "الإسلام"، أعلن عبر قناته استحواذه رسميًا على المجلة الاشتراكية التاريخية، مشيرًا إلى أن المشروع الجديد سيسعى إلى توسيع البعد التحريري للمجلة بما يتناسب مع "رؤية بديلة للمستقبل".
مجلة "تريبيون" التي أسسها عمال بريطانيون، وسبق أن تولى الروائي الشهير جورج أورويل تحريرها الأدبي، لطالما عُرفت بدفاعها عن العدالة الاجتماعية وقضايا اليسار، ما جعل استحواذ رجل مرتبط بتيار ديني مثير للجدل أمرًا صادمًا للعديد من المراقبين.
مراقبون يرون أن الاستحواذ يمثل تحولًا استراتيجيًا في عمل التنظيم بعد تضييق الخناق عليه في بلدان شمال أفريقيا، خصوصًا تونس
التحرك الأخير جاء في سياق تصاعد الانتقادات لقناة "الإسلام"، التي سبق أن فُرضت عليها غرامة قدرها 40 ألف جنيه إسترليني عام 2023 من قبل هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية "أوفكوم"، بسبب بثها محتوى اعتُبر "معاديًا للسامية ومحرّضًا على الكراهية".
حراث، المحكوم عليه في تونس بالسجن 56 عامًا بتهم تتعلق بالإرهاب والانتماء إلى تنظيم غير مرخص، يتولى الآن منصب رئيس مجلس إدارة "تريبيون"، فيما يشارك النائب عن حزب العمال جون تريكت في طاقمها التحريري كمستشار سياسي.
قناة "الإسلام" كانت قد أثارت جدلاً واسعًا بسبب بثها لفيلم وثائقي بعنوان "خطة أندينيا"، وهي نظرية مؤامرة تعتبر معادية للسامية بشكل مباشر، مما أدى إلى تصعيد شكاوى ضدها من منظمات يهودية ومراكز أبحاث بريطانية.
الخطوة تعزز المخاوف بشأن سعي جماعة الإخوان لتغلغل ناعم داخل المجتمعات الغربية عبر بوابات الإعلام والأكاديميا، مستفيدة من القيم الليبرالية في حرية التعبير واحتضان الأقليات.
مراقبون يرون أن الاستحواذ يمثل تحولًا استراتيجيًا في عمل التنظيم بعد تضييق الخناق عليه في بلدان شمال أفريقيا، خصوصًا تونس، حيث يخضع قادته للمحاكمات وسُجنت قياداته التاريخية.
الجدير بالذكر أن مجلة "تريبيون" أعلنت نيتها مضاعفة إنتاجها التحريري وتوسيع جمهورها العالمي، في ظل قيادة جديدة تثير تساؤلات حول استقلالية الخط التحريري ومصير الإرث اليساري التقدمي الذي ميّزها لعقود.