أفكار إرهابية.. في عقول مسالمة

أفكار إرهابية.. في عقول مسالمة


12/12/2017

هذه الأفكار استمعت إليها كثيراً، في مناقشات خُضتها مع شخصيات من خلفيات علميّة واجتماعية مختلفة بدءاً من أستاذ جامعي في القاهرة إلى طبيب مصري أمريكيّ وحتى سائق باكستاني في لندن. وجدتهم جميعا يحملون نفس الأفكار وقد يكون مفيداً أن نستعرضها ونعقب عليها.

الفكرة الأولى                                        

المسلم أفضل عند الله من غير المسلم والإسلام هو الدين الوحيد الصّحيح، أمّا أتباع الأديان الأخرى فكلّهم كفار، مصيرهم جهنم لأنّ الجنة ستكون قاصرة على المسلمين وحدهم دون سواهم. يجب على المسلمين أنْ يتّبعوا آراء الفقهاء الذين يؤكّدون أنّ المسلم، اذا قَتل كافراً فإنّه - شرعاً - قد يعاقب بالحبس لكنّه لايعاقب بالإعدام أبداً، لأنّ حياة المسلم لا تتساوى بحياة الكافر كما يؤكد الفقهاء أنّ شهادة الكافر على المسلم أمام القضاء لا تجوز شرعاً، لأنّ الشّرط في الشاهد أنْ يكون مُسلماً عدلاً (أي مشهود له بالصلاح).

التعقيب:                                       

تستحيل إقامةُ مجتمعٍ سليم إذا كان بعض المواطنين يرون أنّهم أفضل من غيرهم بسبب الدين. هذه الفكرة هي الأصل في التطرف والاعتداءات الطائفية، لأنني اذا كنت أؤمن أنّني كمسلم أفضل من المسيحيين واليهود فلايمكن أنْ أعترف لهم بنفس الحقوق التى أتمتع بها. صحيح أنّ كل دين في العالم يرى أتباعه أنّهم وحدهم على حق لكنّ دولة القانون يجب ألّا تميز بين مواطنيها بناء على اختلاف الدين.

الفكرة الثانية                                          

الإسلام ليس مجرد دين، وإنّما منهاج شامل للحياة، بكل جوانبها، ونظام الحكم في الإسلام هو الخلافة الاسلامية، وواجبُ كلّ مسلم أنْ يجاهد حتّى يستعيد الخلافة بعد أنْ سقطت الخلافة العثمانية في عام 1924.

التعقيب:                                               

الخلافة الإسلامية لم توجد أساساً، في التاريخ، حتى يستعيدها أحد. على مدى قرون من تاريخ الممالك الإسلامية لم يتمتّع المسلمون بحكم رشيد عادل إلا لمدة 31 عاما. 29 عاماً فترة الخلفاء الراشدين، وعامان في عهد عمر بن عبد العزيز، أما غير ذلك فقد قامتْ أنظمةُ الحكم الاسلامية - شأن الامبراطوريات جميعاً - على الدّسائس والقتل ويكفى أنْ نقرأ عن المذابح البشعة التي ارتكبها أبو العباس السفاح، مؤسس الدولة العباسية أما الدولة العثمانية فكانت احتلالاً استعماريا لا علاقة له بالدين، وقد كتب المؤرّخ المصري، محمد ابن إياس، في كتابه "بدائع الزهور في وقائع الدهور" يصف الأهوال التي ارتكبها الجنود العثمانيون عند احتلال القاهرة، فقد قَتلوا في يوم واحد عشرة آلاف مصرياً، وخطفوا آلاف النساء والغلمان ليستعبدوهم. الخلافة الاسلامية مجرد وهم اخترعه شيوخ الإسلام السياسي، ليُثيروا العواطف الدينية للشّباب ويجندوهم للوصول إلى السلطة.

