تراجع الاقتصاد التركي بشكل كبير على مستوى العالم في عام 2021، بسبب سياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم ورئيسه رجب طيب أردوغان، والتي أثرت سلباً على القطاعات كافة، ومنها قطاع الشركات والبنوك، بالإضافة إلى تأثيراتها المباشرة على المواطنين الذين يعيشون أصعب أيامهم بسبب غلاء المعيشة والبطالة.
من حيث المصارف، شهدت احتياطيات البنك المركزي التركي انخفاضاً حادّاً في العامين الماضيين، وذلك نتيجة للسياسات الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومة التركية، وتظهر المقارنة مع الدول الأخرى نتائج صادمة في هذا الإطار.
وقال الخبير الاقتصادي إمري أكشاكماك مدير محفظة الأسواق الناشئة، بحسب البيانات التي جمعها: إنّ تركيا احتلّت المرتبة الأولى عالمياً في عام 2020 في انخفاض احتياطيات البنك المركزي، وفق ما نقلت صحيفة "أحوال تركية".
وعندما خصم النقد الأجنبي والذهب الذي اقترضه البنك المركزي التركي من البنوك الأجنبية والمحلية عن طريق المبادلة (المقايضة)، كان إجمالي الاحتياطي 87.1 مليار دولار في نهاية عام 2019، لكنه انخفض إلى 31.4 مليار دولار في نهاية عام 2020، وبلغ الانخفاض 55.7 مليار دولار في المبلغ و64% بالنسبة المئوية.
وانخفضت نسبة الدخل القومي الإجمالي لاحتياطيات تركيا، باستثناء المقايضات، بنسبة 5٪ في هذه المنطقة، حدث ذلك بعد 4% من سريلانكا إلى تركيا.
احتياطيات البنك المركزي التركي تشهد انخفاضاً حادّاً في العامين الماضيين، نتيجة للسياسات الاقتصادية التي اعتمدها أردوغان
وعندما أدرجت أيضاً مقايضات العملة الأجنبية والذهب مع الاقتراض في تركيا في نهاية عام 2019، انخفض إجمالي الاحتياطيات البالغة 105.5 مليار دولار، 93.3 مليار دولار في نهاية عام 2020.
وفي نهاية عام 2020، وباستثناء النقد الأجنبي والذهب اللذين اقترضهما البنك المركزي التركي من البنوك الأجنبية والمحلية من خلال المبادلة والاحتفاظ بها كاحتياطيات مطلوبة، انخفض صافي احتياطياته إلى 48.2 مليار دولار.
ارتفعت القروض الفردية المقدمة من البنوك والمؤسسات المالية غير البنكية في تركيا بنحو 40%
وفي سياق يتعلق بالمواطنين والديون، ارتفعت القروض الفردية المقدمة من البنوك والمؤسسات المالية غير البنكية في تركيا.
وذكرت صحيفة سوزجو أنّ ملايين المواطنين لجؤوا إلى البنوك في تركيا العام الماضي للحصول على قروض، مشيرة إلى ارتفاع القروض الفردية المقدّمة من البنوك والمؤسسات المالية غير البنكية في تركيا بنحو 40% لتسجل 867 مليار ليرة.
وفي هذا السياق، نشر مركز المخاطر باتحاد البنوك التركي تقريره الخاص بشهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وكشف التقرير الواقع الخطير لعملية الاقتراض خلال عام 2020.
وأوضح التقرير أنّ عدد الأفراد الحاصلين على قروض فردية ارتفع بنحو 2.1 مليون شخص خلال عام واحد ليسجل إجماليهم 34 مليون شخص.
وارتفع متوسط نصيب الفرد من القروض نحو 6 آلاف ليرة ليسجل 25 ألف و484 ليرة.
تركيا تنافس دول العالم في نسب الفائدة المرتفعة، وتحتل المركز التاسع عالمياً والمركز الأول أوروبياً
وتصدّرت مدينة شرناق قائمة المدن التركية التي سجلت أعلى ارتفاع في القروض الفردية خلال 12 شهراً، بزيادة بلغت 73%، وجاءت هكاري في المرتبة الثانية بواقع 69.3%، ثم موش في المرتبة الثالثة بواقع 60.5%.
وتصدّرت مدن أنقرة وإزمير ومرسين قائمة أعلى المدن التركية في متوسط نصيب الشخص من إجمالي القروض الفردية، بما يشمل بطاقات الائتمان.
وتراجع إجمالي القروض الفردية وقروض بطاقات الائتمان غير المحصلة إلى 16.9 مليار ليرة، نتيجة لرفع السلطات التركية مدة إعادة هيكلة الديون وبدء الملاحقة القانونية للديون غير المحصلة إلى 180 يوماً.
وارتفع عدد الأشخاص الذين تمّ اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم بسبب القروض الفردية وديون بطاقات الائتمان الخاصة بهم إلى 3 مليون و471 ألف و494 شخصاً.
واحتلت تركيا المرتبة الأولى أوروبياً، والتاسعة على مستوى العالم في معدل الفائدة المرتفع.
وفي الإطار ذاته، يدفع المواطن التركي ضريبة السياسات الاقتصادية والنقدية الخاطئة للحكومة، والتي كان آخرها رفع نسبة الفائدة حتى 17%.
والفائدة المرتفعة جعلت تركيا تنافس دول العالم في نسب الفائدة وتصل إلى المركز التاسع، وتحتل تركيا في الوقت نفسه المرتبة الأولى أوروبياً من حيث نسب الفائدة المرتفعة.
ويؤكد الاقتصاديون أنه لا يمكن إدارة الاقتصاد بفائدة ثابتة دون تنفيذ إصلاحات هيكلية وأساسية، خاصة في مجال القانون، واستقلال القضاء.
وفي سياق متصل بالصعوبات المالية التي يواجهها المواطنون، تقدّم 333 ألف شخص في مدينة إسطنبول بطلب للحصول على بدل بطالة خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الماضي.
ونشر مكتب الإحصاءات في بلدية إسطنبول نشرة اقتصاد سوق العمل في إسطنبول لشهر كانون الأول (ديسمبر) 2020، والتي يتم فيها تقييم المعطيات المتعلقة بسوق العمل في إسطنبول بصفة خاصة، وفق ما نقلت صحيفة "زمان" التركية.
وبحسب النشرة، ففي الأشهر الـ9 الأولى من 2020، تقدّم 333 ألف شخص في إسطنبول بطلب للحصول على بدل بطالة، بينما لم يتلقَّ منهم بدل بطالة إلا 128 ألفاً فقط.
وعن معاناة المواطنين قال نائب معارض: إنه منذ 7 أعوام أصبح المواطنون يخشون إشعال جهاز التدفئة، خوفاً من فواتير الغاز المرتفعة.
منذ عام 2014 أصبح المواطنون يخشون إشعال جهاز التدفئة، بسبب ارتفاع أسعار الغاز
وأضاف نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المسؤول عن الطاقة والبنية التحتية أحمد أكين: منذ عام 2014 زادت فاتورة الغاز الطبيعي الضعف، وارتفعت رسوم توصيل الغاز 3.5 أضعاف.
واستعرض أكين دراسة تفيد نتائجها بتحول الوعود بالخصومات إلى زيادات تلقائية للغاز الطبيعي كل شهر.
وأوضح أكين أنه على الرغم من "الأخبار السارة التي يتم الإعلان عنها في ظل نظام دولة الرجل الواحد، والذي تم تطبيقه منذ عام 2014، إلا أنّ الأخبار السارة مثل احتياطي الغاز الطبيعي في البحر الأسود لم تنعكس في الفواتير؛ بل على العكس، فقد أحرقت جيوب المواطنين".
ويتابع أكين: "منذ 10 آب (أغسطس) 2014، عندما تمّ انتخاب أردوغان رئيساً لأول مرة، زادت فواتير الغاز الطبيعي حوالي ضعفين، وارتفعت فاتورة الغاز الطبيعي التي كانت 100 ليرة في كانون الثاني (يناير) 2014 إلى 176 ليرة في شباط (فبراير) 2021 دون تغيير كمية الاستهلاك، ووفقاً للحساب الذي تم إجراؤه على أكثر من 10 أمتار مكعبة من الاستهلاك، فقد ارتفعت تكلفة 300 متر مكعب من الغاز الطبيعي المستهلك في الشتاء من 303 ليرات في الفترة ذاتها".
توبراك: انهيار منظومة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، بينما تُستغل ميزانية المؤسسة في دعم المستشفيات الخاصة
ويضيف المعارض التركي أنه منذ عام 2014 أصبح المواطنون يخشون إشعال جهاز التدفئة، حتى أنّ أحد المواطنين قال لي: "نظام الرجل الواحد أحرق الجيوب".
ولم يفسد أردوغان حاضر الأتراك فقط، من حيث زيادة الأعباء، بل يهدد مستقبلهم أيضاً.
وفي السياق، قال البرلماني التركي المعارض أردوغان توبراك: إنّ العجز في مؤسسة الضمان الاجتماعي آخذ في الازدياد، مشيراً إلى أنّ هناك انهياراً في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي للموظفين والمتقاعدين، بينما يتمّ استغلال ميزانية المؤسسة في دعم المستشفيات الخاصة.
وأوضح توبراك أنّ حكومة أردوغان "ترفض زيادة الرواتب للمتقاعدين، من أجل تحويل مئات المليارات من الدولارات إلى النظام الصحي الخاص، وسلاسل المستشفيات الخاصة ومستشفيات المدينة. لقد أصبحت مؤسسة الضمان الاجتماعي ممولاً للمؤسسات الصحية الخاص"، وفق ما أورده موقع "ترك برس".
وكشف استطلاع رأي أجرته مؤسسة "متروبول" للأبحاث أنّ قطاعاً كبيراً من الشعب التركي مقتنع بأنّ الرئيس رجب طيب أردوغان هو المسؤول عن مسار الاقتصاد السيّئ في البلاد.
وأكد 29.9% من المشاركين أنّ أردوغان هو المسؤول، وأوضح 23.6% أنّ الحكومة هي المسؤولة، في الوقت الذي أشار فيه 10.8% إلى وزير الخزانة والمالية المستقيل برات ألبيرق.
وقال 4.7%: إنّ قوى خارجية هي المسؤولة، وأوضح 3.6% أنّ فيروس كوفيد 19 هو السبب.
ووُجّه سؤال آخر للمشاركين وهو: "هل تعتقد أنّ الاقتصاد والقانون والديمقراطية بحاجة إلى تعديلات جذرية؟"، وقد أيد ذلك 49.2% من المنتمين لحزب العدالة والتنمية، وأيده أيضاً 79.5% من المنتمين لحزب الحركة القومية.