شبكات "الإخوان" تتسلل بهدوء... هل تنتقل عدوى لندن إلى باريس؟

تواجه أوروبا تحديًا متزايدًا يتمثل في تمدد جماعة الإخوان المسلمين عبر شبكات ناعمة تعمل تحت غطاء ديمقراطي، وتحذر أصوات متصاعدة في باريس من أنّ فرنسا قد تكون على وشك تكرار تجربة بريطانيا التي أصبحت "الملاذ الآمن" للجماعة خلال العقود الماضية.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية بباريس جان بيار فيليو أنّ "بريطانيا لم تكتفِ بالتسامح مع شبكات الإخوان، بل تطبّعت معها"، محذرًا من أنّ "هذا النموذج البريطاني يجب أن يكون جرس إنذار حقيقي لفرنسا". 

وفي تصريح لـ (العين الإخبارية)، أوضح أنّ الجماعة تحوّلت من جماعة ضغط إلى "شبكة مؤسسية تعمل بهدوء على إعادة تشكيل مفهوم الهوية والمواطنة داخل المجتمعات الديمقراطية".

وبحسب فيليو، فإنّ "الإخوان" يستغلون هامش الحريات في الديمقراطيات الغربية كـ "حصان طروادة"، مستترين خلف خطاب الضحية، مع تشكيك دائم في قيم الدولة، وخصوصًا تلك المتعلقة بالمساواة وحقوق المرأة.

من جهته أكد المتخصص في الإسلام السياسي لدى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية هوغ لوران أنّ "البيئة القانونية في بريطانيا أكثر ترحيبًا بهذه التنظيمات، لكنّ الخطر الحقيقي هو في انتقال هذا النموذج إلى فرنسا ودول أوروبية أخرى عبر شبكات عابرة للحدود وتمويلات غامضة".

وبحسب مجلة (كوزر) الفرنسية، فإنّ بريطانيا أصبحت في السنوات الأخيرة "رأس الحربة الأوروبية" للتنظيمات الإسلامية ذات الأجندة السياسية، حيث تمكنت الجماعة من التغلغل داخل المجتمع عبر الجمعيات والمدارس والمعاهد والنقابات، دون الحاجة إلى العنف المباشر، بل عبر نشر تدريجي لأفكارها في بيئة تسامحية.

المجلة وصفت شبكة الجماعة بأنّها "متداخلة وعضوية"، حيث تنتقل الشخصيات المحورية بين عدة مؤسسات، ممّا يصعب تتبع هيكلية القيادة أو مصادر التمويل. ويرتبط كثير من تلك المؤسسات رسميًا أو ماليًا أو حتى شخصيًا ببعضها البعض، في مشهد شبكي معقّد وصفته المجلة بـ "النباتات الزاحفة" التي تمتد جذورها إلى عناصر أساسية في تنظيم الإخوان.

مع تصاعد هذه التحذيرات، يبقى التحدي الأبرز متمثلًا في غياب تعريف قانوني موحد داخل الاتحاد الأوروبي لجماعة الإخوان، وهو ما يسمح لها بالتحرك بحرية نسبية من بلد إلى آخر، مستفيدة من الثغرات في السياسات الوطنية وغياب التنسيق بين أجهزة الأمن والرقابة على الجمعيات.