ما الذي كشفته وثائق "واشنطن بوست" حول الرهائن القطريين؟

قطر

ما الذي كشفته وثائق "واشنطن بوست" حول الرهائن القطريين؟


02/05/2018

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن وثائق وتسريبات، تتضمن مراسلات بين وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزايد بن سعيد الخيارين، السفير القطري في بغداد، وتؤكد إقدام الدوحة على إجراء محادثات وعقد صفقة سرية مع ميليشيات عراقية مسلحة، مصنفة كجماعات "إرهابية"، حيث شملت دفع مبالغ مالية تصل إلى مئات ملايين الدولارات.
الصفقة أتت في إطار مساعي الدوحة لإخلاء سبيل 26 قطرياً، بينهم تسعة أفراد من عائلة آل ثاني الحاكمة، كانوا في رحلة صيد جنوب العراق، وتم اختطافهم من مخيمهم، من قبل مسلحين مجهولي الهوية، وذلك في منتصف كانون الأول (ديسمبر) من العام 2015، في محافظة المثنى، وهو الحادث الذي أنكرته وزارة الخارجية القطرية في حينه، مؤكدةً أنّ دخول مواطنيها كان بشكل شرعي وبتنسيق وتصريح من وزارة الداخلية العراقية.

المفاوضات كانت بالأساس مع كتائب حزب الله العراق وهي الجهة التي تبينت مسؤوليتها عن الخطف

المفاوضات كانت بالأساس، وفق تقرير الصحيفة، مع "كتائب حزب الله العراق"، وهي الجهة التي تبينت مسؤوليتها عن الخطف، والتي تعتبر أحد أبرز الميليشيات الشيعية المسلحة في العراق، وتشتهر بارتباطها بفيلق القدس الإيراني، وقائده قاسم سليماني، كما اشتهرت بمشاركتها على نطاق واسع في الحرب السورية، ولكن الصفقة تضمنت جماعات أخرى مع تصاعد المطالب وتجاوزها المبالغ المالية، كـ "حركة النجباء" العراقية، و"حزب الله" اللبناني؛ حيث طالب كل منهما بالإفراج عن أسرى لهم في سوريا، محتجزين لدى جبهة النصرة المرتبطة بعلاقات مع الدوحة، وهو ما جعل اسم جبهة النصرة يرد ضمن الصفقة، خاصة مع وجود مطالب أخرى بفك حصار جبهة النصرة عن بلدتي "كفريا" و"الفوعة"، ما أدى أيضاً إلى الربط بين صفقة تحرير المختطفين القطريين بصفقة أخرى، وهي صفقة واتفاقية المدن السورية الأربعة (كفريا والفوعة - مضايا والزبداني).
وأشارت الوثائق المسرّبة إلى أنّ المطالب المالية قد وصلت في ذروتها إلى مبلغ "مليار دولار"، في حين لم يقرر المبلغ النهائي الذي تم دفعه، وتثبت دفع ما مجموعه 275 مليون دولار إلى "حزب الله العراق"، إضافة إلى دفع مبلغ 150 مليون دولار لوسطاء، منها 50 مليون دولار لقاسم سليماني، الذي يرد ذكره بالاسم ضمن الوثائق.
جرت المفاوضات بشكل سريّ، بداية من حادثة الاختطاف ولمدة 16 شهراً، حتى إتمام الصفقة وإطلاق الرهائن في نيسان (أبريل) من العام الماضي 2017، وكانت الأخبار والإشاعات عن الصفقة قد تزايدت خلال فترة إتمامها، ومع إطلاق سراح المختطفين القطريين واستقبالهم في الدوحة، وتزامن ذلك مع خروج 1500 من أهالي كفريا والفوعة.

تزامن إتمام صفقة المختطفين القطريين مع إتمام صفقة بخروج 1500 من أهالي كفريا والفوعة

وتوجّت الأخبار مع تأكيد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في مؤتمر صحفي أسبوعي (بتاريخ 25/4/2017)، تواصل الدوحة مع جماعات وجهات غير رسمية في العراق، وهو ما اعتبره العبادي "تجاوزاً صريحاً للسيادة العراقية"، مؤكداً أنّ الأصل أن يتم التفاوض مباشرة مع بغداد، كما أعلن العبادي في المؤتمر أنّ السلطات العراقية صادرت حقائب مملوءة بمئات الملايين الدولارات، وصلت إلى مطار بغداد محمولة على متن  طائرة قطرية. في البداية بادرت الدوحة إلى نفي جميع الاتهامات، وخصوصاً ما يتعلق بتواصلها مع جماعات غير رسمية، ولكن الشكوك استمرت في التزايد، وهو ما دفع بوزير الخارجية القطري إلى زيارة بغداد ولقاء حيدر العبادي في أيار (مايو) من العام 2017، سعياً لتجاوز الأزمة.

وزير الخارجية القطري (يسار) في بغداد (أيار 2017)

والآن تأتي وثائق "واشنطن بوست" بعد سنة من إتمام الصفقة لتؤكد الاتهامات؛ حيث تثبت تواصل الدوحة سرياً مع الميليشيات، إضافة إلى دفعها ملايين الدولارات لها، وهو ما يترك الأثر السلبي على استقرار الدولة العراقية. إضافة إلى ما تقدمه هذه الوثائق من إثبات جديد على الصلات الوثيقة بين الدوحة وجبهة النُصرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا).
وكانت تحليلات أخرى قد ظهرت منذ بداية أزمة المختطفين، اتجهت إلى ربط الحادثة بما تزامن آنذاك من اعتقال الكويت لأفراد "خلية العبدلي" (المرتبطين بإيران) في آب (أغسطس) من العام 2015،  وصدور حكم الإعدام بحق الشيخ "نمر النمر" نهاية العام نفسه، خصوصاً أنّ ظروف الاختطاف كانت غير منطقية، بداية من ذهاب الصيادين إلى العراق في فترة تشهد فيها البلاد توتراً وعدم استقرار، إلى عدم توفر الحماية للمخيم الخاص بهم؛ حيث رأت التحليلات أنّ حادثة الاختطاف قد تكون تمت بعلم ورضا من الدوحة، على أمل أن يكون المختطفون ورقة ضغط على السعودية والكويت ليتم العفو عن أفراد خلية العبدلي والشيخ نمر النمر مقابل إطلاق سراح المختطفين القطريين، وهو ما رفضته كل منهما في حينه.

 تزامنت حادثة اختطاف القطريين مع صدور الحكم بإعدام الشيخ نمر النمر

وبحسب التحليلات، فقد أدى رفض الكويت والرياض إلى ارتباك الدوحة وتورطها؛ حيث شرعت كتائب "حزب الله العراق" بالمطالبة بمبالغ مالية كبيرة، وهو ما أدى إلى امتعاض السفير القطري زايد بن سعيد الخيارين، واصفاً تلك المطالبات بأنّها "سرقة صريحة لبلاده"، كما جاء في الوثائق، إضافة إلى ما ألحق من مطالبات أخرى، كإطلاق سراح سجناء حركة النجباء وحزب الله اللبناني، وفك الحصار عن كفريا والفوعة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية