
بينما يكاد الفكرين الإخواني والسلفي يودعان الحياة السياسية في عموم المنطقة، أصبح لهما حضور لافت في إقليم كردستان العراق وينشطان بشكل غير مسبوق، على الرغم من أنَّ السلطة الكردية التي أنشئت في هذا الإقليم منذ عام 1992 هي سلطة علمانية بامتياز.
ولفت تقرير لصحيفة "إيلاف"، إلى أن الحركة السلفية شهدت، في السنوات الأخيرة، نمواً مضطرداً في الساحة الكردستانية وأخذت تنافس حركة الإخوان، فزاد عدد الدعاة ومنابرهم في المساجد، وحصل الكثيرون منهم على دعم الحكومة المحلية إلى جانب ما يردهم من دعم مالي وسياسي من الخارج.
وأصبحت حكومة الإقليم تتسامح أو تغض الطرف عن نشاط هؤلاء الدعاة الذين يعارضون بشكل واضح توجهات السلطة العلمانية في الإقليم، خصوصاً بعد أن أصبح لهؤلاء الدعاة قنوات فضائية وتلفزيونات محلية وعشرات الإذاعات التي تبث الفكر السلفي والإخواني عبر الإعلام.
الحركة السلفية شهدت في السنوات الأخيرة نمواً مضطرداً في الساحة الكردستانية وأخذت تنافس حركة الإخوان
وأشار التقرير إلى أن حدثان مهمان وقعا في الأيام الأخيرة ينذران باضطراب الوضع السياسي والاجتماعي المستقر في كردستان؛ الأول هو صدور فتوى "الجهاد" ضد إسرائيل من قبل هيئة علماء مسلمي كردستان واعتباره واجباً دينياً، وهي الفتوى التي عارضها بشدة زعيم الجماعة السلفية في كردستان، والذي أصدر بياناً من 17 نقطة أشار في إحداها إلى أنه ما دام الجهاد فرضاً على مسلمي كردستان، فمن الأولى أن يتطوع أعضاء الهيئة للقتال ويذهبوا بأنفسهم إلى فلسطين لمنازلة إسرائيل.
والحدث الثاني هو تقديم إخواني كردي لدعوى قضائية لدى النائب العام ضد المفكر المصري المتنوّر الدكتور يوسف زيدان بتهمة ازدراء الدين الإسلامي، على خلفية وصف القائد الكردي الإسلامي صلاح الدين الأيوبي بالاحتقار. وهذا ما منع المفكر الكبير من المشاركة كعادته في معرض الكتاب الدولي المزمع إقامته في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، خلال اليومين المقبلين.
وخلص التقرير إلى أن الفكرين الإخواني والسلفي أصبحا أكثر ملكية من الملك. ففي الوقت الذي يضمحل وجودهما في بلاد المنشأ، يحاولان بكل قوة الظهور على الواجهة في إقليم لا ناقة له ولا جمل في الصراع العربي الإسرائيلي، ولا في صراع الإخوان ضد السلطة في مصر.