أسئلة معلقة عن مصير أفغانستان تحت حكم طالبان

أسئلة معلقة عن مصير أفغانستان تحت حكم طالبان


01/09/2021

لأول مرة منذ عام 2001، لم تعد هناك أي قوات أميركية بأفغانستان بعد أن أتمت الولايات المتحدة إجلاء معظم مواطنيها وآلاف الأفغان المعرضين للخطر من هناك.

تم نقل أكثر من 114 ألف شخص جوا من مطار كابول خلال الأسبوعين المنصرمين في إطار الجهد الأميركي.

لكن إنهاء الدور العسكري الأمريكي في أفغانستان يطرح مجموعة جديدة من الأسئلة على الرئيس جو بايدن وإدارته.

 ماذا سيحدث للأميركيين والأفغان المعرضين للخطر الباقين بأفغانستان؟

أجلت الولايات المتحدة أكثر من 5500 مواطن أمريكي منذ بدء رحلات الإجلاء في 14 أغسطس. واختار عدد قليل من الرعايا الأميركيين البقاء بأفغانستان، كثيرون منهم فضّل ذلك للبقاء مع أفراد أسرته.

كانت إدارة بايدن قد قالت إنها تتوقع أن تواصل حركة طالبان السماح للأميركيين وغيرهم بمغادرة أفغانستان بأمان بعد إتمام الانسحاب العسكري الأميركي.

لكن المخاوف تتعلق بكيفية مغادرة هؤلاء إن لم يكن هناك مطار يعمل.

ويبقى بالبلاد عشرات الآلاف من الأفغان يواجهون الخطر، مثل المترجمين الذين عملوا مع الجيش الأمريكي والصحفيين ودعاة حقوق المرأة.

مصيرهم غير واضح، لكن المسؤولين يخشون أن تثأر طالبان منهم.

وقد تعهدت طالبان بالسماح لكل الرعايا الأجانب والمواطنين الأفغان الذين يحملون جواز سفر من دولة أخرى بمغادرة أفغانستان وفقا لبيان مشترك صادر عن بريطانيا والولايات المتحدة وغيرهما يوم الأحد.

ماذا سيحدث لمطار كابول بعد مغادرة القوات الأميركية؟

على مدى الأسبوعين المنصرمين، عكف الجيش الأميركي على تأمين وتشغيل مطار حامد كرزاي الدولي في كابول بما يقرب من ستة آلاف عسكري.

وتُجري طالبان محادثات مع حكومات دول مثل قطر وتركيا سعيا للمساعدة في استمرار عمليات الطيران المدني من المطار، وهو السبيل الوحيد المتاح أمام كثيرين لمغادرة أفغانستان.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الأحد إن مطار كابول بحاجة لإصلاحات قبل إعادة فتحه أمام الرحلات المدنية.

وكانت تركيا مسؤولة - في إطار مهمة حلف شمال الأطلسي - عن أمن المطار طيلة السنوات الست الماضية. والإبقاء على المطار مفتوحا بعد تسليم القوات الأجنبية المسؤولية عنه أمر ضروري ليس لبقاء أفغانستان متصلة بالعالم وحسب، بل وللحفاظ على الإمدادات وعمليات الإغاثة.

 كيف يبدو شكل العلاقة المستقبلية بين الولايات المتحدة وطالبان؟

سبق وأن قالت الولايات المتحدة إنها لا تعتزم ترك دبلوماسيين في أفغانستان وإنها ستقرر خطواتها القادمة بناء على أفعال طالبان.

لكن على إدارة بايدن أن تحدد كيف سيمكنها ضمان عدم تفجر أزمة إنسانية واقتصادية في البلاد.

تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 18 مليون نسمة -أي ما يزيد عن نصف عدد سكان أفغانستان- يحتاجون مساعدة وإن كل الأطفال الأفغان دون سن الخامسة يعانون بالفعل من سوء تغذية حاد وسط موجة الجفاف الثانية خلال أربع سنوات.

وقالت بعض الدول ومنها بريطانيا إنه يجب ألا تُبرم أي دولة اتفاقات ثنائية مع طالبان تعترف بها حاكما لأفغانستان.

 ما نوع التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية؟

ربما كانت مساحة التعاون بين الولايات المتحدة وطالبان تتمثل في مواجهة الخطر الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية.

وتدور أسئلة عن كيفية التنسيق بين واشنطن وطالبان، بل وحتى كيفية تشارك المعلومات لمواجهة التنظيم.

كان أول ظهور لتنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان (وهو الاسم التاريخي للمنطقة) في شرق أفغانستان في أواخر 2014 وسرعان ما عُرف بالوحشية البالغة.

وأعلن التنظيم مسؤوليته عن تفجير انتحاري وقع يوم 26 أغسطس خارج المطار وأودى بحياة 13 عسكريا أميركيا وعشرات المدنيين الأفغان.

ووجهت الولايات المتحدة ضربتين على الأقل بطائرتين مسيرتين على التنظيم منذ ذلك الحين وقال بايدن إن إدارته ستواصل الانتقام.

وتنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان عدو عتيد لحركة طالبان، لكن مسؤولي مخابرات أميركيين يعتقدون أنه استغل انعدام الاستقرار الذي أدى لانهيار حكومة أفغانستان المدعومة من الغرب هذا الشهر في تعزيز وضعه وتجنيد أفراد محبطين من حركة طالبان.

وأتمت الولايات المتحدة سحب قواتها من أفغانستان يوم الاثنين، منهية حربا دامت 20 عاما وتُوجت بعودة حركة طالبان إلى السلطة. واضطرت واشنطن وشركاؤها في حلف شمال الأطلسي إلى خروج مذل ومتعجل من أفغانستان. وفي أعقاب عمليات إجلاء جوي ضخمة وفوضوية على مدى الأسبوعين الماضيين، يخلف هؤلاء وراءهم آلاف الأفغان الذين ساعدوا الدول الغربية وربما كانوا مؤهلين للإجلاء.

وأُطلقت أعيرة نارية في سماء كابول احتفالا بعد إتمام انسحاب الولايات المتحدة الذي أنهى أطول حرب أمريكية.

وأرادت مجموعة من الأميركيين، قدر وزير الخارجية أنتوني بلينكن أنها تقل عن 200 وربما أقرب إلى المئة، المغادرة لكنها لم تتمكن من استقلال الرحلات الجوية الأخيرة.

ودافع الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان عن قراره الالتزام بالموعد النهائي الذي ينقضي اليوم الثلاثاء لسحب القوات الأميركية على الرغم من أن ذلك لا يعني أن كل من أراد الخروج أمكنه ذلك.

وقال إن العالم سيحمل حركة طالبان مسؤولية تعهدها بتوفير ممر آمن لمن يريدون مغادرة أفغانستان.

وأضاف موجها الشكر للجيش الأميركي لاضطلاعه بعملية الإجلاء الخطيرة "الآن، وصل وجودنا العسكري الذي استمر 20 عاما في أفغانستان إلى نهايته". ويعتزم توجيه كلمة للشعب الأميركي بعد ظهر اليوم الثلاثاء بتوقيت الولايات المتحدة.

وأثار بايدن انتقادات شديدة من الجمهوريين ومن بعض رفاقه الديمقراطيين بسبب أسلوب تعامله مع الوضع في أفغانستان منذ استيلاء طالبان على كابول هذا الشهر بعد تقدم خاطف.

ووصف السناتور بن ساسي، وهو عضو جمهوري في لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ، الانسحاب الأميركي بأنه "عار وطني.. (كان) نتيجة مباشرة لجبن الرئيس بايدن وعدم كفاءته".

وقال في بيان "الرئيس اتخذ قرارا لا يمكن تبريره أخلاقيا بترك الأمريكيين (في أفغانستان). اختيار الرئيس كان عارا".

لكن السناتور الديمقراطي شيلدون وايتهاوس قال على تويتر "لقد أحسن دبلوماسيونا وعسكريونا ووكالاتنا المخابراتية. الجسر الجوي لنقل 120 ألف شخص في هذا الوضع الخطير والصاخب لهو شيء لا يمكن لأي شخص آخر فعله".

وقال بايدن إن الولايات المتحدة حققت منذ فترة طويلة الأهداف التي حددتها وهي الإطاحة بطالبان عام 2011 لإيوائها متشددي تنظيم القاعدة الذين دبروا هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة.

وأودى الصراع الذي دام 20 عاما بحياة نحو 2500 جندي أميركي وقرابة 240 ألف أفغاني وتكلف زهاء تريليوني دولار.

ولم يوافق سوى 38 في المئة من الأميركيين على طريقة تعامل بايدن مع الانسحاب من أفغانستان، بينما رفضها 51 في المئة، وفقا لاستطلاع رأي أجرته رويترز/ إبسوس يوم الاثنين. وأراد ثلاثة أرباع المستطلعة آراؤهم بقاء القوات الأميركية في أفغانستان لحين خروج جميع المدنيين الأميركيين.

وقال الجنرال فرانك ماكنزي قائد القيادة المركزية الأميركية في إفادة صحفية بوزارة الدفاع (البنتاغون) إن آخر رحلة على متن طائرة سي-17 أقلت السفير الأميركي في أفغانستان روس ويلسون.

وأضاف "جميع العسكريين الأميركيين خرجوا من أفغانستان الان. يمكنني قول ذلك بيقين تام".

وذكر دبلوماسيان أميركيان أن الموظفين الدبلوماسيين "الأساسيين" كان ضمن ستة آلاف أميركي غادروا.

وقال ماكنزي للصحفيين "هناك قدر كبير من الحزن المرتبط بهذا الرحيل. لم نخرج كل من كنا نريد إخراجه. لكنني أعتقد أنه إذا بقينا عشرة أيام أخرى، ما كنا سنخرج الجميع".

وأبدى بلينكن استعداد الولايات المتحدة للعمل مع حكومة طالبان الجديدة إذا لم تعمد إلى الانتقام من خصومها في أفغانستان.

وقال "طالبان تلتمس شرعية ودعما دوليين. موقفنا هو أن أي شرعية ودعم يجب أن يُكتسبا".

وقالت معظم الدول المتحالفة، التي يزيد عددها عن 20 دولة وشاركت في نقل مواطنيها والأفغان جوا من كابول، إنها أكملت عمليات الإجلاء بحلول يوم الجمعة. وقالت بريطانيا، التي شاركت عن كثب في الحرب منذ البداية، يوم السبت إنها انتهت من عمليات الإجلاء وسحبت آخر جنودها.

وفي حين سعت طالبان إلى إظهار وجه أكثر اعتدالا للعالم ومحو ذكريات الحكم المتشدد الذي مارسته في التسعينيات، أظهرت استماتة الكثير من الأفغان على الفرار من البلاد مدى الخوف الذي أثارته الحركة في النفوس.

والآن، وبعد أن دانت لها السيطرة الكاملة على البلاد، يتعين على طالبان إحياء الاقتصاد الذي مزقته الحرب، ولكن دون التعويل على مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية التي تدفقت على النخبة الحاكمة السابقة وغذت الفساد الممنهج.

وبعد حرمانها من نحو تسعة مليارات دولار من الاحتياطيات الأجنبية وفقدان الآلاف من المتخصصين المتعلمين الذين انضموا إلى الهجرة الجماعية، يتعين على الإدارة الجديدة العديمة الخبرة التعامل مع انهيار العملة الأفغانية وتضخم أسعار الغذاء المتزايد.

ولا تزال البنوك مغلقة، على الرغم من الوعود بمعاودة فتحها، وتفاقمت إلى حد بعيد المصاعب الاقتصادية التي يواجهها أولئك الذين تخلفوا عن ركب المغادرين.

ويواجه السكان خارج المدن ما وصفه مسؤولو الأمم المتحدة بالوضع الإنساني الكارثي الذي تفاقم بسبب الجفاف الشديد. وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن ما يصل إلى نصف مليون أفغاني قد يفرون من وطنهم بحلول نهاية العام.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية