إخوان المغرب: تناقضات لا تنتهي.. أبرز عناوينها المتاجرة بقضية فلسطين

إخوان المغرب: تناقضات لا تنتهي.. أبرز عناوينها المتاجرة بقضية فلسطين

إخوان المغرب: تناقضات لا تنتهي.. أبرز عناوينها المتاجرة بقضية فلسطين


20/09/2022

في كانون الأول (ديسمبر) العام 2020، وافق حزب العدالة والتنمية المغربي (المصباح)، الذراع السياسيّة للإخوان المسلمين في المغرب، على استعادة العلاقات الدبلوماسية الرسمية مع إسرائيل، وفي المقابل، اعترفت إدارة دونالد ترامب بسيادة المغرب على الأراضي المتنازع عليها منذ فترة طويلة في الصحراء الغربية.

الخطوات الأولية لتطبيع العلاقات الإسرائيلية المغربية، تحركت بسرعة في أعقاب الإعلان الرسمي في 25 كانون الثاني (يناير) 2021؛ حيث أعاد حزب العدالة والتنمية فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، تبعه التمثيل الدبلوماسي المغربي في تل أبيب في وقت لاحق، بعد وصول رئيس البعثة الدبلوماسية المغربية، عبد الرحيم بيود، إلى إسرائيل في شباط (فبراير) من العام نفسه، بقرار صدّق عليه وقتها وزير الخارجية في حكومة الأمين العام السابق لـ"المصباح"، والذي استقبلت حكومته بترحاب، وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، كما تواصلت في عهد حكومة العثماني، عملية تنفيذ اتفاقية السلام بين البلدين، من خلال التعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وواجه حزب العدالة والتنمية، الحاكم آنذاك، انتقادات؛ بسبب انخراطه الفج في عملية التطبيع، باعتباره شكلاً من أشكال الخيانة الأيديولوجية، حيث أظهر الحزب أنّه أكثر اهتماماً بالحفاظ على علاقاته الجيدة مع القصر، وكسب دعم الملك لجدول أعماله المحلي، بدلاً من اتخاذ موقف صعب.

تحول أيديولوجي وسقوط الأقنعة

لطالما تاجر حزب العدالة والتنمية بقضية فلسطين، زاعماً أنّها تأتي على رأس أولوياته، باعتبارها قضية دينية وأيديولوجية وسياسية، لا ينبغي التخلي عنها، ولطالما كان تطبيع العلاقات مع إسرائيل قضية مثيرة للجدل بالنسبة إلى الحزب الإخواني، ففي آب (أغسطس) 2013، قدّم حزب العدالة والتنمية مع أحزاب أخرى، مشروع قانون كان من شأنه حظر أيّ علاقات بين المغرب وإسرائيل، لكن لم يتم تمرير مشروع القانون في نهاية المطاف، ولم يتحول إلى تشريع؛ حيث اكتفى "المصباح" بالجانب الدعائي فقط، ولم يصر على مشروع القانون، ومنحه هذا في ذلك الوقت فرصة ليزعم أمام ناخبيه أنّ سياسييه لم يتخلوا عن قضية فلسطين.

الخطوات الأولية لتطبيع العلاقات الإسرائيلية المغربية، تحركت بسرعة في أعقاب الإعلان الرسمي في 25 كانون الثاني (يناير) 2021

من ناحية أخرى، كان رئيس الوزراء الإخواني، سعد الدين العثماني، أكثر تصالحاً في تصريحاته العلنية مع إسرائيل، على عكس ما قاله قبل بضعة أشهر من الاتفاق، عندما رفض أيّ تطبيع مع إسرائيل، مؤكداً أنّ ما أقدم عليه حزبه، كان خطوة عملية محسوبة، أدت إلى حصول المغرب على هدف السياسة الخارجية الذي طال انتظاره، وهو اعتراف الولايات المتحدة بسيادتها على الصحراء الغربية.

تجاهل بنكيران تماماً الكيفية التي أبرم بها حزبه الاتفاق مع إسرائيل، والتصديق عليه، بل وتصريحاته الواهية آنذاك، بأنّ مصلحة المغرب العليا تحتم ذلك، وهو ما يؤكد مدى تناقض الخطاب الإخواني وانتهازيته

 

كان حزب العدالة والتنمية آنذاك، الكتلة الأقوى في مجلس النواب مع امتلاكه 125 مقعداً من أصل 395 نائباً، وكان يمكنه معارضة الاتفاق، لكنّ الحزب قرر الانخراط في التطبيع، ما أدى إلى خيبة أمل ناخبيه، وإثارة تساؤلات حول التزام الحزب الإخواني بالقضية الفلسطينية، واعتبر العديد من الإسلاميين المغاربة استئناف المغرب وإسرائيل علاقاتهما الدبلوماسية المفتوحة في كانون الأول (ديسمبر) 2020 دون حل القضية الفلسطينية "خيانة"، ووصفت حركة الوحدة والإصلاح، قرار الحكومة بأنه "مؤسف"، ووصفت "حركة العدل والإحسان" الإسلامية المحظورة رسمياً الاتفاق بين المغرب وإسرائيل بأنه "طعنة في ظهر الفلسطينيين".

مبررات بنكيران وأكاذيب الإخوان

ومع الخسارة الانتخابية المزلزلة، التي لحقت بحزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة، يحاول الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكبران، غسل يديه من الاتفاق مع إسرائيل؛ حيث زعم بنكيران السبت الماضي، في معرض مداخلته، أثناء الجلسة العامة للمؤتمر الوطني السابع، لشبيبة "المصباح"، في بوزنيقة، تحت شعار: "نضال شبابي متجدد؛ من أجل الاختيار الديمقراطي والعدالة الاجتماعية"، أنّ حزبه وقع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل "في وقت مؤلم، وفي ظروف يعلمها الله". زاعماً في الوقت نفسه أنّ حزبه لم يطبّع ولن يطبّع.

يبدو أنّ بنكيران أحس بأنّ كلماته أفلتت منه، فعاد سريعاً ليعلن تأييده المطلق للقصر، وقال: "عندنا رجل نعرفه ونعرف أصله وفصله إلى رسول الله.. كريم ولطيف ومتواضع.. هذا ملككم، حافظوا عليه"

الأمين العام لـ"المصباح"، الذي أصبح خارج السلطة تماماً، قال: "لن ندخل في عراك مع بلادنا ودولتنا". مضيفاً في معرض مخاطبة شبيبة الحزب: "حاربوا التطبيع في المجتمع.. المغاربة غير راضين بالتطبيع، وغير موافقين عليه".

بنكيران أكد أيضاً تمسك حزبه بالمرجعية الإسلامية، لافتاً إلى الإصرار على التشبث بالإسلام، قائلاً: "قد لا يعجب البعض هذا الذي نحن عليه. ذلك شأنهم. يهمنا رضى الله تعالى، ويوم قلت إنّه ليس مطلوباً مني أن أطلب رضى الملك، قلتها بصدق. نحن نحب ملكنا وأوفياء له، وهو لم يطلب منا شيئاً، ولكن بيننا وبينه السمع والطاعة في المعروف، والاحترام والتوقير، وأن نكون في الوقت المناسب للدفاع عن بلادنا وملكيتنا، أمّا الرضى فهو شيء يسأل من الله. ونحن نطلب رضى الله".

 يحاول الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكبران، غسل يديه من الاتفاق مع إسرائيل

ويبدو أنّ بنكيران أحس بأنّ كلماته أفلتت منه، فعاد سريعاً ليعلن تأييده المطلق للقصر، وقال: "عندنا رجل نعرفه ونعرف أصله وفصله إلى رسول الله.. كريم ولطيف ومتواضع.. هذا ملككم، حافظوا عليه".

وعاد بنكيران إلى قضية فلسطين مرة أخرى، ليضعها ضمن أولويات الحزب الإخواني، في تناقض حاد مع مواقف الحزب السياسية المعلنة من قبل، والتي بلغت الذروة بتوقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، حيث قال: "جئنا لخدمة الوطن بشرف... مسؤوليتنا تتمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ببلادنا في الشأن العام، والمساهمة في الحكومة، إذا اقتضى الأمر ورئاستها، والدفاع عن أمتنا وإخواننا الفلسطينيين..صحيح عندنا إخوان معذبون في الأرض، في مختلف مناطق العالم، ولكن لفلسطين رمزية ترعرعنا عليها، ففيها المسجد الأقصى، والقدس الشريف، ومسرى الرسول الكريم، وسنبقى نناصر الفلسطينيين، ولو استطعنا لذهبنا لكي نقوم مقامهم، لأنّهم يدافعون عن عقيدتنا وعن مقدساتنا".

وتجاهل بنكيران تماماً الكيفية التي أبرم بها حزبه الاتفاق مع إسرائيل، والتصديق عليه؛ بل وتصريحاته الواهية آنذاك، بأنّ مصلحة المغرب العليا تحتم ذلك، وهو ما يؤكد مدى تناقض الخطاب الإخواني وانتهازيته، وكذلك نهج المزايدة على الآخرين.

مواضيع ذات صلة:

إخوان المغرب بعد الانتكاسة: الهروب إلى الخطاب الدعوي

بنكيران الباحث عن دور جديد يصطدم باليسار المغربي

إخوان المغرب يتحيّنون الفرصة للانقضاض على الحكومة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية