
كشف الإعلامي حسام الغمري أسراراً جديدة حول خطة الجماعة للهجوم على مصر منذ سقوط التنظيم من الحكم في 30 حزيران (يونيو) 2013، وكيف حاول التنظيم تشويه مؤسسات الدولة المصرية وتأليب الرأي العام ضد الدولة وإثارة الفوضى عن طريق الشائعات والأكاذيب.
وكشف الغمري، الذي ترأس تحرير قناتي (الشرق) و(الشرق الأوسط) الإخوانيتين من تركيا، أسراراً خطيرة حول مخططات تنظيم الإخوان، المصنف على قوائم الإرهاب في مصر وعدد من الدول العربية، لاستهداف وإسقاط الأنظمة من خلال تسليط آلة الإعلام الإخوانية كأحد أهم الأذرع التنظيمية في المعركة التخريبية ضد الدول العربية.
وخلال مشاركته ببرنامج "مراجعات" الذي يقدمه الإعلامي المصري ضياء رشوان أوضح الغمري أنّه "لم يكن عضواً في التنظيم، ولكنّه كان حليفاً سياسياً قريباً منهم، بعد انضمامه إلى اتحاد القوى الوطنية من خلال أحد الأحزاب السياسية، وكان ذلك التحالف نوعاً من تبنّي الأجندة والمظلومية التي كانوا يروجون لها"، ويقول: "كنت مؤمناً بأنّهم مظلومون، وأدافع عن حقوقهم بشدة، معتقداً أنني أدافع عن الحق والعدالة".
لماذا انقلب على الإخوان؟
يقول الغمري، بحسب ما نقلته (العربية): "بدأت تتكشف لي حقائق مرعبة عن الجماعة، اكتشفت معلومات خطيرة جعلتني أرفض تماماً فكرة أنّ الإخوان جماعة وطنية".
ويضيف: "أحد الاكتشافات الرئيسية التي غيرت رأيه هو التلاعب بالمعلومات والأجندات المخفية للتنظيم، ويوضح: "كنت في قلب الأحداث، أعمل كرئيس تحرير لقناة (الشرق) وقناة (الشرق الأوسط) في إسطنبول، ما رأيته من تلاعب بالمعلومات واستخدام الأجندات المخفية كان صادماً، كان التنظيم يستغل التعاطف الديني لتحقيق مكاسب مالية وسياسية".
ويكشف الغمري عن صدمة اكتشاف أنّ التنظيم مستعد للتضحية بأفراده لتحقيق أهدافه، مشيراً إلى أنّه عرف من مصدر إخواني كبير أنّ التنظيم كان يتوقع ويخطط لوقوع عدد كبير من الضحايا لتحقيق أهدافه. يقول: "أخبرني أحد المصادر الإخوانية بأنّهم كانوا يتوقعون أن يموت (50) ألف شخص للضغط على الحكومة وإعادة محمد مرسي إلى السلطة، هذا يظهر قيمة الدماء عندهم".
خلال فترة عمله في الإعلام الإخواني، بدأ الغمري يتعرف على تفاصيل دقيقة عن كيفية إدارة القنوات والأجندات المخفية التي تسعى الجماعة لتحقيقها، ويتذكر قائلاً: "كانت هناك لجنة إعلامية تضع المضامين وتوجه الرسائل التي يجب أن نوصلها، كان العمل منظماً بشكل كبير، والأهداف واضحة في تحقيق مكاسب سياسية ومالية على حساب الحقيقة".
ويصف الغمري كيف كان التلاعب بالمعلومات جزءاً أساسياً من عمله اليومي، ويعلق: "كانت هناك أوامر بتضخيم الأحداث وتشويه الحقائق لخدمة أجندات معينة، أتذكر حادثة عندما طلب منا الهجوم على دولة عربية شقيقة بناءً على توجيهات من أجهزة مخابرات أجنبية، كانت تلك اللحظة بالنسبة إليّ صادمة، وأدركت حينها حجم التلاعب والخداع الذي كنا نمارسه".
فبركة الحقائق وتشويه الأنظمة
يكشف الغمري عن آلية عمل منظومة إعلامية متكاملة تستخدم أحدث التقنيات لنشر الأخبار المزيفة، فقد كان هناك توزيع للأدوار بين الإعلاميين، حيث كان كل فرد يؤدي دوراً محدداً في هذه العملية، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً حيوياً في تضخيم هذه الأخبار وجعلها تنتشر بسرعة كبيرة. ويشير الغمري إلى أنّ هذه الجماعات كانت تمتلك ميزانيات ضخمة وتستعين بخبراء في مجال الإعلام والتسويق."
حسام الغمري: ما رأيته من تلاعب بالمعلومات واستخدام الأجندات المخفية كان صادماً.
ويوضح الغمري أنّ هذه الجماعات كانت تستهدف الشباب بشكل خاص، وكانت تقدم لهم وعوداً مغرية للعمل في مجال الإعلام. وبعد أن ينضموا إليها، يتم تدريبهم على أساليب التضليل والتلاعب بالرأي العام، ويحذّر الغمري من خطورة هذه الظاهرة، ويؤكد على أهمية التثقيف الإعلامي لدى الشباب حتى يتمكنوا من تمييز الحقيقة من الزيف."
تمويلات مشبوهة
يكشف الغمري عن الوجه القبيح للتمويل الذي كان يغذي آلة التضليل التي عمل ضمنها، ويشير إلى أنّ الأموال التي كانت تصرف على إنتاج المحتوى الإعلامي المزيف كانت تأتي من مصادر مشبوهة، وكانت أجهزة مخابرات أجنبية تتدخل لتقديم الدعم المالي للتنظيم، كما كانت هناك جهات متطرفة تقدم التمويل بدافع تحقيق مكاسب شخصية أو لخدمة أجندات سياسية ضيقة، ويشدد الغمري على أنّ هذه الأموال كانت تستخدم ليس لنشر الحقيقة أو خدمة القضايا العادلة، بل لزعزعة الاستقرار ونشر الفتن.
ولم يقتصر الأمر على مصادر التمويل المشبوهة، بل تعداه إلى فساد داخلي متجذر داخل التنظيم. ويشرح الغمري كيف كان يتم استغلال الأفراد، خاصة الشباب والنساء، لتحقيق أهداف شخصية ضيقة. ويوضح أنّ الخلافات كانت تشتعل بين قيادات التنظيم حول السيطرة على الأموال والمناصب، ممّا كان يؤثر سلباً على جودة العمل الإعلامي ويؤدي إلى تشتيت الجهود، ويشير الغمري إلى أنّ هذه الفضائح الداخلية كانت كفيلة بكشف حقيقة هذا التنظيم، الذي كان يدّعي تمثيل المظلومين، ولكنّه في الواقع كان يعمل لصالح أجندات خارجية.
وخلال الأعوام الماضية اعتمدت الجماعة على الإعلام كأحد أهم الأدوات للتأثير على الرأي العام وتنفيذ أجندتها السياسية، وتسعى الجماعة من خلال إعلامها إلى تشويه صورة الدول العربية، وعلى رأسها مصر، ونشر الفتن والتحريض على العنف، وتعتمد استراتيجية الإعلام الإخواني على نشر الشائعات والأخبار الزائفة، وتضخيم الأحداث البسيطة، واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور. كما تعمل على استقطاب الإعلاميين الشباب وتدريبهم على أساليب التضليل والترويج للأفكار المتطرفة.
وتستهدف أجندة الإعلام الإخواني النسيج الاجتماعي للدول العربية من خلال بث الكراهية والفرقة بين مكونات المجتمع، كما تسعى إلى تشويه صورة المؤسسات الوطنية، وتقويض الثقة في النظام الحاكم، وتستخدم الجماعة الإعلام كسلاح لتوجيه الاتهامات الباطلة، ونشر الأكاذيب حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية، وتهدف هذه الحملة الإعلامية إلى إضعاف هذه الدول وجعلها عرضة للتدخلات الخارجية، وتحقيق الأهداف السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.