إجراءات إيرانية جديدة تتعلق بمزدوجي الجنسية... ما الأهداف؟

إجراءات إيرانية جديدة تتعلق بمزدوجي الجنسية... ما الأهداف؟


06/07/2022

حولت إيران منذ أعوام طويلة السجناء مزدوجي الجنسية والأجانب والمعتقلين بتهم ملفقة إلى أوراق مساومة في المشاحنات السياسية بين الجمهورية الإسلامية والغرب، محاولة استخدامهم كأوراق ضغط لتحقيق مكتسبات على صعيد سياسي أو اقتصادي.

 ويواجه هذه الأيام الإيرانيون الذین يحملون جنسيات دول أوروبية مضايقات واستجوابات أثناء سفرهم إلى إيران، في محاولة من الأجهزة الأمنية لتجنيدهم.

 وبحسب المعلومات الواردة لوكالة "إيران إنترناشيونال"، فقد تم استجواب عدد من الإيرانيين المقيمين بالخارج في الأشهر الأخيرة أثناء سفرهم إلى إيران لزيارة عائلاتهم، ويبدو أنّ السلطات الإیرانیة قررت تركيز الاهتمام الأمني والاستخباراتي على هؤلاء المواطنين.

وقد ذكر هؤلاء المواطنون مزدوجو الجنسية، وجميعهم مواطنون عاديون وليس لديهم أي نشاط سياسي، حالات مضايقة لهم في المطارات أو استجوابات لاحقة.

 ويقول هؤلاء الإيرانيون مزدوجو الجنسية إنّهم تعرضوا لفحوصات جسدية غير مناسبة عند وصولهم إلى إيران، وتم استجوابهم في المطار.

 وتلقى بعضهم استدعاء فور وصولهم إلى إيران، واضطروا للذهاب إلى مكاتب وزارة الاستخبارات أو منظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني للاستجواب.

 واضطر مجموعة من مزدوجي الجنسية الذين سافروا مؤخراً إلى إيران لملء العديد من الاستبيانات وتقديم معلوماتهم الشخصية إلى ضباط المخابرات عند وصولهم.

يواجه هذه الأيام الإيرانيون الذین يحملون جنسيات دول أوروبية مضايقات واستجوابات أثناء سفرهم إلى إيران

 جدير بالذكر أنّ عمليات التفتيش الجسدي، واستخدام الكلمات المهينة، والاتهامات الكاذبة، والاستجواب في بيئة أمنية صارمة، والتهديدات بإلحاق الأذى بأفراد الأسرة في إيران، هي بعض الحالات الأخرى التي واجهها هؤلاء المواطنون عند دخولهم أو أثناء إقامتهم في هذا البلد.

 ومع تزايد الضغوط والاستجوابات ضد مزدوجي الجنسية الذين يسافرون إلى إيران في الأسابيع الأخيرة، حذّرت عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا والسويد، مواطنيها، والمواطنين الإيرانيين مزدوجي الجنسية، من السفر إلى إيران.

 

مزدوجو الجنسية تعرّضوا لفحوصات جسدية غير مناسبة عند وصولهم إلى إيران، وتم استجوابهم في المطار، وتهديدهم ومحاولة تجنيدهم

 

 وقالت مصادر أوروبية: يبدو أنّ مسؤولي الأمن الإيرانيين يتطلعون إلى أخذ المواطنين مزدوجي الجنسية كرهائن من أجل استبدالهم بمبالغ مالية ضخمة، أو مع أشخاص مسجونين لارتكابهم جرائم إرهابية، أو انتهاك قوانين العقوبات في الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية.

وفي الإطار ذاته، وبينما يعتزم البرلمان البلجيكي مناقشة مشروع قانون يسمح بتبادل السجناء مع نظام طهران، احتجزت طهران منذ آذار (مارس) الماضي عامل الإغاثة البلجيكي أليويه وندكاستيل (41 عاماً).

 وقبل يومين، قال مصدر أوروبي: إنّ بلجيكيين اثنين على الأقل محتجزان في إيران، ورفض المصدر تحديد هوية المحتجزين، ولم يعلق المسؤولون في بلجيكا وإيران على هوية هذين الشخصين، لكن وفقاً لمصادر إعلامية فإنّ أحد المحتجزين هو وندكاستيل والثاني أستاذ إيراني- بلجيكي من جامعة لوفين البلجيكية.

 ولا يستبعد أن يكون هذا الإجراء الإيراني استمراراً لسلوك طهران السائد في اعتقال الرعايا الأجانب وأخذهم كرهائن لمبادلتهم مع الإيرانيين المسجونين في الدول الغربية.

 وفي السياق ذاته، بعد أيام فقط من إطلاق سراحها من الاحتجاز في إيران، ذكّرت نازانين زاغاري راتكليف العالم بأنّه لا ينبغي اعتبار نهاية محنتها التي استمرت (6) أعوام في السجون الإيرانية على أنّها إنجاز.

زاغاري راتكليف: العالم لا ينبغي أن يعتبر نهاية محنتها التي استمرت (6) أعوام في السجون الإيرانية على أنّها إنجاز

 وقالت راتكليف: "أعتقد أنّ معنى الحرية لن يكتمل أبداً في مثل هذا الوقت الذي يتم فيه لمّ شملنا جميعاً نحن المحتجزين ظلماً في إيران مع عائلاتنا"، بحسب تصريحات نقلتها شبكة CNN الأمريكية.

 ووصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إطلاق سراح زاغاري راتكليف والبريطاني الإيراني الآخر، وأنوشه عاشوري، بأنّه "إنجاز ضخم" للدبلوماسية البريطانية، بعد أن حلّ قضية كانت على جدول الأعمال الوطني لأعوام، وأنّه ليس له علاقة بالمفاوضات النووية، حسبما أوردت "بي بي سي".

 وقد دفعت المملكة المتحدة لإيران حوالي (520) مليون دولار لتسوية دين عمره (40) عاماً للإفراج عن المعتقلين.

 

مصادر أوروبية: الأمن الإيراني يتطلع إلى أخذ المواطنين مزدوجي الجنسية كرهائن من أجل استبدالهم بمبالغ مالية ضخمة أو مع أشخاص مسجونين

 

وعلى الرغم من نفي وجود صلات لها بالمحادثات النووية، فإنّ النشاط حول اعتقال وإطلاق سراح الإيرانيين مزدوجي الجنسية أعطى في الماضي مؤشراً على الاتجاه الذي قد تتجه إليه المحادثات، وفق تحليل لشبكة "الحرة".

 فعلى سبيل المثال، ارتفع عدد مزدوجي الجنسية الذين اعتقلتهم إيران بحلول عام 2015، عندما تم توقيع الاتفاق.

 وفي عام 2016، تم إطلاق سراح (5) سجناء أمريكيين، وسبق الإفراج عنهم بعد واحدة من أكبر المدفوعات التي دفعتها الحكومة الأمريكية إلى إيران لتسوية نزاع قديم.

 وبينما كانت مفاوضات الإفراج جارية، أفرجت الولايات المتحدة عن (400) مليون دولار من الأموال المجمدة منذ عام 1981، والتي تم إرسالها إلى إيران نقداً على متن طائرة، بالإضافة إلى (1.3) مليار دولار أخرى من الفوائد المستحقة لإيران.

 

الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا والسويد تحذّر مواطنيها، وكذلك المواطنين الإيرانيين مزدوجي الجنسية من السفر إلى إيران

 

 وفي الإطار المتعلق باعتقال مزدوجي الجنسية، أوضحت مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن، في تقرير سابق نقلته وكالة "رويترز"، أنّ "محاكمات السلطات الإيرانية الجائرة وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز لا تقتصر على المواطنين الإيرانيين، بل تمتد إلى الأجانب"، وشددت على ضرورة أن "تتوقف إيران عن استخدام الاعتقال التعسفي وسوء معاملة الرعايا الأجانب كجزء من سياستها الخارجية، ومعاملة كلّ مواطن إيراني وأجنبي على حدّ سواء، واحترام حقوق الإنسان الأساسية".

"هيومن رايتس": يجب أن تتوقف إيران عن استخدام الاعتقال التعسفي وسوء معاملة الرعايا الأجانب كجزء من سياستها الخارجية

 وبحسب المنظمة الحقوقية، فإنّ الأجهزة الأمنية الإيرانية صعّدت استهدافها لمواطنين إيرانيين مزدوجي الجنسية ومواطنين أجانب، ترى أنّ لهم صلات مع مؤسسات أكاديمية واقتصادية وثقافية غربية. كما وثقت حالات (14) مواطناً مزدوجي الجنسية اعتقلتهم مخابرات "الحرس الثوري الإيراني" منذ عام 2014، وقد اتهمتهم المحاكم في حالات كثيرة بالتعاون مع "دولة معادية" دون الكشف عن أيّ دليل.

 ومن وجهة نظره، قال الباحث الإيراني علي رضا إسدزاده، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية": إنّ المعتقلين الأجانب أو مزدوجي الجنسية في إيران هم بمثابة "رهائن" للتفاوض، موضحاً أنّ هذه الورقة "من أهم أوراق الحرس الثوري في سياسته الخارجية منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، وإنّ الحرس الثوري يجيد هذه السياسة سواء في تبادل الرهائن مع عناصرهم المعتقلين المتورطين في الإرهاب في أوروبا وأمريكا، أو في الحصول على تنازلات اقتصادية".

ولفت رضا إسدزاده إلى أنّ المرشح السابق بالانتخابات الرئاسية الإيراني محسن رضائي سبق أن تكلم عن هذه السياسة بفخر أثناء حملته الانتخابية.

 فهل تستمر ايران في انتهاكاتها الإنسانية، وضرب كافة القوانين الدولية والحقوقية عرض الحائط في سبيل تحقيق مصالحها؟ وهل ترضخ الدول الغربية لابتزازها، الذي سيدفع نظام خامنئي لمضاعفة جرائمه ضد الأجانب ومزدوجي الجنسية؟

مواضيع ذات صلة:

ما الصورة التي يحملها العرب عن إيران؟

"مراكز صيفية" لغسل عقول أطفال اليمن برعاية حوثية إيرانية

مخدرات وأسلحة بالمليارات في بحر العرب.. ما علاقة إيران؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية