
في تطور جديد يزيد من تعقيد المشهد السياسي التونسي، وجّهت مجموعة من المنظمات غير الحكومية التونسية رسالة إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، طالبت فيها بفرض عقوبات واسعة النطاق على الرئيس قيس سعيّد وعدد من المسؤولين في الحكومة والبرلمان والقضاء والأجهزة الأمنية.
واستندت المنظمات في طلبها، وفق ما نقلته وكالة فرانس برس، إلى اتهامات بـ"انتهاك حقوق الإنسان" و"تقييد الحريات العامة"، وهي مزاعم ترى فيها أطراف تونسية غطاءً سياسياً لخدمة أجندات محددة.
الرسالة الأخيرة تضمنت تصعيداً غير مسبوق في لهجتها ومطالبها ما اعتبره مراقبون بمثابة محاولة للضغط على تونس في ملفات سيادية
وبحسب نص الرسالة، فإن العقوبات المقترحة تشمل حظر دخول الأراضي الأوروبية، وتجميد الحسابات البنكية للأشخاص المستهدفين، ووقف تزويد تونس بأي تجهيزات عسكرية أو خدمات أمنية ومالية، فضلاً عن تجميد التمويلات الأوروبية المخصصة لدعم جهود الدولة في مكافحة الهجرة غير النظامية.
وبحسب موقع "العين الإخبارية"، فإن هذه الخطوة تأتي بعد رسالة أولى أرسلتها المنظمات ذاتها في حزيران / يونيو 2024، وردت عليها الدبلوماسية الأوروبية بالتأكيد على "متابعة الوضع عن كثب". إلا أن الرسالة الأخيرة تضمنت تصعيداً غير مسبوق في لهجتها ومطالبها، ما اعتبره مراقبون بمثابة محاولة للضغط على تونس في ملفات سيادية.
وقد رد الرئيس قيس سعيّد بقوة، مؤكداً أن تونس "ليست في حاجة إلى شهادة استحسان من أي جهة خارجية" وأنها "ليست ضيعة أو بستانا كما يتصوّر ذلك البعض". وقال خلال اجتماعه برئيس البرلمان إبراهيم بودربالة ورئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي، إن "بعض الدوائر المرتبطة بأجندات أجنبية تعمل على تأجيج الأوضاع بكل الوسائل". وأضاف: "تدّعي هذه الأطراف أنها وطنية وأنها في خدمة الشعب، لكنها مكشوفة والقانون سيكون الفيصل".
اعتبرت أن ما جاء في الرسالة يمثل "إهانة لسيادة تونس ورئيس الدولة وكرامة الشعب التونسي"
من جهتها، هاجمت النائبة التونسية فاطمة المسدي الرسالة بشدة، ووصفتها بأنها "تدخل سافر ومرفوض في الشأن الداخلي التونسي ومحاولة ضغط مفضوحة تستهدف استقلالية القرار الوطني". وفي منشور عبر "فيسبوك"، اعتبرت أن ما جاء في الرسالة يمثل "إهانة لسيادة تونس ورئيس الدولة وكرامة الشعب التونسي".
وتحدثت عن "عقلية استعمارية جديدة تستسهل فرض العقوبات على الدول التي ترفض الانصياع لأجندات الهجرة أو التدخلات الخارجية".
هذا ويرى متابعون أن هذه التحركات مرتبطة مباشرة بمحاولات تيار الإخوان وحلفائه، الذين خسروا السلطة في 25 يوليو 2021 حين جمّد الرئيس البرلمان وأقال حكومة المشيشي الموالية لهم. ومنذ ذلك التاريخ، يواجه الإخوان حالة من العزلة الشعبية والسياسية دفعتهم للبحث عن دعم خارجي لإعادة النفوذ، وفق تعبير مراقبين.
اللافت أن المنظمات الموقعة تطالب أيضاً بالإفراج عن أشخاص موقوفين في قضايا تتعلق بالإرهاب وتمويله، وهو ما زاد حدة الانتقادات الداخلية تجاهها.
وختمت المسدي تصريحاتها بالدعوة إلى "فتح تحقيق وطني في شبهة التخابر مع جهات أجنبية والمسّ من الأمن القومي، طبقًا للقوانين التونسية"، معتبرة أن الشعب التونسي "لن يقبل أبداً استباحة سيادته تحت أي ذريعة".