إخوان المغرب ونهج تصفية الحسابات

إخوان المغرب ونهج تصفية الحسابات

إخوان المغرب ونهج تصفية الحسابات


13/03/2023

ما يزال حزب العدالة والتنمية (المصباح)، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في المغرب، يثير اللغط، بعد أن أصبح في صفوف المعارضة، حيث يستهدف الحزب تصفية حساباته مع أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكذلك عبد اللطيف وهبي وزير العدل، بداعي "مخالفتهما لثوابت الشريعة الإسلامية"، وينشط (المصباح) في مجال نشر الشائعات حول تعديلات مقترحة في قانوني الأحوال الشخصية والعقوبات.

حزب العدالة والتنمية زعم أنّه تلقى بياناً صدر عن رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يخطره فيه بقيام المجلس، بوصفه مؤسسة دستورية تهتم بحقوق الإنسان، بتشكيل مجموعة عمل حول مقترح مراجعة مدونة الأسرة؛ بهدف وضع رؤية جديدة تهدف إلى إصلاح المدونة، ورفع ما بها من عوار.

(المصباح) استنكر في بيانه ما وصفه بإقصاء "تيارات واسعة موجودة ومتجذرة في المجتمع المغربي"، متهماً أمينة بوعياش رئيسة المجلس بتجاهله، زاعماً في الوقت نفسه أنّ المجموعة التي جرى تشكيلها "تميزت بهيمنة اتجاه فكري وسياسي لا يعكس تعددية المجتمع المغربي".

فتنة اجتماعية من أجل العودة إلى المشهد

الدكتور محمد الفرجاني، الباحث في الشؤون العربية، خصّ "حفريات" بتصريحات قال فيها: إنّ فتنة المواريث التي يثيرها الحزب الذي أصبح في صفوف المعارضة، ربما تدفع مؤسسات الدولة إلى إعادة النظر في كيفية تعاون الحزب الإخواني مع التوجه نحو الإصلاح.

وبحسب الفرجاني، فإنّ المصباح ينتهج سياسة عدائية تجاه أمينة بوعياش منذ فترة طويلة، حيث إنّ أيّ تطور في الملف الحقوقي ربما يسحب البساط من تحت أقدام الحزب الذي ينتهج استراتيجية الهيمنة الدينية، فقد اتهم رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأنّها "تتبنّى الانغلاق والإقصاء، والاستحواذ منهجاً واختياراً ثابتاً". وادّعى أنّ أمينة بوعياش تتجاهل بإصرار مبدأ التعددية، وتقوم بخرق الدستور والقانون بشكل وصفه بالسافر. مضيفاً: "رئيسة المجلس لا تفوت فرصة للتذكير بالمرجعيات الكونية، دونما المرجعيات الوطنية، وذلك على الرغم من أنّ المجلس، وكما تقضي بذلك المادة (3) من قانونه المنظم، خاضع للدستور وللمبادئ التي تنظم المؤسسات الوطنية للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها". وأنّها تتجاهل أحكام التشكيل وضمانات التعددية، ولا تراعي الضمانات اللازمة للتمثيل التعددي للقوى الاجتماعية، ولكافة تيارات الفكر الفلسفي والديني في البلاد. وأضاف بيان الأمانة العامة للحزب أنّ المنطق الديمقراطي والتعددي "بعيد عن ممارسة رئيسة المجلس".

المصباح ينتهج سياسة عدائية تجاه أمينة بوعياش منذ فترة طويلة

وبحسب الفرجاني، فإنّ الثأر قديم بين المصباح وبوعياش، حيث سبق أن هاجمت بثينة القروري، البرلمانية السابقة عن حزب العدالة والتنمية في العام 2019، هاجمت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ بسبب موقفها من متابعة القيادي في الحزب عبد العالي حامي الدين. كما عبّر الحزب في بيان للأمانة العامة، في حزيران (يونيو) 2022، عن استنكاره لما سمّاه التصريحات التي تسيء للثوابت الدينية، تعليقاً على مقترحات قدّمتها بوعياش لإصلاح مدونة الأحوال الشخصية.

وبالتالي، فإنّ الحزب يمضي نحو تصفية الحسابات مع بوعياش، ويبقى متحفزاً تجاه أيّ بادرة لتغيير أو إصلاح القوانين؛ لأنّه، بحسب الفرجاني، يحاول دوماً أن يحتكر لنفسه حق الوصاية التشريعية على الشعب، بحكم تكوينه الإيديولوجي.

إثارة اللغط حول تعديلات قانون العقوبات

من جهة أخرى، اتهم حزب العدالة والتنمية وزير العدل عبد اللطيف وهبي بمحاولة إثارة الفتنة؛ بإعلانه أنّ قانون العقوبات بحاجة إلى إصلاحات.

وأصدر حزب العدالة والتنمية بياناً صحفياً رسمياً يوم الإثنين الماضي، قال فيه: إنّه يدين بشدة محاولات وزير العدل إثارة الفتنة؛ بتبنّي اتجاهات مناهضة للثوابت الإسلامية والوطنية، بحسب زعم البيان.

استنكر حزب العدالة والتنمية في بيانه ما وصفه بإقصاء تيارات واسعة موجودة ومتجذرة في المجتمع المغربي

وكان عبد اللطيف وهبي، في حديثه عن الإصلاحات المحتملة، قد قال في تصريحات صحفية، في وقت سابق من الأسبوع  الماضي: "إنّ مسودة نص قانون العقوبات الجديد أصبحت جاهزة، ويمكن عرضها على البرلمان".

وبحسب المتابعين، فإنّ العدالة والتنمية يعترض على النقاط الحساسة في هذا القانون، مثل: إمكانية منح المزيد من الحريات الفردية، وإعادة النظر في العقوبات التي تتعلق بالعلاقات الجنسية بالتراضي خارج إطار الزواج، والوصاية المشتركة على الأطفال، من بين أمور أخرى، يرى الحزب أنّه من الضروري أن تحصل جميع الإجابات عن هذه الأسئلة على الضوء الأخضر من الحكومة، والسلطات الدينية والبرلمانية.

بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية، فإنّ هذه المطالب غير مغربية، وتقف ضد الشريعة الإسلامية، والمبادئ الوطنية للبلاد، وتسعى فقط لإثارة الفتنة؛ وعليه قال الحزب: إنّ أيّ مراجعة لأحكام هذا القانون يجب أن تتم في إطار المرجعية الإسلامية، والإجماع الوطني؛ باعتبار أنّ ذلك يتعلق بالأسس التي تنظم استقرار وتماسك الدولة والمجتمع، وأمن العلاقات الأسرية والاجتماعية. وأكد البيان الصحفي الصادر عن الحزب الحاكم السابق رفضه كل ما تواتر عن تغيير أحكام تجريم الإجهاض، حتى لو كان الغرض منه تجنب التحديات، مثل الإجهاض غير الآمن، هذا الطلب الذي اكتسب قوة جديدة في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، بعد أن فقدت فتاة تبلغ من العمر (14) عاماً حياتها؛ بسبب الإجهاض غير الآمن.

أصدر حزب العدالة والتنمية بياناً صحفياً رسمياً يوم الإثنين الماضي، قال فيه: إنّه يدين بشدة محاولات وزير العدل إثارة الفتنة؛ بتبنّي اتجاهات مناهضة للثوابت الإسلامية والوطنية

جدير بالذكر أنّ المادة (453) من قانون العقوبات المغربي تجرّم الإجهاض؛ إلّا في الحالات التي تكون فيها حياة الأم في خطر. وحذّر حزب العدالة والتنمية في بيانه الصحفي الحكومة من أيّ محاولات لتغيير المادتين (490) و(451)، دون إشراك أحزاب المعارضة والجهات الفاعلة في المجتمع المدني.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية