مازالت تداعيات "العشرية السوداء" التي حكم خلالها الإخوان تؤرق المؤسسات التونسية، على غرار الشركة التونسية للخطوط الجوية، التي تعاني تراجعا كبيرا في رقم معاملاتها، بعد أن تكبدت خسائر فادحة نتيجة سوء التصرف المالي، مما ساهم في تفاقم ديونها وتراجع مكانتها كواحدة من أكبر الشركات الحكومية في البلاد.
وبالأيام الماضية، عبر مسافرون تونسيون وأجانب عن استيائهم من التعطيلات غير المبررة التي حدثت في الرحلات والتي تأخرت لأكثر من عشرين ساعة بالرغم من وجود طائرات بمدارج المطار وجاهزة للإقلاع.
كما تعرضت إحدى طائرات الشركة لحادث مرور غريب على أرضية مطار تونس قرطاج الدولي، حيث ارتطمت بها شاحنة خدمات فأصابت جناحها ما تعذر قيامها بالرحلة، في حادث غريب ومريب خصوصا لحدوثه في ظل رؤية واضحة.
وقد كشف المحلل السياسي التونسي عبد الرزاق الرايس أن "الإخوان وحلفاءهم المزروعين داخل مفاصل الدولة يقفون وراء مثل هذه الحوادث التي عاشت على وقعها شركة الخطوط التونسية في الآونة الأخيرة".
وقال الرايس، في تصريح لموقع "العين الإخبارية"، إن "الرئيس التونسي قيس سعيد يقود حربا لتعقب الفساد الإداري والمالي المتفشي داخل عدد من المؤسسات الحكومية ومحاسبة رؤوس الفساد وسوء التصرف".
عمليات التدقيق في ملف الانتدابات التي جرت منذ 2011 إلى غاية 2021 أثبتت أن ما يناهز 130 موظفا وإطارا تم انتدابهم بشهادات مزورة
ولفت إلى أن "الخطوط الجوية التونسية تعاني من أزمة عميقة تفاقمت خلال فترة حكم الإخوان، كما تعاني تراجعا كبيرا في رقم معاملاتها وتكبدت خسائر فادحة نتيجة سوء التصرف المالي، مما ساهم في تفاقم ديونها وتراجع مكانتها كواحدة من أكبر الشركات الحكومية في البلاد".
من جهته، دعا الناشط والمحلل السياسي نبيل غواري السلطات التونسية إلى ضرورة الاستمرار في تطهير المؤسسات الحكومية من آثار الإخوان وحلفائهم الذين يعملون لتحقيق مصالح التنظيم بهدف تأجيج الأوضاع في البلاد.
وأكد غواري لـ"العين الإخبارية"، أن الرئيس قيس سعيد "سبق أن كشف مؤخرا أن عمليات التدقيق في ملف الانتدابات التي جرت منذ 2011 إلى غاية 2021 أثبتت أن ما يناهز 130 موظفا وإطارا تم انتدابهم بشهادات مزورة، فضلا عن المحاباة والانتدابات بالولاء الحزبي دون اعتماد الكفاءة والشهادات العلمية".
ودعا إلى "ضرورة إيجاد حلول جذرية لأن ما حصل مؤخرا أساء إلى صورة البلاد حيث باتت الشركة مشهورة في مطارات العالم بالفوضى والتأخير، بسبب الفساد والمحسوبيات داخلها".
والأربعاء، أذن وزير النّقل (المواصلات) التونسي رشيد عامري بإعفاء كلّ من المدير العام للخطوط التونسية الفنيّة، والمدير العام للشركة التونسية للتموين (الإعاشة)، والمكلّفة بالكتابة العامة للخطوط التونسية والمكلّف بالإدارة المركزية لإسناد المنتوج، من مهامهم.
ووفق بيان صادر عن الوزارة، فقد تقرّر، علاوة على ذلك، تغيير المكلّف بالإدارة العامة للخطوط التونسية، واتخاذ الإجراءات القانونية والتأديبية اللازمة إزاء المتسببين في التجاوزات الحاصلة، وإحالة الملف على الجهات القضائية المختصّة.
أمّا على المستوى الهيكلي، فقد وجه وزير النقل تعليماته بتقديم برنامج عملي في القريب العاجل يتضمّن أوّلا إعداد خطّة إنقاذ للشركة كحلّ عاجل بالتوازي مع إعداد مخطّط إعادة الهيكلة كحلّ على المدى المتوسّط ويتضمّن إجراءات عمليّة قابلة للتطبيق.