الفكرة الثالثة                                  

كل الدول الغربية تتآمر ضد الإسلام والمسلمين، كما أنّ الغربيين جميعاً من مسيحيين ويهود، يكنّون الكراهية الشديدة للإسلام حتى لو أظهروا العكس، ولا يجوز للمسلم أنْ يوالي الغربيين الكفار أو يتخذهم أصدقاءً أو يثق فيهم أبداً.

التعقيب:                                   

الدول الغربية، تمارس سياسات استعمارية ضد العالم العربي والإسلامي، لكنّ غرض الاستعمار ليس محاربة الإسلام، بدليل أنّ الدول الغربية تمارس نفس سياساتها الاستعمارية في دول مسيحيّة كثيرة في افريقيا وأمريكا اللاتينية، كما ترتبط الدول الغربية بتحالفات وثيقة مع حكومات إسلامية مثل المملكة السعودية ودول الخليج ونظام الإخوان السّابق في مصر والجنرال ضياء الحق الذى طبّق ما أسماه الشريعة الإسلامية أثناء حكمه في باكستان.

الدول الغربية لا تهتم بالإسلام، ولا بأي دين آخر، اذْ أنّ هدفها الوحيد تحقيق مصالحها الاقتصادية. اما أنّ المسيحيين واليهود جميعا يكرهون المسلمين، فهذا كذب، لأنّ مئات الألوف من المسلمين يتعلّمون في جامعات الغرب ويتلقّون العلاج في مستشفيات الغرب، فلم يمنعهم أحدٌ من التعليم والعلاج لأنهم مسلمون. هناك في الغرب بعض الأفراد والأحزاب اليمينية العنصرية، لكنّ المسلم يعيش في الغرب في حماية القانون، بل إنّ الحقوق الانسانية التي يتمتع بها المهاجرون المسلمون في الغرب بالتأكيد أفضل من حقوقهم في أوطانهم ويكفي أنْ نقارن بين حقوق المسلمين في بريطانيا وحقوق الأقباط والبهائيين في مصر.

الفكرة الرابعة                            

تفجيرات 11 سبتمبر، وما تلاها من عمليات إرهابية في الغرب، إنّما هي جزاءٌ عادل بسبب الجرائم التي ارتكبتها الجيش الامريكي ضد المسلمين في العراق والجرائم التي ارتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر .

التعقيب:                                     

هذا المنطق الإرهابي يتبنى الإدانة الجماعية لمجموعة من البشر بسبب أفعال بعض أفرادها. الأميركيون جميعا ليسوا مسؤولين عن جرائم ارتكبها أفراد من الجيش الأمريكي، والفرنسيون جميعا ليسوا مسؤولين عن جرائم ارتكبها بعض أفراد الجيش الفرنسي، ولو أننا طبّقنا نفس المنطق على أنفسنا - نحن العرب والمسلمون - لأصبحنا جميعا مسؤولين عن جرائم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. القانون أساس الحضارة، وأبسط قواعد القانون المسؤولية الشخصية. كل إنسان مسؤول فقط عمّا فعله وليس عمّا فعله آخرون لمجرد أنهم يشتركون معه في الجنسية أو الديانة.

الفكرة الخامسة                                  

كل من يسيء إلى الإسلام أو الرسول - عليه السلام -  يجب أن يكون جزاؤه القتل، يجب إعدام الكاتب سلمان رشدي لأنه أساء للاسلام في روايته "آيات شيطانية" ويجب إعدام كل من ينشر الرسوم الدانماركية المسيئة إلى الرسول.

التعقيب:                                                    

لا أحد يوافق على الإساءة إلى الإسلام أو أي دين، لكنّ قتل أي انسان بسبب ما كتبه أو رسمه تصرف فاشيّ همجيّ والرد المتحضر على أية اساءة للدين يجب أنْ يكون في نطاق القانون.

الأفكار السابقة تحرّض على الكراهية والعنف، ولابدّ من دحضها فكريا حتى ينتهي الارهاب.

علاء الأسواني - عن"دويتشه فيله"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية