"أنصار بيت المقدس": من الظهور إلى التفكيك.. والعودة

"أنصار بيت المقدس": من الظهور إلى التفكيك.. والعودة


08/08/2021

عاودت جماعة "ولاية سيناء" الإرهابية مؤخراً الظهور واستهدفت منطقة الجورة بشبه جزيرة سيناء وتصدت لها قوات الجيش المصري، وفق بيان المتحدث العسكري، الذي أكّد استهداف حوالي 85 من الإرهابيين، وتدمير أحد الأنفاق.

ونقلت وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم داعش قولها إنّها استهدفت كميناً للجيش المصري بمنطقة الجورة، وقتلت 6 من الجيش، فيما لم يذكر البيان عدد القتلى من التنظيم، الذين عرضهم بيان مصور للجيش المصري.

من جانبها تشير هيئة الاستعلامات إلى أنه تم تفكيك التنظيم بشمال سيناء، ولم يتبق سوى عدد من المجموعات الشاردة، حتى أن قياداته الأوائل المؤسسين كلهم تقريباً قد قتلوا وأهمهم أبو عبدالله توفيق فريج، وأبو دعاء الأنصاري، وأبو أسامة المصري، وشادي المنيعي.

البداية والنهاية

كانت جماعة "أنصار بيت المقدس" التي تحولت فيما بعد إلى "ولاية سيناء" العام 1997 نشأت بامتداد منطقة الشريط الحدودي، بخاصة مدينتي رفح والشيخ زويد الأقرب للحدود مع إسرائيل، كامتداد لجماعة "التوحيد والجهاد" وهو أم التنظيمات التكفيرية في سيناء، أسسه خالد مساعد وخميس الملاحي وانضم إليهما سالم خضر الشنوب الذي أصبح المسؤول العسكري في التنظيم، وهو الذي قام بتفجيرات سيناء الشهيرة، والمعروفة إعلامياً باسم تفجيرات طابا وشرم الشيخ في 2004 و2006.

فى العام 2006 نفذت جماعة التوحيد والجهاد عملية شرم الشيخ، وثبت أنه تم تدريب منفذها في منطقة "دير البلح" بغزة، واعتقلت مصر حينها أيمن أبو نوفل، من قادة عز الدين القسام، واتهمته بأنّه وراء تنفيذ العملية، إلى أن تم تهريبه العام 2011.

عاودت الجماعة نشاطها بالهجوم المسلح على قسم ثان العريش، عقب الثورة المصرية، والذي قاده كمال علام، المحكوم بالإعدام.

اقرأ أيضاً: "نساء في مخدع داعش"... قنابل موقوتة تنتظر

عقب ثورة "25 يناير" وهروب أعضاء جماعة "الشوقيين" التكفيرية، التي نشأت بالفيوم من سجني أبو زعبل والمرج إلى سيناء انضموا إلى جماعة "التوحيد والجهاد"، وفي عام 2011 تحول اسم الجماعة إلى "أنصار بيت المقدس"، بعد أن انضم إليها عدد من الفلسطينيين من ألوية الناصر صلاح الدين، وجماعة أنصار الجهاد، وقامت بأول عملية نوعية يوم 18 رمضان 2012 أسمتها، "غزوة التأديب لمن تطاول على النبي الحبيب"، حيث قتلت فيها 8 على الأقل من الإسرائيليين، وأصيب فيها أكثر من 30 بمدينة إيلات.

هناك موجة ارتداد حقيقية من المهاجرين للقتال في سوريا بعد أن عاودوا ووجدوا بيئة خصبة مناسبة في سيناء

يمكن إرجاع تمركز تلك الجماعة في شبه جزيرة سيناء إلى عدد من العوامل، في مقدمتها: هشاشة الوضع الأمني؛ حيث وضعت اتفاقية السلام مع إسرائيل الموقعة عام 1979 قيوداً صارمة على الوجود العسكري المصري المسلح في شبه الجزيرة؛ ما أدى إلى فراغ أمني كبير، ساعد في نشاط الجماعات الإجرامية والإرهابية، ويؤخذ في الاعتبار العوامل المتعلقة بسلبيات الفكر الأمني والسياسي في التعامل مع مشكلات سيناء.

كما ساعدت جغرافيا سيناء الوعرة والمدن والقرى المهملة- المصريين العائدين من أفغانستان وباكستان على دراسة الحالة الأمنية؛ ليجدوا سيناء مجالاً خصباً للعمل، وفق المركز المصري للبحوث.

ووفق التحقيقات في قضية بيت المقدس 1، تنقسم جماعة أنصار بيت المقدس إلى عدة خلايا وكتائب، وهي بالتفصيل: لجنة التدريب: يترأسها وائل محمد عبد السلام عبد الله شامية، ومهمتها تدريب أعضاء الجماعة وتأهيلهم بدنيا، ولجنة التسليح والدعم اللوجستي: يترأسها سلمي سلامة سليم سليمان عامر، هارب، ومهمتها توفير متطلبات الجماعة من سيارات وتليفونات، ووسائل النقل وغيرها، كما تولى الحركي "ياسر" مسؤولية تجهيز وتصنيع المفرقعات لاستخدامها في العمليات الإرهابية، ويساعدهما في الإسماعيلية محمود عبد العزيز السيد أحمد الأعرج.

عاودت جماعة "ولاية سيناء" الإرهابية مؤخراً الظهور واستهدفت منطقة الجورة بشبه جزيرة سيناء

وثمة لجنة الجانب الفكري: التي تشرف على الجانب الفكري والشرعي والتعليمي للجماعة، ويترأسها محمد خليل عبدالغني عبد الهادي النخلاوي، ولجنة التدريب العسكري: التي تشرف على التدريب العسكري لأعضاء التنظيم، ويتولى مسؤوليتها، هشام عشماوي مسعد إبراهيم، وعماد الدين أحمد محمود عبد الحميد، واللجنة الإعلامية: المسؤولة عن الإعلام والتواصل مع الإعلام الخارجي مع تنظيم القاعدة، ونشر الفيديوهات وبيانات الجماعة، ويترأسها المكني "أبوعماد"، ومكانها خان يونس بفلسطين، وهو غير معروف الاسم حتى الآن، ولجنة التنفيذ: تولى مسؤوليتها أشرف علي حسانين الغرابلي، وتتولى تنفيذ العمليات المسلحة، واللجنة الهندسية: تشكلت من عناصر مؤهلة عسكرياً ومدربة فنيّاً، تلقى أعضاؤها دورات عديدة لتصنيع المفرقعات، وتولى قيادتها عبد الرحمن محمد سيد محمد أبو العينين.

ومنذ العام 2016 بدأ تموضع الجماعة في منطقة بين الخروبة والشلاق والقريبة من ملف أبوعاصي، وقبر عمير، ومنطقة الوحشي القريبة من السدرة وأبورفاعي على طريق جنوب الشيخ زويد "الشيخ – الجورة".

اقرأ أيضاً: ما حقيقة تواجد تنظيم داعش بالغرب الليبي؟ وما علاقة الإخوان؟

وقد توقف التنظيم عند محطات محورية لعل أبرزها: استقلاله عن مجلس شورى المجاهدين-أكناف بيت المقدس، بعد مقتل "إبراهيم عويضة البريكات" مباشرة، وارتفاع عدد المُستقطبين من أبناء القبائل والمدن الحدودية بزيادة طردية

وفي الفترة من 2014 وحتى عام 2017 اتسم صراع التنظيم مع الجيش المصري باتساع جغرافيته، والتطور الكمي والنوعي في العمليات الإرهابية، إلا أنّه مع بدء العملية الشاملة انهار التنظيم عملياً وقتل أغلب قياداته حتى فوجئنا بهذه العملية.

لماذا العودة؟

كشف تقرير مُؤشر الإرهاب العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام في نسخته الثامنة لعام 2020، الضوء عن 10 دول كانت الأكثر تضرراً من الإرهاب على مستوى العالم، ومنها؛ الهند وباكستان وأفغانستان والكونغو، إلا أنه لم يذكر مصر التي تراجع فيها العنف المسلح لمستوى غير مسبوق.

ووفق مؤشر الإرهاب الصادر عن دار الإفتاء المصرية العام 2021، فإنّه تواجد على أرض سيناء عدد كبير من الجماعات مختلفة المسميات والأهداف، أشهرها وأكبرها؛ التوحيد والجهاد، ولاية سيناء، أنصار الجهاد، تنظيم مجلس شورى المجاهدين- أكناف بيت المقدس، أنصار الإسلام، جند الله، جند الإسلام، وكل هؤلاء انتهوا تقريباً ولم يتبق سوى تنظيم (ولاية سيناء) و(جند الإسلام)، وكلاهما يضم أعداداً محدودة تحت ضغط الحصار والمطاردة، والدليل هو أنه في عام 2017 وقعت في سيناء وحدها 332 عملية إرهابية، أي بمعدل عملية إرهابية يومية، وفي العام 2021 وقعت حوالي 3 عمليات، أي عملية كل 3 شهور تقريباً.

اقرأ أيضاً: هل سينجح تنظيم داعش في إقامة الخلافة في أفريقيا؟

ويرى الخبراء أنّ هذه العملية التي استهدفت كمين الجورة محاولة لإثبات الوجود مرة أخرى، معددين الأسباب في تشظي التنظيمات التكفيرية بسبب التصلب الأيديولوجي، والثبات الهيكلي لها، والإغراق في السرية، ما يدفع لوجود مجموعات شاردة.

آخرون ومنهم الصحفي السيناوي هشام السروجي، كتب على صفحته أنه يوجد ما يطلق عليه من أهالي سيناء (مجموعة المِجنيين)، وهو اسم تطلقه القبائل على من صدرت ضدهم أحكام غيابية ويعيشون هاربين حتى لا تتمكن الشرطة من القبض عليهم لتنفيذ هذه الأحكام، وهم في أغلب الأحوال من الذين هربوا إلى تخوم الجبال والصحارى من الملاحقات الأمنية، وهؤلاء لا أفكار لهم، ودائماً ما يتعاون بعضهم مع التنظيمات التكفيرية من أجل الإيواء والدعم، وكلهم لا يريدون وجوداً للدولة، لذا فهم يتعاونون مع التكفيريين من أجل عودة العمليات الإرهابية، إضافة إلى بيئة سيناء التي تساعد على وجود مجموعات جديدة كل فترة.

هذا ورغم فقد الإرهابيين قدرتهم على تنفيذ إغارات على الكمائن، إلا أنهم اعتمدوا على استخدام العنصر النسائي، فيما تشير تقارير إعلامية إلى موجة ارتداد حقيقية من المهاجرين للقتال في سوريا بعد أن عاودوا ووجدوا أن البيئة الخصبة والمناسبة هي سيناء، بسبب الجغرافيا والبيئة التي هي قابلة لاحتضانهم أحياناً، حيث هناك الذين عدّلوا مسار هجرتهم من أماكن التوتر في المركز إلى الهوامش.

الخلاصة، إنّ هذه العملية الإرهابية في سيناء ليست مؤشراً واضحاً على عودة الإرهاب بشكله السابق، وهي ليست محاولة لإثبات الوجود في ظل انحدار مستوى العمليات الإرهابية بمصر.  



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية