إطلاق سراح أسرى الجيش الليبي: حسن نية أم وسيلة إخوانية للبقاء في المشهد؟

إطلاق سراح أسرى الجيش الليبي: حسن نية أم وسيلة إخوانية للبقاء في المشهد؟


01/04/2021

أطلقت ميليشيات مدينة الزاوية، غرب ليبيا، أمس، سراح 120 عنصراً ينتمون إلى قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، كان قد تمّ "أسرهم" قبل عامين غرب طرابلس، ويؤكد مراقبون أنّ الإجراء جاء في خضم حصد أكبر قدر ممكن من الدعم المحلي والدولي والاحتفاظ بالمكتسبات، من خلال توظيف تلك الأعمال في الإعلام.

 

الأمم المتحدة ترحب بإفراج السلطات الأمنية في مدينة الزاوية، غرب ليبيا، عن 120 عنصراً ينتمون إلى قوات الجيش الوطني

 

وقال مراقبون إنّ خضوع ميليشيات الزاوية وموافقتها على إطلاق سراح الأسرى جاء بعد تهديدات كثيرة وصلتها من جهات محلية ودولية بسبب ممارساتها الإجرامية، والتي كان آخرها القبض على الرحالة عبد العالي الرحبوني، والذي أثار زوبعة استنكار وإدانة.

وحضر عملية إطلاق السراح رئيس المجلس الأعلى للدولة الإخواني خالد المشري، الذي يحاول دائماً تجيير أيّ عمل جيد لصالحه، ليظهر كأنه هو أحد المساهمين فيه، ونائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، وعدد من مسؤولي "حكومة الوحدة الوطنية" التي تولت مهامها برئاسة عبد الحميد الدبيبة في آذار (مارس) الجاري، بعد حوار سياسي أشرفت عليه الأمم المتحدة، وفق ما أوردت قناة "ليبيا الأحرار".

وظهر العشرات من العناصر المفرج عنهم بلباس أبيض داخل ملعب صغير لكرة القدم ملاصق لأحد المقرات الأمنية في مدينة الزاوية الساحلية، وكانوا محاطين برجال أمن مسلحين.

رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري القيادي في حزب العدالة والبناء، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وصف الحدث بأنّه "منعرج إيجابي" في الأزمة الليبية.

وقال: إنّ ما يحدث في ليبيا هو صراع بين مشروعين: مشروع الدولة والمدينة، وما وصفه بـ"مشروع حكم الفرد والعسكر".

 

أطلقت ميليشيات مدينة الزاوية غرب ليبيا أمس سراح 120 عنصراً ينتمون إلى قوات الجيش الوطني الليبي

 

وأضاف المشري، خلال كلمته في حفل إطلاق سراح أسرى للقوات المسلحة: إنهم قدّموا الكثير ممّن وصفهم بـ"الشهداء" على أسوار طرابلس، وسيقدّمون المزيد لو عاد ما وصفه بـ"مشروع العسكر".

وطالب المشري بمحاسبة من ارتكب خلال هذه الحرب جرائم القتل والاغتصاب والجرائم ضد الإنسانية، لكي تُبنى البلاد بعيداً عن العواطف، حسب تعبيره.

وقد كرّم المشري، خلال هذا الحفل، محمد بحرون، المشهور بـ"الفأر"، المطلوب للنائب العام على ذمّة القضية "131ـ داعش"، ومنحه وسام مجلس الدولة للعمل الإنساني، وتمّت عملية التكريم بحضور أعضاء المجلس الرئاسي موسى الكوني وعبد الله اللافي والنائب الأول لرئيس البرلمان فوزي النويري ونائب رئيس الحكومة رمضان بوجناح.

اقرأ أيضاً: ما موقف بريطانيا من المرتزقة في ليبيا؟

وينتمي العناصر الذين أطلق سراحهم إلى "الكتيبة 107-مشاة" التابعة لقوات الجيش، وكان قد قبض عليهم مطلع نيسان (أبريل) عام 2019، مع بدء هجوم عسكري للسيطرة على العاصمة طرابلس حيث مقرّ حكومة الوفاق الوطني الحاكمة حينها.

وقد أوقفوا، وفق تقارير، بالقرب من مدينة الزاوية (45 كلم غرب طرابلس)، وتمّ تجريدهم "من كامل سلاحهم" واحتجازهم في المدينة.

وتكررت "عمليات تبادل الأسرى" وإطلاق السراح بين السلطات الأمنية في غرب ليبيا وقوات المشير حفتر، بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار وقّع بين طرفي النزاع في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وينصّ على تبادل المحتجزين دون قيود.

هذا، وبارك رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي عملية إطلاق سراح الأسرى بمبادرة لجنة حوار مدينة الزاوية، واعتبرها خطوة مهمّة في إطار "المصالحة الوطنية"، وفق ما نقل مكتبه الإعلامي.

 

المشري يكرّم محمد بحرون المشهور بـ"الفأر"، المطلوب للنائب العام على ذمّة قضية  إرهاب، ويمنحه وسام مجلس الدولة

 

وأطلق المجلس الرئاسي الليبي فور استلامه مقاليد السلطة رؤية وبرنامجاً "للمصالحة الوطنية"، سعياً لجمع الفرقاء ورأب الصدع ولمّ شمل الليبيين وإنهاء حالة الانقسام.

وأكد المنفي في بيان صحفي أنّ "تحقيق مصالحة وطنية شاملة في أعلى سلم أولويات المجلس الرئاسي، لكونه حجر الأساس لبناء دولة موحدة من أجل تحقيق العيش المشترك بين الليبيين".

اقرأ أيضاً: هل تدخل ليبيا عصر الاغتيالات السياسية بعد مقتل الورفلي؟

وشدد رئيس المجلس الرئاسي على ضرورة ترسيخ قيم العفو والتسامح وإعلاء المصلحة الوطنية العليا؛ لأنّ ليبيا لن تكون إلا واحدة موحدة، وفقاً لتعبيره.

وأثنى نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي على ما وصفها بمبادرة "الصلح والتسامح" الهادفة إلى مضي الليبيين قُدماً في "المصالحة الوطنية".

بدوره، رحّب رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة بإطلاق الأسرى.

وقال الدبيبة في تغريدة على تويتر نقلتها صحيفة "بوابة أفريقيا": "مستقبل ليبيا وتقدّمها مرتبط بقدرتها على معالجة جراحها من خلال المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة، إطلاق سراح الأسرى في مدينة الزاوية صباح اليوم يمثّل تقدّماً إيجابياً في هذا المسار".

وفي السياق، رحبت الأمم المتحدة بإفراج السلطات الأمنية في مدينة الزاوية، غرب ليبيا، عن 120 عنصراً ينتمون إلى قوات الجيش الوطني.

وقالت البعثة الأممية في ليبيا في بيان: إنها "ترحب بالجهود التي تبذلها حكومة الوحدة الوطنية بشأن المصالحة الوطنية، والتي انطلقت اليوم بإطلاق سراح هؤلاء المقاتلين في الزاوية".

 

المنفي يبارك عملية إطلاق سراح الأسرى بمبادرة لجنة حوار الزاوية، ويعتبرها خطوة مهمة في إطار "المصالحة الوطنية"

 

وأعربت البعثة، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس"، عن أملها في "أن تشكّل هذه المبادرة بداية لمصالحة وطنية شاملة واستعادة النسيج الاجتماعي الليبي"، داعية إلى "إطلاق سراح جميع المعتقلين قبل بداية شهر رمضان المبارك"، الذي سيبدأ بعد أقلّ من أسبوعين.

وهذا أكبر عدد من الأسرى يُفرج عنهم دفعة واحدة، منذ انتهاء الأعمال العسكرية في غرب ليبيا قبل نحو عام.

وفي السياق المتعلق بالمصالحة في ليبيا، قال عضو مجلس النواب أبو صلاح شلبي: إنّ الاجتماع الذي عُقد مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي أول من أمس في طرابلس، بحضور عدد من النواب، ناقش آلية اختيار هيئة للمصالحة الوطنية، مشيراً إلى أنّ المصالحة هي المسار الحقيقي لقيام الدولة وآخر محطات قيامها.

اقرأ أيضاً: هل يتدخل مجلس الأمن بملف المرتزقة في ليبيا؟

 ولفت شلبي في تصريح لقناة "ليبيا روحها الوطن" إلى أنه بحسب النقاشات الأولية، فمن الممكن اختيار مفوضية أو هيئة للمصالحة الوطنية مكونة من 7 أشخاص تمثل طيفاً واسعاً من الأقاليم وذوي الخبرة المتعلقة بالمصالحة الوطنية، على أن تتكون منها أفرع عديدة منتشرة داخل البلاد، لضمان مخرجات جيدة والوصول إلى انتخابات عامة في نهاية العام.

وأشار إلى أنّ الأهداف العامة هي خلق مصالحة عامة للشعب الليبي، خاصة أنّ ليبيا مرّت بمراحل صعبة خلال الـ10 أعوام الماضية؛ منها الاقتتال ما بين الليبيين، والتدخلات الخارجية، والمصالح الحقيقية لبعض الدول لتعطيل المصالحة بين الليبيين.

اقرأ أيضاً: ماذا تخفي مناورات أردوغان بسحب مرتزقته من ليبيا؟

وتابع: "المصالحة مشوار طويل، وربما الوقت الذي نأمله لا يكفي لكنه بداية الطريق، وعلينا المضي فيها لنصل لمصالحة شاملة وجبر الضرر، ويتم فيها تعويض الأضرار وتمنح حقوق المظلومين، ليبيا دائماً مجتمع متناسق ومتفاهم، واليوم الليبيون في ظل تشكيل السلطة الموحدة والحكومة وتوحيد مؤسساتهم أثبتوا للعالم أنّ إرادتهم قوية من أجل المضي للمستقبل وتحقيق الدولة المنشودة".

 

الدبيبة: مستقبل ليبيا وتقدّمها مرتبط بقدرتها على معالجة جراحها من خلال المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة

 

واعتقد شلبي أنه خلال مطلع الأسبوع المقبل سيكون هناك قرار بالشكل أو القائمة الأولية للعدد المطلوب للهيئة، متوقعاً أن تتجاوز الـ 7 اشخاص، حيث سيتم بعد ذلك تشكيل فروع متعددة، مشيراً إلى أنّ المهم هو بدء العمل وإرسال رسائل تطمينية إلى كافة الجهات الداخلية والخارجية، بأنه متى ما كانت المصالحة كاملة وشاملة، فسوف تؤدي إلى طمأنة كل الدول التي لها مصالح مع ليبيا، وفق الاتفاقيات المتعارف عليها.

وأضاف: "ناقشنا كافة المصالحات التي حصلت بين الأطراف التي شملت الحالة الليبية، وما أحاط به رئيس المجلس الرئاسي على كل حديثه وجولاته في الدول العربية، الكل يساهم ويعرض ما يمكن أن يساعد الليبيين بتشكيل المفوضية والوصول إلى حلول ودراسة التجارب السابقة والقريبة منا".

وأكد على أنه عند تشكيل هيئة المصالحة الوطنية يعني وضع ليبيا على الطريق الصحيح، للسير للأمام وتحقيق مرحلة انتقالية ومصالحة شاملة، وتنمية لجبر الضرر، وتعويض الليبيين عن السنين العجاف.

ومع الجهود المتواصلة للتهدئة في ليبيا، يظلّ ملف إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية العائق الأكبر، لاستكمال وقف إطلاق النار في البلاد.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إنشاء "فريق مراقبين" ضمن عمل بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا.

والفريق المقترح إنشاؤه يأتي بموازاة "آلية الإشراف على وقف إطلاق النار"، التي تنفذها اللجنة الليبية العسكرية المشتركة، وفقاً للتقرير الأممي الذي نُشر الأربعاء.

الصفحة الرئيسية