الإخوان يوظفون الدين في صراعهم بالسودان

الإخوان يوظفون الدين في صراعهم بالسودان

الإخوان يوظفون الدين في صراعهم بالسودان


02/09/2024

يُعتبر الدين من العناصر المركزية في الفكر السياسي لرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي ينتمي إلى خلفية إسلامية ترتبط بالإخوان المسلمين.

ويُستخدم الدين ليس فقط أداة لتحفيز الدعم الشعبي، ولكن أيضاً وسيلة لتبرير السياسات والممارسات التي تصل إلى القتل والتحريض ضد المدنيين، والتي قد تكون مثيرة للجدل.

وقد راجت أخيراً ردود فعل واسعة حول فتوى اعتبرها البعض "مثيرة للجدل" من الداعية السوداني عبد الحي يوسف، الذي يُعدّ واحداً من أبرز القيادات الإخوانية في السودان، ويملك خبرة متراكمة في التحريض والتطرف وزرع الفتن داخل السودان وخارجه. وهذه الفتوى أجاز فيها قتل المدنيين عبر قصف الطيران، لأنّ الأسلحة الحديثة لا تفرق بين رجل أو امرأة أو طفل، وقد اعتبر البعض أنّ الفتوى المقصود بها إجازة قتل ما يُعرف بـ "حواضن الدعم السريع".

 

يُستخدم الدين ليس فقط أداة لتحفيز الدعم الشعبي، ولكن أيضاً وسيلة لتبرير السياسات والممارسات التي تصل إلى القتل والتحريض ضد المدنيين.

 

ووفق ما نقلت صحيفة (التغيير)، فقد قال يوسف في فتواه: إذا حصل القصف وكان المقصود به أولئك البغاة الظالمين، ومن لاذ بهم ممّن يؤيدهم ويشجعهم على سوء فعالهم، فقُتل في ذلك القصف من لم يقصدوا قتله، فإنّه لا حرج عليهم في ذلك؛ بناء على ما قرره أهل العلم أنّه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً؛ خاصة إذا علمنا أنّ الأسلحة المستخدمة في الحروب الحديثة لا تفرق بين صغير وكبير ولا بين رجل وامرأة.

ولم تكن هذه الفتوى هي الأولى المثيرة للجدل لعبد الحي يوسف، المحسوب على بطانة النظام السوداني البائد والإخوان المسلمين، فقد أفتى سابقاً بقتل بعض السياسيين من قوى الحرية والتغيير وإسقاط الجنسية عن بعضهم في برنامج تلفزيوني، وكان متهماً بأنّه هو مصدر الفتوى التي قال الرئيس المعزول عمر البشير إنّها منحته الإذن بقتل ثلثي الشعب السوداني إبّان ثورة كانون الأول (ديسمبر).


فتوى للداعية السوداني عبد الحي يوسف، الذي يُعدّ واحداً من أبرز القيادات الإخوانية، تجيز قتل المدنيين عبر قصف الطيران.

وتأتي خطورة فتوى عبد الحي في سياق الحرب الحالية بما يعرف بـ "التحريض" لقتل المدنيين. ووفق المحامية الجنائية الدولية ليندا بور، فإنّه يمكن مساءلة أيّ فرد عن التحريض على ارتكاب جرائم ضد القانون الإنساني الدولي.

من جهته وصف أستاذ علم الاجتماع والإنثروبولوجيا البروفيسور منزول عسل، فتوى عبد الحي يوسف بـ "الخطيرة جداً"، وقد اعتبرها تحريضاً على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وطالب منزول عسل باتخاذ إجراءات قانونية ضد عبد الحي يوسف؛ حتى يتوقف عن استخدام الدين في التحريض على القتل.

بدوره، قال المختص في علم الاجتماع، القيادي بحزب المؤتمر السوداني مستور آدم: إنّ المجموعات والكتائب الإسلامية التابعة للإخوان المسلمين التي تحارب إلى جانب القوات المسلحة حاولت أن تستعيد إرثها السابق في حرب الجنوب، مع إصدار عدد من الفتاوى التي حاولوا من خلالها تحويل خطاب الحرب إلى خطاب ديني. 

 

لم تكن هذه الفتوى هي الأولى المثيرة للجدل ليوسف، فقد أفتى سابقاً بقتل بعض السياسيين من قوى الحرية والتغيير وإسقاط الجنسية عن بعضهم.

 

من جهته، أوضح الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار عبد المحمود أبو أنّ فتوى يوسف حول الحرب الدائرة في السودان الآن فتنة، وأنّه يجب العلماء العمل على إيقافها، لا تشجيعها أو دعم أحد طرفيها.

ووفق صحيفة (العرب مباشر)، فقد بدأ يوسف حياته موالياً لحكومة البشير باعتبارها من وجهة نظره تمثل الإسلام، وعلى ما يبدو أنّ السلطة قررت استخدامه خلف ستار المعارضة، وشرع في انتقاد النظام من باب  امتصاص الاحتقان، لكن مع جلسات محاكمة المعزول عمر البشير اتضحت العلاقات الوطيدة بين الداعية و"الكيزان" إخوان السودان، بعدما كشفت التحقيقات عن تبرع البشير لقناة (طيبة) التي تُعدّ منبراً لـ (عبد الرحمن يوسف) المثير للجدل.

ومن جهتها أشارت صحيفة (العرب) اللندنية، في مقالة نشرتها للكاتب السوداني الدكتور عبد المنعم همت، أنّ الدين يُستخدم أداة لتعزيز شرعية الحكومة التابعة للجيش السوداني. ومن خلال الإشارة إلى المبادئ الإسلامية وتعزيز الالتزام بالدين، تسعى الحكومة إلى تأصيل سلطتها بشكل يتماشى مع القيم الدينية للشعب السوداني. وفي هذا الإطار يُعتبر تأييد رجال الدين والمشايخ جزءاً من الاستراتيجية السياسية للحكومة، حيث يُعزز هذا التأييد من الصورة العامة للحكومة كحامية للقيم الدينية، ممّا يساعد في تعزيز الاستقرار السياسي وتخفيف الضغوط الداخلية.

 

منزول عسل يصف فتوى عبد الحي يوسف بـ "الخطيرة جداً"، ويعتبرها تحريضاً على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

 

وأضاف همت أنّ التوظيف السياسي للدين في حكومة البرهان يُعدّ أداة فعالة ولكن معقدة، من خلال فهم كيفية استخدام الدين لتبرير السياسات وتعزيز السلطة في سياق الصراعات الداخلية، ويُستخدم الدين أيضاً لتوجيه الخطاب السياسي والحشد. وتُسهم الخطابات الدينية في تعبئة القواعد الشعبية ضد المعارضين، حيث يتمّ تصوير هؤلاء المعارضين كأعداء للدين والأمّة. 

يُذكر أنّ الجماعة استخدمت الفتاوى لدغدغة مشاعر البسطاء من السودانيين، وإقناعهم بأنّ المعركة بين الجيش وقوات الدعم السريع هي معركة بين الحق والباطل، وبين الإسلام والكفر.

ووفق صحيفة (اليوم السابع)، فإنّ هذا هو أسلوب جماعة الإخوان الذي تمارسه منذ تأسيسها على يد حسن البنا عام 1928، وللأسف في كل مرة ينخدع الكثيرون، ويسيرون خلفها ويرددون فتاواها وشعاراتها على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أنّ ما يفعلونه نصرة للدين، ولكنّه للأسف نصرة لجماعة تعادي الأوطان، وتتاجر باسم الأديان، وتحرّض ضد المدنيين.

وتمر الأيام، وتظل جماعة الإخوان متمسكة بهذا الأسلوب الذي يوضح الفتاوى والشعارات الدينية التي تضلل العقول باسم الإسلام، ويبرز هذا في كل خلاف سياسي أو صراع أو حرب تكون الجماعة طرفاً فيها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية