إيران تمنح "جائزة حقوقية" لجرائم الحوثيين في اليمن

إيران تمنح "جائزة حقوقية" لجرائم الحوثيين في اليمن


21/09/2020

في ظلّ مواصلة الميليشيات الحوثية عمليات التصعيد العسكري والميداني في اليمن، مع تجميد الحلول السياسية الممكنة، عبر خرق الجهود الأممية، وكذا اتفاق الرياض، ما يزيد من تعقيدات الأزمة اليمنية على المستوى الإنساني والاقتصادي، منح النظام الإيراني زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، جائزة حقوق الإنسان، والتي تعدّ ضمن الحيل السياسية التي تتمّ الاستعانة بها، بهدف محاولة تبييض ممارسات الحوثيين، والتغطية على انتهاكاتهم المستمرة لحقوق الإنسان، وتزامنت الجائزة مع الحادثة المروعة، التي عرفت إعلامياً بـ "طفلة الماء"، وهي الطفلة التي جرى استهدافها من خلال قناص حوثي أثناء عبورها الطريق؛ للحصول على المياه.   

إيران وسياسة الفقاعات الإعلامية

لا تخرج الجائزة التي حصل عليها الزعيم الحوثي الموالي لإيران، الذي يقود الميليشيات في اليمن، ويعمد إلى تجنيد مرتزقة من أفريقيا، بعدما تكبّد العديد من الخسائر البشرية والمادية، عن كونها جزءاً من إستراتيجية النظام الإيراني الذي يصنع صورة سياسية وحقوقية تمجيدية خاصة به، تناسب العزلة التي ينسحب داخلها، لا سيما أنّ تلك الجائزة، ارتبطت على نحو خاص بأسماء وعناصر من يعرفون بـ "محور المقاومة"، في عدد من الدول العربية التي تنشط فيها أذرع إيران، السياسية والعسكرية، دون أن يكون لها اعتبار خارج دوائرهم الإعلامية، أو أن تحظى بقيمة ومصداقية. 

وعليه، قال الناطق الرسمي بلسان ميليشيات الحوثي، محمد البخيتي، عقب الإعلان عن الجائزة: "نضع المجتمع الدولي ومجلس الأمن تحت أقدامنا"، الأمر الذي يعزز فرضية العمل الذي تقوم به إيران، للترويج لمشروعها الإقليمي، من ناحية، وحشد أدواتها السياسية والإعلامية والأيدولوجية، لقمع الآخرين والحصول على شرعية خاصة بها، من ناحية أخرى، وذلك في ظلّ خصومتها التي تتزايد وتتعقد مع الأعراف والقوانين الدولية، ناهيك عن المواثيق الأممية، الخاصة بحقوق الإنسان والطفل، بعدما فضحت المنظمات الحقوقية، المحلية والأممية، ممارساتها العدوانية.

لا تخرج الجائزة التي حصل عليها الزعيم الحوثي الموالي لإيران، الذي يجنّد مرتزقة من أفريقيا، عن كونها جزءاً من إستراتيجية صنع صورة سياسية وحقوقية تمجيدية خاصة بإيران

ولا يخفى الدور الوظيفي الذي تؤديه الميليشيات الحوثية لصالح إيران في اليمن؛ إذ أوضحت الأمم المتحدة، في تقرير لها، وجود دلائل تثبت تورط الحوثيين في تجنيد ما يقرب من 30 فتاة مراهقة، كمسعفات ضمن قوة مؤلفة من النساء بالكامل تدعى "الزينبيات"، وقد اعتمد التقرير على نحو 400 رواية موثقة، امتدت في الفترة من تموز (يوليو) العام الماضي إلى حزيران (يونيو) العام الجاري، إضافة إلى ما يتعرض له أطفال اليمن من "أضرار لا حدّ لها من خلال تجنيدهم وإساءة معاملتهم، والحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية، بما في ذلك التعليم".

جرائم الحوثي

وبحسب التقرير الأممي؛ فإنّ نحو 259 حالة لأطفال تمّ تجنيدهم، واستخدامهم في الأعمال العدائية من قبل عدة أطراف؛ إذ إنّ "الحوثيين المدعومين من إيران، جنّدوا صبيّة لا تتجاوز أعمارهم 7 أعوام، من مدارس ومناطق حضرية فقيرة، ومراكز احتجاز، من خلال الحوافز المالية والاختطاف والتجنيد من قبل أقرانهم".

اقرأ أيضاً: الحوثيون.. مفتاح التغلغل الإيراني في اليمن

ومن جانبه، كشف وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، مطلع الشهر الجاري، عدداً من التأثيرات السلبية التي تواجهها المدارس الواقعة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ حيث تعدّ بيئة حاضنة للأفكار المتشددة والتكفيرية، وتشكيل عناصر إرهابية، بمقدورها صناعة "جيل من المؤدلجين بثقافة الموت والكراهية، الأمر الذي يعدّ أخطر على الأمن، الإقليمي والدولي، من تنظيميْ القاعدة وداعش".

كما أكّد وزير الإعلام اليمني؛ أنّ مواصلة الحوثيين الهجمات المسلحة، واستهداف المدنيين، إنّما يكشف حجم التربّص الإيراني بعملية السلام في اليمن، ووقف كلّ جهود الحلّ السياسي السلمي، خاصة بعد ظهور مسودة الإعلان الأممي المشترك لوقف النار الشامل.

اقرأ أيضاً: الحوثيون وتسليم اليمن للهيمنة الإيرانية

يتفق والرأي ذاته، السفير هيثم شجاع الدين، مندوب اليمن الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي قال إنّ إيران لا تتوانى عن دعم ميليشيا الحوثي الانقلابية بالأسلحة؛ لاستهداف اليمنيين ودول الجوار، مضيفاً: "استمرار إيران في دعم ميليشيا الحوثي يسهم في زعزعة أمن واستقرار اليمن والمنطقة".

ميلشيات طهران ترهن المنطقة لمصالحها

وقال مندوب اليمن الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خلال اجتماعات مجلس محافظي الوكالة الدولية، المنعقدة في الفترة بين 14 و17 أيلول (سبتمبر) الجاري، في مقرها بالعاصمة النمساوية، فيينا، إنّ "إيران مستمرة في انتهاكها خطة العمل الشاملة المشتركة، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 لعام 2015"، داعياً إيران إلى "وقف الخطوات التصعيدية، وتخفيف حدّة التوتر، والتعاون الكامل مع جميع طلبات الوكالة".

الباحث مصطفى صلاح لـ"حفريات": هناك توجه لدى الجناح المتشدد في طهران، للتركيز على دعم الميليشيات التابعة لها، لتقويض مصالح المنطقة، وربطها بصورة أو بأخرى بالمصالح الإيرانية

وفي تصريح لـ "حفريات"؛ يوضح الباحث المصري في العلوم السياسية، مصطفى صلاح؛ أنّ إيران تواجه في الآونة الأخيرة مجموعة متعددة من العقوبات الأمريكية والدولية، وآخرها تفعيل آلية سناباك الدولية التي من شأنها إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران، قبل توقيع الاتفاق النووي معها، عام 2015، وهو ما يؤشر إلى انعكاسات عدة، منها؛ أنّ إيران سوف تتجه إلى دعم الميليشيات التابعة لها في الدول العربية، بغية محاولة الضغط على المصالح الأمريكية في دول المنطقة، كإطار داعم لسياستها في المنطقة.

وفي تقدير صلاح "هناك توجه بقيادة الجناح المتشدد في إيران، للتركيز على دعم الميليشيات التابعة لها، لجهة تقويض مصالح المنطقة، وربطها بصورة أو بأخرى بالمصالح الإيرانية، ولعلّ اتجاه طهران نحو تقديم بعض المحفزات المعنوية إلى زعماء هذه الميليشيات المنتشرة في دول عربية كثيرة، يؤكّد مدى هذا الترابط والتجانس، وتمكن الإشارة هنا إلى ما اتخذته إيران من سياسات داعمة، بصورة أكبر، لهذه الميليشيات، بعد مقتل كلّ من قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، من خلال تصدير صورة للرأي العام العالمي، بأنّ العملية ما هي إلا اغتيال للقادة الإيرانيين، للضغط على السياسات الإيرانية، وهو ما تجسّد في إطلاق اسم سليماني على شوارع في لبنان وإيران والعراق، كنوع من أنواع الرمزية؛ للاحتفال بما  تزعم إيران أنّه محور المقاومة".

اقرأ أيضاً: هكذا يحاول الحوثيون تعويض خسائرهم البشرية في الجبهات

وضمن السياق ذاته، وجهت إيران إستراتيجيتها الإعلامية نحو إظهار الميليشيات الحوثية على أنّها تقاوم التدخلات الخارجية في اليمن، وأنّ الحوثيين أحد المكونات الأساسية للمجتمع اليمني، بحسب صلاح، الذي يضيف أنّ إيران تزعم أنّ "التدخلات الخارجية منحازة لبعض القوى الأخرى في مواجهة الحوثيين، وهو الأمر الذي تحاول مواجهته من خلال دعمها، المالي والعسكري والرمزي، الذي تجسّد في منح عبد الملك الحوثي زعيم هذه الميليشيات جائزة حقوق الإنسان".

اقرأ أيضاً: كيف تحاول ميليشيات الحوثي إنهاء ملف الأغبري؟

وتأتي هذه التوجهات الإيرانية، في نظر الباحث المصري، باعتبارها "محاولة لإعادة طرح هذه الجماعات، كبديل عن الأنظمة العربية العميلة لإسرائيل والولايات المتحدة، وفق الزعم الدعائي الإيراني، خاصة أنّ هناك اتفاقاً حول التفاهم العربي الإسرائيلي، لتسوية القضية الفلسطينية، وهو ما يضعف الاستغلال الإيراني للقضية الفلسطينية، في الترويج لسياساتها الإقليمية، ويقضي على مفهوم محور المقاومة الذي دائماً ما تستخدمه إيران للتدخل في شؤون الدول العربية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية