
عاد الجدل في فرنسا حول العلاقة المعقدة بين حزب "فرنسا المتمردة" اليساري الراديكالي وشبكات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها جماعة الإخوان، ليتصدر النقاش السياسي مع بداية تموز / يوليو، وقد تعزز هذا الجدل بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية هدفها تقصي الروابط بين سياسيين وجماعات يُشتبه بأنها تبرر الإرهاب أو تدعم خطابًا أيديولوجيًا يهدد أسس الجمهورية الفرنسية.
وبحسب موقع "العين الإخبارية"، فقد شُكّلت اللجنة يوم 2 تموز / يوليو بمبادرة من كتلة "الجمهوريين" بزعامة لوران فوكييه، وصوّتت لجنة القوانين البرلمانية بأغلبية محدودة (29 مقابل 27) لصالح القرار.
سريعًا، نشبت أزمة داخل البرلمان إثر استقالة النائبة الاشتراكية صوفي بانتيل من رئاسة اللجنة، احتجاجًا على غياب التوازن الحزبي بعد هيمنة نواب اليمين واليمين المتطرف على مواقع القيادة، وهو ما اعتبره معارضون خطوة لتسييس التحقيق.
وقد أكد خبراء مثل الدكتور بنجامين روسييه، من مركز "مونتين" في باريس، أن العلاقة بين الحزب وشبكات الإخوان لم تكن عابرة، بل تطورت تدريجيًا خلال العقدين الماضيين.
روسييه يرى أن "فرنسا المتمردة" صاغت خطابًا يدافع عن حقوق الأقليات ويرفض ما يسمى "الإسلاموفوبيا"، وهو ما وفّر أرضية تلاقي مع أطروحات الإخوان، خاصة في الضواحي ذات الكثافة المهاجرة. وأضاف أن هذا الخطاب الحقوقي الظاهر يصب عمليًا في خدمة استراتيجية الإخوان الساعية لتقويض النموذج العلماني الفرنسي من الداخل.
وتعززت المخاوف بعد تقارير صحفية، أبرزها تحقيق نشرته صحيفة لوجورنال دو ديمانش، رجّحت أن اللجنة البرلمانية تستهدف بشكل مباشر نشاط حزب جان-لوك ميلانشون، خصوصًا بعد مواقف الحزب الرافضة لقوانين "الانعزالية الإسلامية" وإغلاق المساجد الممولة خارجيًا. هذا التحقيق أشار إلى أن الخطاب المزدوج لدى بعض قيادات الحزب يثير قلقًا داخل أجهزة الاستخبارات الفرنسية التي تتابع بقلق تمدد شبكات الإسلام السياسي في المدن الكبرى.
وفي هذا السياق، حذرت كلارا لوغريه، الباحثة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، من أن جماعة الإخوان لا تراهن على تيار سياسي واحد، بل تستفيد من هشاشة المشهد الحزبي الفرنسي. وأكدت أن "فرنسا تواجه لحظة مفصلية تتطلب وضوحًا سياسيًا واستراتيجية شاملة لضمان ألا تتحول الديمقراطية إلى معبر سهل لاختراقات أيديولوجية تهدد وحدة المجتمع ومبادئ الجمهورية".
في المقابل، وصف النائب إيميريك كارون، عن حزب "فرنسا المتمردة"، ما جرى بـ"الدهس المتعمّد للديمقراطية"، واعتبر أن لجنة التحقيق تحوّلت إلى منصة لـ"مطاردة سياسية تستهدف المعارضين". أما النائب هادريان كليوي، فقال إن اللجنة تتجاهل ما وصفه بـ"الروابط القديمة لليمين الفرنسي مع تيارات متطرفة أخرى"، في إشارة إلى اتهامات متبادلة بتوظيف قضايا التطرف لأهداف انتخابية.