الإمارات تواجه مؤامرة الإخوان بأحكام قضائية رادعة

الإمارات تواجه مؤامرة الإخوان بأحكام قضائية رادعة

الإمارات تواجه مؤامرة الإخوان بأحكام قضائية رادعة


14/07/2024

في شباط (فبراير) 2024 أعلنت النيابة العامة في دولة الإمارات العربية المتحدة عن إحالة (84) شخصاً إلى محكمة أمن الدولة بتهمة "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" يُسمّى "العدالة والكرامة"، وبارتكاب جرائم تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي، وغسل الأموال، والتخطيط لزعزعة أمن دولة الإمارات.

وقضت محكمة أبو ظبي الاتحادية الاستئنافية، دائرة أمن الدولة، الأربعاء الماضي  بإدانة (53) متهماً من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي، و(6) شركات في القضية رقم (87) لعام 2023 جزاء أمن الدولة، المعروفة إعلاميّاً بـ "قضية تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي"، وبمعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها (20) مليون درهم. 

المحكمة حكمت على (43) متهماً بالسجن المؤبد عن جريمة إنشاء وتأسيس وإدارة "تنظيم لجنة العدالة والكرامة" الإرهابي بغرض ارتكاب أعمال إرهابية على أرض الدولة، وبمعاقبة (5) متهمين بالسجن مدة (15) عاماً عن جريمة تعاونهم مع تنظيم دعوة الإصلاح الإرهابي ومناصرته في مقالات وتغريدات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي مع علمهم بأغراضه المناهضة للدولة.

كما عاقبت المحكمة (5) متهمين آخرين بالسجن مدة (10) أعوام وتغريم كل منهم (10) ملايين درهم عن جرائم غسل الأموال المتحصلة من جرائم إنشاء وتأسيس تنظيم إرهابي وتمويله، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام).

كذلك قضت بتغريم (6) شركات والمسؤولين عن كل منها بمبلغ (20) مليون درهم، وبحلّ وإغلاق مقار تلك الشركات ومصادرة أصولها وحقوقها المادية والمعنوية والأموال والعقارات والواجهات المملوكة لها، ومصادرة المواد والأدوات وكافة المتعلقات المضبوطة المتحصلة والمستخدمة في الجرائم المسندة إليها، وهي جرائم غسل الأموال الواقعة من جماعة إجرامية منظمة واستخدام متحصلات غسلها في تمويل تنظيم إرهابي.

الإخوان في الإمارات

تشير الاتهامات إلى أنّ تنظيم "العدالة والكرامة" تأسس عام 2011 من قبل أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في الإمارات، وقالت النيابة العامة إنّ التنظيم سعى إلى إسقاط نظام الحكم في الإمارات من خلال "استغلال الأحداث التي صاحبت ثورات الربيع العربي" لخلق حالة من الفوضى والعنف، كما اتُهم أعضاء التنظيم بالتخطيط لعمليات اغتيال وتفجيرات، وتجنيد أشخاص، واستقطاب أموال بطرق غير مشروعة.

تأسست جمعية (الإصلاح) عام 1974 كواجهة رسمية لجماعة الإخوان المسلمين في الإمارات، وهي امتداد للجماعة الأم التي أسسها حسن البنا في مصر عام 1928، وفي عام 2011 حظرت السلطات الإماراتية جماعة الإخوان المسلمين، واتهمتها بالسعي إلى تقويض أمن الدولة، بعد رصد العديد من المخططات التخريبية التي تبناها التنظيم. 

وكانت أبو ظبي وما زالت هي أول من قرع جرس الإنذار، وهي التي أخذت على عاتقها مواجهة الإخوان المسلمين منذ 1988، وتقليص نفوذهم، والسماح للتيارات الإسلامية الأخرى بالظهور، مثل: الصوفية وجماعة التبليغ والدعوة، والسلفية العلمية التي تتواجد بكثرة في عجمان والشارقة، بحسب مركز (المسبار للدراسات والبحوث). 

وكانت أبو ظبي قد رفضت السماح لجمعية (الإصلاح) بافتتاح مقر لها على أراضيها في السبعينيات، وتؤكد تجربة الإمارات مع التحديث الذي خاضت غماره منذ 1994 أنّ خلو دولة الإمارت العربية المتحدة من نفوذ إسلامي مسيَّس ـ سواء أكان تياراً أم تنظيماً أم حزباً قادراً على حشد الأتباع ـ هو ما سمح لها بخوض تجربتها مع التحديث من دون أيّ معوقات تعاني منها دول إسلامية وعربية أخرى نابعة من تسرطن المدّ الديني والفكر الإخواني.

لماذا تستهدف جماعة الإخوان دولة الإمارات؟ 

سعت كل من الإمارات ومصر لتكونا منارتين للفكر الإسلامي والثقافي المعتدل   والمنفتح على العالم العربي والإسلامي والغربي، الأمر الذي يقلق تنظيم الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية المتطرفة الأخرى التي تخرّجت في المدرسة الإخوانية، وفق (المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات). 

وتمتلك الإمارات قدرات سياسية واقتصادية وثقافية تقف بالمرصاد للفكر الإخواني وتتصدى له منذ أعوام عديدة، ممّا أدى بالتنظيم إلى بثّ الإشاعات والتضليل الإعلامي والتهجم على ما يمتّ بصلة للإمارات والسعودية وجهودهما في مكافحة الإرهاب   والتطرف في المنطقة، ممّا اعتبره الإخوان بمثابة تهديد وجودي مباشر لهم،   ولإيديولوجيتهم المتطرفة. وقامت دولة الإمارات بتعزيز مؤسسات وطنية بوسائل؛ منها التعاون الدولي لبناء القدرات ومنع العنف ومكافحة الإرهاب.

المحكمة حكمت على (43) متهماً بالسجن المؤبد عن جريمة إنشاء وتأسيس وإدارة "تنظيم لجنة العدالة والكرامة" الإرهابي بغرض ارتكاب أعمال إرهابية على أرض الدولة

وفي سبيل ذلك اعتمدت على عدة مراكز، تذكر الدراسة من بينها المعهد الدولي للتسامح الذي يهدف إلى بث روح التسامح في المجتمع، وتعزيز مكانة دولة الإمارات إقليمياً ودولياً كنموذج في التسامح، وترسيخ ثقافة الانفتاح والحوار الحضاري، ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق الفكري، وكل مظاهر التمييز بين الناس بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة.

وأيضاً مركز (هداية) لمكافحة التطرف العنيف الذي يعمل على بناء الشراكات مع مؤسسات عدة تعمل في مجال مكافحة التطرف العنيف، ويركز على مجالات مهمة مثل: الدبلوماسية الرياضية والثقافية، ومكافحة التطرف العنيف عبر المناهج التربوية، ونبذ الراديكالية في السجون، ودعم ضحايا الإرهاب.

إضافة إلى مركز (صواب)، الذي أطلقته دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف إلى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب. ويتطلع المركز إلى إيصال أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممّن يرفضون الممارسات الإرهابية، والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها أفراد التنظيم. 

كما يعمل مركز (صواب) على تسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح، وإتاحة مجال أوسع لإسماع الأصوات المعتدلة التي غالباً ما تضيع وسط ضجيج الأفكار المغلوطة التي يروجها أصحاب الفكر المتطرف.

مؤشر على استقرار الدولة 

يعتبر الكاتب عبد الله بن بجاد العتيبي أنّ التصدي لمخطط تنظيم (العدالة والكرامة) الإرهابي، يعكس قدرة دولة الإمارات على حفظ أمنها واستقرار الدولة. 

وفي مقال نشرته صحيفة (الاتحاد) يقول العتيبي: إنّ "قصة دولة الإمارات مع جماعة الإخوان تستحق أن تُروى وتُنشر، ففيها كل ما يؤكد سمعة الإمارات كدولة راسخة البنيان في الاستقرار والأمن والتسامح أيضاً. 

ويضيف: "الكلمة التي أطلقها الشيخ زايد بالصوت والصورة وهو يقول: "يجب ألّا نسمّيهم بألقابهم التي يسمون أنفسهم بها كـ (الإخوان المسلمين)، إنّهم يختارون ألقاباً كما يريدون، ولكنّهم يتصرفون تصرف الفسقة الكفرة"، وهي كلمة مشهورةٌ وموجودة على موقع (يوتيوب).

ويتابع: "كتب الإخواني السابق علي عشماوي مخاطباً سيد قطب في الستينيات: "والإخوان في إمارات الخليج اختاروا الأخ (ع. إ) مسؤولاً، وهو أحد الإخوان الذين هربوا من مصر عام 1954 إلى ليبيا، ثم اتجه بعد ذلك إلى الخليج حيث عاش مدةً طويلةً هناك وانتخبه الإخوان مسؤولاً". 

القيادي الإخواني علي عشماوي

وجاء في كتاب (الحركة الإسلامية) أنّ الهضيبي في عام 1973 "عقد أوّل اجتماع موسّعٍ للإخوان، ونظراً لأنّ معظم الإخوان في الخارج هاجروا إلى منطقة الخليج والجزيرة العربية، فقد تركّز عمل لجنة العضوية في تلك المناطق؛ فتشكّلت لجنة الكويت، ولجنة قطر، ولجنة الإمارات". 

وفي 2004 كتب النفيسي: واللافت للنظر، وفق العتيبي، أنّ (الإخوان) القطريين نصحوا الإخوان في الإمارات أكثر من مرّة أن يتخلّوا عن فكرة "التنظيم"، لأنّ تبعات التمسك بها كانت خطيرة وثقيلة، ولأنّ الأهداف العامة للتحرك قابلة وممكنة التحقيق دون الحاجة إلى "تنظيم" رسمي يُحرّك حساسية الدولة، هذه حقائق ينقلها عناصر إخوانيون يثبتون بها وجود التنظيم السرّي في الإمارات ورفض قياداته وعناصره التخلي عنه حتى مع نصائح بعض عناصر الجماعة لهم بذلك.

ويقول العتيبي: إنّ هذا الإعلان يؤكد مجموعة من الحقائق؛ منها قوة استقرار الدولة ورسوخ أمنها المستمر والدائم، وأنّ الرفض لهذه التنظيمات السرّية راسخٌ ومستمرٌ، وأنّ التعامل معها يتمّ عبر الدستور والقوانين والمحاكم، وأنّ المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية لا تجد مطعناً فيه، أمّا أنصار جماعة الإخوان، فهم أضعف من إثارة أيّ جلبة في هذه المرحلة مثلما كان يحدث سابقاً.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية