إيران تواصل انتهاكاتها لحقوق الإنسان: انتقادات دولية لتنامي الإعدامات

إيران تواصل انتهاكاتها لحقوق الإنسان: انتقادات دولية لتنامي الإعدامات


26/01/2022

تُعدّ إيران الشريان الأساسي للعنف والتطرّف وتناميه في عدد من الدول العربية، كما تُعدّ رمزاً للانتهاكات الإنسانية التي وصلت برعاية نظام الولي الفقيه إلى درجات لم تصلها من قبل على المستوى العالمي، وفق تقارير دولية، وتُعتبر عقوبة الإعدام من المؤشرات على ذلك.

وفي السياق، اتهمت منظمات حقوقية ومعارضون الحكومة الإيرانية بأنّها زادت من عمليات الإعدام العام الماضي، حتى وصلت إلى (254) حالة خلال الشهر الجاري، فقد نفذت (45) حالة إعدام.

وقد تحدّث بيان مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن "عيوب عميقة في نظام قضاء الأحداث في إيران"، مُستشهداً بحكم الإعدام الصادر بحق أرمان عبد العالي الذي أُدين بارتكابه جريمة قتل وعمره (17) عاماً، وفق ما نقلت شبكة "إيران إنترناشيونال".

وقد ردّ  سكرتير المجلس الأعلى لحقوق الإنسان في إيران، كاظم غريب أبادي، وأحد ممثلي طهران السابقين في الأمم المتحدة، على البيان بأنّ "عقوبة الإعدام على القُصّر ليست غير قانونية، ولا تتعارَض مع أيّ من التزامات إيران الدولية".

ورغم ندرة المعلومات والإحصائيات الرسمية بخصوص عمليات الإعدام، فإنّ التقارير الحقوقية تشير إلى أنّها تضاعفت مطلع العام الجاري.

 

منظمات حقوقية ومعارضون يتهمون الحكومة الإيرانية بأنّها زادت من عمليات الإعدام العام الماضي بعد وصول رئيسي إلى الحكم، حتى وصلت إلى (254) حالة

 

من جهتها، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها السنوي الصادر منتصف الشهر الحالي: إنّ إيران تشهد جرعة من "القمع المتزايد"، بما في ذلك تنفيذ ما لا يقلّ عن (254) عملية إعدام، والسعي لفرض مزيد من القيود على الإنترنت، وقتل ناقلي الوقود في بلوشستان، والمتظاهرين في أصفهان وخوزستان، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

ووفق نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة الحقوقية الأممية مايكل بيج، فإنّ "السلطات الإيرانية تلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بكلّ طوائف الشعب، من خلال قمع المطالب الشعبية بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".

اقرأ أيضاً: الإدانات لا تكفي لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان في تركيا

وكان التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية قد أفاد عن حالات الإعدام حول العالم، الذي نشر في نيسان (أبريل) 2021، أنّ النظام الإيراني مسؤول وحده عن نصف حالات الإعدام التي تمّ تنفيذها عالمياً العام الماضي، وأنّ إيران هي الدولة الوحيدة التي تشهد حالات إعدام لأطفال.  

ويُظهر التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية حول عمليات الإعدام في جميع أنحاء العالم خلال عام 2020 أنّ عدد الإعدامات في العام الماضي انخفض بنسبة 26% مقارنة بالعام الذي سبقه 2019. ومع ذلك، فإنّ عقوبة الإعدام في إيران لم تتغير كثيراً، فالنظام الإيراني وحده "مسؤول عن نصف حالات الإعدام المسجلة في العالم العام الماضي".

"القاسية والعنيفة وغير الإنسانية" هي الأوصاف التي تستخدمها منظمة العفو الدولية لوصف عقوبة الإعدام، ودعت مرّة أخرى جميع الدول إلى إلغائها.

 

"هيومن رايتس ووتش": إيران تشهد جرعة من "القمع المتزايد"، بما في ذلك تنفيذ ما لا يقلّ عن (254) عملية إعدام

 

وفي غضون ذلك، تقول منظمة العفو الدولية: إنّ ما لا يقل عن (483) شخصاً تمّ إعدامهم في جميع أنحاء العالم عام 2020، وهو أقلّ رقم منذ (10) أعوام.

لكنّ النظام الإيراني نفّذ وحده نصف عمليات الإعدام المسجلة في العالم بـ(246) عملية إعدام عام 2020.

وتضيف منظمة العفو الدولية أنّ هذا هو الحد الأدنى المسجل في إيران، وأنّ عدد الإعدامات في إيران من المرجح أن يكون أعلى.

ومن بين هؤلاء (194) حالة متعلقة بتنفيذ حكم "القصاص" في قضايا القتل، و(23) حالة على خلفية جرائم المخدرات، وتمّ إعدام آخرين بتهم "الاغتصاب"، و"الزنى"، و"الحرابة"، و"الإفساد في الأرض".

اقرأ أيضاً: مفوضية حقوق الإنسان تحذر طالبان.. لماذا؟

وتعتبر منظمة العفو الدولية أنّ اتهامات مثل "الزنى"، و"الحرابة"، و"الإفساد في الأرض"..، هي اتهامات غامضة وقابلة للتأويل، وتقول إنّ النظام الإيراني غالباً ما يستخدم مثل هذه التهم سلاحاً لقمع المتظاهرين والنشطاء والأقليات والسياسيين.

وفي عام 2020 أيضاً تمّ إعدام شخص آخر في إيران بتهمة شرب الكحول.

وفي السياق، أشار التقرير إلى أنّ إعدام روح الله زم، مدير قناة "آمد نيوز" التلغرامية، يُعتبر من الحالات التي ذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها أنّه اختُطف من قبل عناصر أمن النظام الإيراني في العراق، قبل أن يتمّ نقله إلى إيران.

من ناحية أخرى، دانت منظمة العفو الدولية أحكاماً بالإعدام بحقّ المتظاهرين في إيران في الأعوام الأخيرة، الذين بحسب المنظمة حُكم عليهم بالإعدام بعد "اعترافات قسرية تحت التعذيب".

 

العفو الدولية: النظام الإيراني وحده مسؤول عن نصف حالات الإعدام المسجلة في العالم العام الماضي

 

وأشارت المنظمة الحقوقية في هذا الجزء من تقريرها إلى إعدام نويد أفكاري، أحد متظاهري آب (أغسطس) 2018، وكتبت أنّ المصارع الإيراني أعدم في أيلول (سبتمبر) 2020، على الرغم من الدعوات الدولية لوقف الحكم.

ووصفت منظمة العفو الدولية محاكمة نويد أفكاري بأنّها "غير عادلة للغاية"، وقالت: إنّ قضيته تضمّنت كثيراً من انتهاكات حقوق الإنسان، منذ اعتقاله حتى إعدامه.

وأشار التقرير إلى إعدام مصطفى صالحي، المواطن المحتج في أصفهان، الذي أُعدم في آب (أغسطس) 2020 بتهمة القتل العمد، وتقول منظمة العفو الدولية إنّ هناك تكهنات بشأن انتهاك حقوقه أثناء محاكمته.

وأفاد التقرير بإعدام (9) مواطنين بلوش، و(11) كرديّاً في عام 2020، وقد حُرموا من محاكمة عادلة، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.

أحد هؤلاء الأشخاص كان هدايت عبد الله بور، الذي أُعدم سراً، وتمّ إبلاغ أسرته بإعدامه في حزيران (يونيو) 2020، لكنّ المسؤولين القضائيين رفضوا إعادة جثته إلى عائلته، وما يزال مكان دفنه مجهولاً.

وتضيف منظمة العفو الدولية أنّ أحكام الإعدام في إيران عادة ما تصدر وتُنفذ بعد محاكمات جائرة واعترافات قسرية تحت الإكراه والتعذيب.

 ومن جهة أخرى، رصد تقرير منظمة العفو الدولية عمليات الإعدام في العالم عام 2020، وأنّ إيران كانت الدولة الوحيدة التي تعدم "الأطفال المدانين".

 

الإعدام بتهم مثل "الزنى" و"الحرابة" و"الإفساد في الأرض" وشرب الكحول، يمكن استخدامها سلاحاً لقمع المتظاهرين أو النشطاء والأقليات والسياسيين

 

وبحسب التقرير، فإنّ ما لا يقلّ عن (3) أشخاص تمّ إعدامهم في إيران العام الماضي كانوا دون سن (18) عاماً وقت ارتكاب الجريمة.

وهؤلاء الأفراد هم: مجيد إسماعيل زاده، ومحمد حسن رضائي، وشايان سعيد بور، وكان إعدامهم انتهاكاً للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.

وتقول منظمة العفو الدولية: إنّ شايان سعيد بور، الذي أُعدم في سجن سقز في نيسان (أبريل) 2020، كان معاقاً ذهنياً، بالإضافة إلى أنّ عمره كان (17) عاماً وقت ارتكاب الجريمة، وقد قال محاميه: "إنّ المحكمة لم تنظر في هذا الأمر".

اقرأ أيضاً: تقرير أممي يسلط الضوء على انتهاكات إيران لحقوق الإنسان

وقال المحامي الإيراني البارز نظام مير محمدي، السجين السياسي السابق الذي أمضى عدة أعوام في سجني إيفين وجوهر دشت: "إنّ هناك وتيرة سريعة في تنفيذ أحكام الإعدام مؤخراً، مع استخدام التعذيب إلى جانب أحكام القضاء لتهديد وقمع وتصفية خصومه السياسيين والمعارضة"، وفق ما نقل موقع "سكاي نيوز".

وأضاف أنّ عقوبة الإعدام التي جرى نبذها من القانون الجنائي في العديد من البلدان، يجري استخدامها في طهران خارج إطار القانون، وبصورةٍ تُعدّ بمثابة خرق حقوقي مباشر.

 وبحسب المصدر ذاته، فإنّه تمّ إعدام ما لا يقلّ عن (254) شخصاً حتى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، نقلاً عن أرقام منظمات حقوق الإنسان.

 

محمدي: هناك وتيرة سريعة في تنفيذ أحكام الإعدام مؤخراً، مع استخدام التعذيب إلى جانب أحكام القضاء لتهديد وقمع وتصفية خصومه السياسيين والمعارضة

 

وقد وصل عدد الإعدامات المسجلة منذ تعيين إبراهيم رئيسي رئيساً للبلاد في آب (أغسطس) 2021، ومحسني إجئي رئيساً للسلطة القضائية، إلى ما لا يقلّ عن (210) إعدامات، حتى نهاية عام 2021.

من جهتها، قالت بروین بوراقبالي‌، سجينة سياسية وشاهدة على مذبحة عام 1988 للسجناء السیاسیین في‌ إيران لـ"سكاي نیوز عربية": إنّ "النظام ما زال يستخدم الإعدام أداة لقمع الناشطين".

وتردف: "لقد سُجِنت في سجن إيفين، سيّئ السّمعة، شمال طهران، لمدة (6) أعوام، في ستينيات القرن الماضي، وقد شهدت مذبحة عام 1988 حين أعدم النظام خلالها (30) ألفاً من السجناء السیاسیین، من بينهم عناصر من مجاهدي خلق."

وبلغ عدد الإعدامات الأخیرة في السجون الإيرانية قرابة (45) حالة في الأسابيع الـ(3) الماضية من كانون الثاني (يناير) الجاري، حسب بروين بوراقبالي، مضيفة: "من المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى من ذلك بكثير، في ظلّ عدم توافر معلومات رسمية وصعوبة التحقق من الوقائع، فأحكام الإعدام تتمّ سرّاً، ولا تنشرها أيّ من وسائل الإعلام التابعة للحكومة والنظام".

وتنتقد إيران التقارير التي تصدرها بشكل دوري الأمم المتحدة ومنظمات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، والتي تتهم فيها طهران بسوء إدارة السجون ومعاملة الموقوفين.   




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية